كان أملنا في أن يكون التحالف الوطني سفينة نجاة لشيعة العراق تقودها قواهم السياسية وتحترم إرادتهم وتصون حقوقهم وترفع الظلم والحيف عنهم ، ومع الأسف ركب هذه السفينة مجموعة أقل ما يقال عنهم خبثاء تلبسهم الخَبَل وركبهم الجنون وحب الشهرة يقودهم العُجب واللئم ، كل منهم يريد أن يمسك بدفة القيادة ويوجه السفينة حسب هواه ومنهجه وإلا يهدد بخرق مكان جلوسه فيها ليغرقها.
تتعالى هذه الأيام صيحات ترشيح رئيسا للتحالف الوطني ، ظهر النزاع علنا بين كتلة الدعوة وكتلة المجلس الأعلى إذ يرغب كلا منهما بتنصيب صاحبه على منبر الرئاسة ، وكأنهما يتنازعان حقا توارثاه من آبائهم وأجدادهم ، وهنا نسأل: هل أن الشيعة يتمتعون بحال يُحسدون عليه كي يتصاعد النزاع على منصب تافه؟ وهل أن هذا المسمى بالتحالف الوطني مؤسسة قدمت انجازات لناخبيها طيلة هذه الفترة؟ وهل أن المرشَحَين لهذا الموقع أهلا لقيادة التحالف؟ ومن منحهما هذا الحق في التصدي لهذه المسؤولية؟
لم يقدم التحالف الوطني ( الشيعي ) انجازا لشيعة العراق إطلاقا ، بل فرط في حقوقهم وتنازل عنها لخصومهم وتراجع أداء أعضاءه فرادى وأحزاب وكتل ، إنما صار التحالف مغنما لأغلب هؤلاء فازدادوا ثراء ورفاهية وأعتبروه حقا قانونيا يمارسونه في كل زمان و مكان.
قدم لنا هؤلاء بضاعة الحقد والكراهية والضغينة وإشاعتها بين أبناء الطائفة الواحدة ، لم نتعلم منهم سوى طريقة الكذب والخداع والتسويف والمماطلة ، لم نتعلم منهم سوى الإستيلاء على العقود في الوزارات ومؤسسات الدولة ونهب المال العام والثراء الفاحش ، نعم نعلم لماذا قام هؤلاء بإقصاء الشرفاء والمخلصين وإبعادهم؟ و كيف استعانوا بالجهلة والمتخلفين وأبناء الشوارع والسقطة والحرامية والمتملقين ومنحوهم مناصب وسلطوهم علينا في دوائر الدولة ووسائل الإعلام ، ونعلم كيف حول هؤلاء اتباعهم الى بهائم وإمعات ينعقون معهم ويرددون عباراتهم على غرار ما قام به طاغية البعث. هؤلاء الذين منحوا المناصب والإمتيازات والصفقات الى أبنائهم وأصهارهم وإخوانهم وأقاربهم من البعثين وأرباب السوابق ونبذوا أصحاب التاريخ الجهادي الناصع ومنعوهم حقهم ، هؤلاء الذين استعلوا في الأرض وجعلوا لهم حصونا وحمايات و خدما وعبيدا ، نعرف أنهم استلموا الأموال من الأمريكان والسعودية والإمارات وتحت عناوين شتى و نعرف كيف اشتغلوا سماسرة لشركات المخابرات التركية وفتحوا لها مكاتب في بغداد والبصرة.
لم نعرف عن هؤلاء سوى إجادتهم التآمر على بعضهم البعض والاستعانة بالخصوم والأعداء من أجل المنصب على حساب الكرامة والأخوة والعقيدة ، و لا نعرف عنهم غير المكر السيء والدسائس والخديعة وتزييف الحقائق ، لا نعرف عنهم سوى الضِعة والخنوع والتصاغر أمام الخصوم حفاظا على مصالحهم الشخصية والحزبية.
