السؤال الذي ظل لزمن بعيد يورق مخيلتي التعبة، ولم اجد له اجابة ناجعة مقنعة حتى اللحظة، هو تلك التسمية الغريبة التي تطلق على المشتغلين بالثقافة عن قرب وجدية او عن بعد ومن اجل الكشخة والفنفخة كما يقال دون شعور بمسؤولية الثقل التي تتركه تلك الكلمة السحرية في عقول الاخرين مهما كانت حدود مداركهم المعرفية ومستوياتها، يقال ان فلان مبدع كبير … فتصدق القول وتروح بحكم تاثير الكبر والابداع تبحث عن الدليل الذي يوصلك الى بر الامان والقناعة التي تستطيع ان ترسخ في اعماقك تلك الفكرة لكنك لا تجد ولن تجد سوى كم هائل من الادعاءات بعضها لايصل الى حد ان يقال عنه ابداعا والبعض الاخر من الغث المليء باكاذيب زمن الرداءات والترهات، ومن بعد ثلاثة عقود من هجر المبدع المفترض لابداعة تطالعك الفضائيات بصوره وكلماته الجميله على انه محمد الفاتح الجديد ليتحدث عن اخر التقنيات في علوم المسرح والاسس المنطقية في بناء مسرح عراقي يستطيع تجاوز محنة انتكاسات الثقافة العراقية التي تتراجع كل يوم وبحسب تعبيره ثلاثة امتار ولولا وجوده على راس تلك الموسسة لضاع كل شيء وذهب ادراج الرياح مثلما ضاع الكثير من موجودات الوطن الانسانية والاخلاقية والسياسية، ولكي اكمل الصورة دون رتوش اقول ان هذا المبدع الكبير قدم عام 1981 اخر مسرحياته الفاتحة وكانت مثار جدل لانها لاترتكز الى متغيرات جمالية، ثم صمت الرجل وراح يعلم طلبة الفنون الجميلة دروسا في الاخراج والتمثيل برغم انه لم يمثل مشهدا واحدا لافي الاذاعة ولا في التلفاز، ورضي بقسمته ونصيبه الى ان حدث التغيير فظهر مديرا عاما يطبل لكل وزير اتى ويذم كل وزير ذهب وبينهما يدعي انه المحيي للمسرح والقائم على اموره ولولاه لغرقت سفن المعرفة وما فيها.
وشفوقي الجهبذ ابتكر مع كم من الجهابذة الفاتحين اسلوبا جديدا، ليعد كواحد من اكبر واعظم منجزاته الفكرية في زمن بيع الافكار بالمجان، حيث اصدر قرارا فائق التقدير مع توقيع بقلم احمر ( والاحمر يذكره بيوم كان ينادي بدعم اليسار العراقي قبل ان يتحول الى …. ) (يقول تق… ) يقول تقرر منع دخول الصحفيين وجميع وسائل الاعلام الى دائرة السينما والمسرح الا بتصريح ملكي خاص، ولا يجوز المراجعة او التوسط من اجل دخول من كتب او تعرض لشخصه الكريم بشيء من القدح لانه كامل الاوصاف ولا ياتيه الخطأ من يمينه ولا من يساره، وان سمع البعض باخطاء فهي من باب الاشاعات الديمقراطية المغرضة التي تحاول ايقاف عجلة التقدم الذي جعلته يسافر اكثر من ثلاثين سفرة في العام الواحد ويرسل سكرتيره الشخصي الذي رقاه الى معاون له واعطاه نصف صلاحيات المملكة بسفرات ودورات سنوية تجاوزت العشرين برغم ان الفتى كان موظف استعلامات في دائرة ثقافة الاطفال وانه لم ير حتى مسرحية واحدة، والاشاعات تقول انه الامر الناهي قبل اعادته ثانية الى حيث كان، ويستمر شفوقي بخلق نوع من البطانات الجهبذية النبيلة والشفوقة وغير المتعثرة والصافيةليقرروا ان على وزارة الثقافة ان تتخلص من عبأ هذا الرجل المريض فتحول الموسسة الى شركة مساهمة يكون اعضاء مجلس ادارتها البطانة نفسها مع راحة البال من ان الوزارة تاخذ حصتها كاملة مكملة، وستعرض على خشبة هذا المسرح الذي كان وطنيا ارقى واحسن المسرحيات، متجاوزة في ذلك مسرحيات المجنون ابو الفلافل بحسب تعبيرهم (شكسبير)، ومحاولة بكل جد وتفاني محو ذاكرة الناس من صور صلاح القصب المرعبة ومسرحه الصوري الذي لم يتجاوز حدود متلقيه على طول الاعوام سوى بضعة الاف يستطيع شفوقي ونعثوري استقطابهما بليلة واحدة على ايقاع _دك عيني دك) ورقصات الموقرة ملايين وربماغيرهما، ومع هذا كله لايحق لناقد مسرحي او مثقف عارف الكتابة عن السخف الانساني الذي وصلنا اليه والا ستقام الدعاوى وتعقد الحلقات وطبعا وهذا ليس بالغريب ضمن دائرة الفن سيخرج انصار شفوقي بمظاهرة ديمقراطية مثلما ظهروا انصار لوي حقي ذات يوم بمظاهرة شعبية ديمقراطية اشتراكية تريده ان يبقى مدير مدى الحياة مثلما كان المبجل عيدي امين، واعوان شفوقي ونعثوري ومن هم بدرجة معاون هم ذاتهم المدفوع لهم سلفا والمسافرين سلفا والموجودين في اعمالهم التي تدر ارباحا طائلة ربما ستسهم في سد العجز المالي لجمهورية ( سهر الليالي ) التي تحاول النهوض يوميا من غفوتها التي طالت.