نعم لا نقبل بترشيح علي الأديب لرئاسة التحالف لأنه لايقل سوء عن ميتافيزيقة ابراهيم الجعفري ومصطلحاته وأفكاره المبهمة وتكبره وتعاليه ، وليكشف لنا من أين له هذه الممتلكات والعقارات والأرصدة وكيف حصل عليها؟ ولا نقبل بالمالكي أن يعود رئيسا للتحالف أو رئيسا للحكومة بعد أن سلم مقاليد الأمور الى ولده وأصهاره وأبعد قيادات الحزب عن القرار؟ ولا نرضى أن يكون قياديا آخر من حزب الدعوة رئيسا للتحالف بعد أن تآمرت هذه القيادة الرعناء على الأمين العام لحزبها وأقصته بطريقة خبيثة ولئيمة.
وكذلك لا نقبل بترشيح عمار الحكيم أو مقتدى الصدر، وهما يتمتعان بعلاقات سرية وصفقات مع أعداء الشيعة في الداخل والخارج ، ولم يكشفوا لنا كيف حصلوا على هذه الأموال والأمتيازات علما أن آبائهم وأجدادهم ماتوا فقراء لا يملكون شيئا ، فلم يحدثنا التاريخ يوما عن آل الحكيم أو آل الصدر أنهم كانوا من أغنياء العراق ، بل مات السيد محسن الحكيم رحمه الله مدينا ، و مات السيد محمد باقر الصدر وهو يسكن بيتا في المقبرة و كذلك مات السيد محمد صادق الصدر فقيرا ، فما بال مقتدى الصدر لا يسافر إلا
بطائرة خاصة ؟ ولماذا يقيم في لبنان ويترك ساحات الجهاد والمقاومة اذا كان حقا يؤمن بالمقاومة والجهاد؟ ولماذا هذا التهاون في فتوى الجهاد ولايبدي مشاركته إلا على استحياء؟
يتوجب على عمار الحكيم أن يكشف لنا كيف استولى على العقارات في الكرادة والشوارع المحيطة بها وحولها الى ملكا صرفا له؟ ومن أين له هذه الأموال التي يغطي بها نفقاته الباهضة؟ وعليه أن يكشف لنا عن سر العلاقة مع الكرد وعن الأتفاقيات السرية مع مسعود البارزاني و يكشف للشيعة عن سرالعلاقة الحميمة مع أسامة النجيفي وأخيه أثيل ، وماهو سر العلاقة مع تركيا والسعودية وقطر والأمارات؟ وما هو حجم الأرصدة التي يملكها في بنوك دبي وبنوك العالم ؟ وما هو دور مستشاره (قصي محبوبه) في الصفقات الإقتصادية؟ وما هو سرعلاقته مع البعثين الأوائل والشخصيات الصدامية السابقة من أمثال رجل الأعمال وشريك آل طلفاح توفيق العبادي في البصرة وشركاته المسجلة في الكويت ويبرم عقودها مع محافظ البصرة؟ وما هي قصة عقد محطة الكهرباء الذي وقعه محافظ البصرة النصرواي وبحضور قصي محبوبه مع شركة الوهابي (داود الجُميح) وشركائه اللبنانيين المطرودين من منظمة أمل واستلم منهم خمسين مليون دولار؟ وما هي قصة شركة ( انترناشنال هيل ) التي تحتل القصور الرئاسية في البصرة وبإدارة قصي محبوبه ؟ وأن يكشف لنا مَنْ أوعز له بالتخلص من منظمة بدر؟ ولماذا أدار ظهره للجمهورية الأسلامية في ايران؟ وهي التي رعته وقدمت له المساعدات في أيام الضيق والعسر ( وإن كان يتزلف لإيران نفاقا ) ، عليه أن يكشف لنا عن سر العلاقة والأجتماعات السرية بينه وبين السفيرين الأمريكي والبريطاني في بغداد..! لماذ يتستر عمار على نسيبه الشيخ حسين المؤيد الذي تحول الى المذهب الوهابي الناصبي ويسب الشيعة ومذهبهم على فضائيات آل سعود؟ ولماذا يأوي أولاد المؤيد ومنحهم مناصب قيادية في المجلس الأعلى؟ لماذا تخلص من الشرفاء وأقصاهم من المجلس الأعلى واستبدلهم بالنكرات والصغار؟ لو أن عمار الحكيم شجاعا فعلا عليه الأجابة على هذه الأسئلة في منتداه الثقافي علنا بلا وجل أو خشية من أحد ولا أظنه يفعل ولن يفعل…! لا نقبل بعمار الحكيم رئيسا للتحالف الوطني كي لا يتحول التحالف الوطني الى ملكا صرفا بطابو عثماني الى بيت الحكيم كما تحول المجلس الأعلى ملكا وأرثا لهم… يتحدث عمار الحكيم متمشدقاعن سيرة جده المرجع الكبير السيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه ، وبالله أقسم لو قدر الله للسيد محسن الحكيم أن يبعث حيا اليوم و رأى عمار بهذه الخيلاء والكبرياء تحيطه مجموعة من المتملقين والحرامية والسفهاء لأقام عليه الحد الشرعي وعزرّه..!