ومن عجائب شفوقي ومكارمه المكرمه انه اعلن عن اعادة اعمار المسرح الوطني، واقيمت الافراح ونحرت الذبائح ليستلم المقاولة واحد من اقرب اقرباء شفوقي وهنا كومة صبغ وهنا اعادة انبوب مكسور قيل ان الحياة قد عادت الى مجاريها والذي لا يصدق عليه ان يزور السرداب ليعرف كم كان جهد شفوقي وصاحبه عظيما لان السرداب لايزال ينز بالماء، اما الكافتيريا التي كانت مظرب الامثال ذات يوم فسلم ادارتها ايجارا الى صديق فراحت تتحول الى مقهى بائسة من مقاهي
ولي الحق بعد كل تلك الجهود التي بذلت اين هو المسرح العراقي الذي استطاع شفوقي وبطانته ان يقدموه للناس ايام المحن وهذه الايام..؟، كم عرضا مسرحيا قدموا في مدينة الصدر و الشعلة والبصرة والفهود والعماره والرمادي والفلوجة، وكلها مدن تحتاج الى جهد معرفي وبخاصة من لدن المسرح الم يقل احدهم ممن كان يؤمن به شفوقي ( اعطني خبزا ومسرحا اعطك شعبا مثقفا ) الحمد لله وزارة التجارة وفرت الخبز وان كان مغشوشا فاين هو المسرح، وما الذي فعله من اجل تفكيك عرى الطائفية السياسية التي اصطف شفوقي ونعثوري وسواهما في صفوفها؟
ومالذي فعلاه من اجل المسرح المدرسي..؟، اوتكفي تلك المهرجانات البائسة التي لايحضرها سوى الاعوان ولاتقام الامن اجل حضور هذا المسوؤل او ذاك ..ومالذي فعلته الفرق المسرحية الذاهبة يوميا والراجعة يوميا لتصرف مئات الالوف من الدولارات.. هل افادة شبابنا بشيء، وماهي الجوائز البائسة التي تعطى للمجاملة التي حصلنا عليها؟
وهل تساوي قيمتها الفكرية والمهنية ما انفق من اجلها، ام ان شفوقي نسي الارقام والمدفوعات والمردودات… وراح يرفع صوته بانه المنقذ الذي وجدها بعد تفكير السنوات الست العجاف التي تربع بها على كرسي صدارة السينما والمسرح. ولن اتحدث عن السينما مع شفوقي لانني اعرف الجواب مسبقا وكلكم يعرفه من ان الدائرة تعمل على اساس التمويل الذاتي وانها لا تستطيع ان تنتج حتى شريطا سينمائيا من ربع ساعة، اذن افتونا ايها السادة واولهم شفوقي لمن سينما ومسرح وندوات ومهرجانات وسفرات وصراعات قائمة مثل حرب البسوس ومنع صريح فيه مخالفة لقانون الصحافة ما دمنا نعرف جميعا اننا لم نعد نصلح لشيء سوى التصفيق لشفوقي واصطفافاته الطائفية السياسية؟
اقول .. لم … واهمس … والله شفوقي لو دمت لك لما الت اليك!!