نعم نريد رئيسا للتحالف الشيعي شريفا عزيزا نظيفا شجاعا بمواصفات السيد حسن نصر الله والسيد الحوثي لا يفرط بمصالح أهله وأتباعه ، لا يماري ولا يداهن ولايزيف الحقائق ولا يتخفى بشعار أبناء المرجعية الذي سئمنا سماعه ، نحن بحاجة الى قائد مستقل لا ينتمي لغير الشيعة ولا يحمل في رأسه أجندة ترسمها له السفارة الأمريكية والبريطانية والتركية في بغداد ، نحن بحاجة الى قائد يخلع البدلة وربطة العنق والعباءة الثمنية والجبة والعمامة الأنيقة و يتوسد الأرض ويحمل السلاح مع المقاتلين الأباة ويتقدم الصفوف في الخطوط الأمامية لجبهات القتال ويقدم أولاده وأخوته وأصهاره وأبناء عموته شهداء ، ولا يكتفي بالصور والخطابات الجوفاء واللقاءات الصحفية وعلى الفضائيات ، ولا أن يجلس في المنطقة الخضراء أو في الكرادة أو في النجف أو يقيم في بيروت.
شيعة العراق اليوم أقوى من أي وقت وعلى كل المستويات ، أقوياء على الأرض وفي السلطة فلماذا تُفرض عليهم قيادات لا تملك أبسط مقومات ومواصفات القيادة؟ شيعة العراق اليوم أقوياء لأن الله معهم والأغلبية من الشعب معهم والمرجعية الدينية معهم وايران معهم والأموال والسلطة بيدهم وتحت تصرفهم ، فلماذا هذا الضعف والهوان؟ ولماذا هذا التنازل؟ ومن أجل من؟ ولماذا نسلم رقابنا بيد هؤلاء الذين لا يهمهم سوى مصالحهم وعلاقاتهم الشخصية والعائلية؟
القائد الحقيقي لشيعة العراق اليوم رجال الحشد الشعبي الشجعان الذين سطروا الملاحم وسقوا الأرض بدمائهم المقدسة دفاعا عن المقدسات والأعراض والمذهب ، هؤلاء هم القادة بحق ، أنعم وأكرم بهم ، نعم هؤلاء قادتنا اليوم ونتشرف بهم صغارا وكبارا ، ومع كل إحترامنا لأصحاب التاريخ الجهادي السابق وهم أصحاب السبق الأول لكن المعركة لازالت مستمرة والميدان هو الميدان والعدو هو العدو ولهذا نقول و لا نبخس الناس أشيائهم فهؤلاء الشجعان اليوم في الحشد الشعبي هم الأجدر بالقيادة والزعامة من عمار الحكيم ومقتدى الصدر ونوري المالكي وعلي الأديب والعلاق والحلي وغيرهم ، نريد الخلاص من هؤلاء بأسرع وقت كي لا نتحول الى عبيد أو سلع رخيصة يتوارثنا أبناء هذه الأسر ويتحكمون بمصيرنا جيلا بعد آخر ويعتبرون أنفسهم أصحاب الحق المطلق في إدارة شؤون شيعة العراق وتمثيلهم ومصادرة إرادتهم.