10 أبريل، 2024 4:03 م
Search
Close this search box.

شــيعة العـراق…. بعـد عـام من التغـييــر

Facebook
Twitter
LinkedIn

التغييرالسياسي الذي طالبت به أغلب القوى السياسية العراقية بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة عام 2014 لم يكن تغيرا مجديا أو حلا ناجعا لمشكلات العراق السياسية والإقتصادية بقدر ما كان الغرض منه استبعاد نوري المالكي باعتباره في نظر خصومه سببا مباشرا لإثارة الأزمات السياسية في العراق وعلى الرغم من حصوله على الأغلبية في الإنتخابات إلا أن خصومه تمكنوا من تنحيته ونجاحهم باختراق الحلقة الأقرب في حزب الدعوة واقناعهم بتقديم بديلا عنه وتم ذلك بمساعدة وتدخل المرجعية الدينية في النجف الأشرف ، والمفارقة الغريبة والعجيبة في قضية تنحية المالكي هي إنها جاءت متطابقة مع هدف داعش والقوى السياسية السنية المرتبطة بها في سقوط الموصل إذ اثبتت الوثائق مثل وثائق (وكيليكس) وغيرها وتصريحات بعض السياسين الكبار في المنطقة مثل ( السيد نصر الله ) أن احتلال الموصل مؤامرة سعودية هدفها اسقاط حكومة المالكي في بغداد….!

أثبتت الوقائع أن الكرد وحلفائهم من المجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم هم الذين استفادوا من تغير المالكي فقط ، إذ حصل المجلس الأعلى على وزارات مهمة مثل النفط والنقل والرياضة والشباب بالإتفاق مع الكرد وفق تعهدات ومواثيق مشددة لتنفيذ مطالبهم في تصدير النفط ودفع حصة الأقليم من الموازنة وتسديد رواتب البيشمركة وغيرها ومن هنا يصرح الناطق باسم المجلس الأعلى ( أبو كلل ) بقوله: ( لولا الكرد لم يستلموا الشيعة الحكم في العراق) بمعنى آخر لولا الكرد ما تمكن المجلس الأعلى من استلام هذه الوزارات المهمة في الحكومة العراقية على الرغم من حصوله على ثلاثين مقعد في البرلمان ، وهذا المفصل بالذات شكل عبئا كبيرا على الأقتصاد العراقي وسبب عجزا ماليا مخيفا في الموازنة العراقية وليس انخفاض سعر النفط وحده سببا للأزمة الأقتصادية في العراق لأن الكرد تمكنوا من استلام أكثر من 50% من ميزانية العراق في الحسابات الدقيقة. يبذل عادل عبد المهدي جهودا مضنية ويقدم أفكارا شيطانية من أجل توفير الأموال اللازمة لتسديد حصة الكرد وبالتعاون مع وزير النقل باقر صولاغ ونائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي وبالتنسيق مع وزير المالية الكردي هوشيار زيباري.

لم تكن مشكلة الكهرباء حالة مستجدة في العراق بل كانت معضلة منذ أيام الطاغية ولم يكن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف الماضي أقل منه في هذا العام وكل الحلول جاءت ترقيعية ومارافقها من حالات فساد رهيبة ولهذا كانت الكلفة عالية جدا. في الصيف الماضي 2014 كانت الكهرباء أفضل بكثير من الصيف الحالي 2015 لأن نوري المالكي اتخذ في حينها إجراءات جريئة لتحسين وضع الكهرباء منها تزويد اصحاب المولدات الأهلية بالوقود مجانا واجبرهم على تخفيض سعر الأمبير الواحد وفرض عليهم نظام التشغيل المبرمج ، وعمد على تحويل حصة الكرد من الكهرباء الى محافظات الوسط والجنوب واستعان باستيراد الكهرباء من ايران ، الذي يحصل الآن وبتخطيط من عادل عبد المهدي هو منع تزويد اصحاب المولدات الأهلية بالوقود بل عمد على عدم تزويد محطات وزارة الكهرباء بالوقود ، وتقليل استيراد الكهرباء من ايران بسبب قلة الموارد المالية ، كل هذه الإجراءات الغرض منها توفير الأموال لدفع حصة كردستان وتأمين الأتفاق معهم وهذا المهم والأهم جدا في نظر عادل عبد المهدي وزعيم حزبه عمار الحكيم أن يرضَ عنهم الكرد حتى لو سخط عليهم الشعب العراقي جميعا لأن عدم رضا الكرد عنهم يعني فضيحة مجلجلة للمجلس الأعلى ، يعني خسارته للمواقع الوزارية ، يعني كشف كل اسرار صفقات النفط التي عقدها عادل عبد المهدي مع بارزاني…!

تشهد العاصمة بغداد والمدن العراقية الأخرى مظاهرات عارمة تطالب بتحسين الخدمات بعد أن اشارات المرجعية الدينية الى حق الشعب في التظاهر وعلى المسؤولين في الحكومة الإصغاء لمطالبهم والسعي بجدية لتحقيقها فلم يلمس الشعب عموما أية مظاهر لتحسين الوضع الخدمي بعد عام من التغير المزعوم ، خطاب المرجعية هذا سبب حرجا لكل القوى السياسية الشيعية تحديدا ، ولهذا نسمع تصريحات خصوم

المالكي واتباعهم يتهمونه ويحملونه المسؤولية بكل ما حصل وما يحصل من تردي في الوضع الخدمي والمعيشي وأشد هؤلاء هجوما عليه خصومه من الشيعة خصوصا مسؤولي المجلس الأعلى والتيار الصدري ، كما أن هذين الفصيلين لديهم تحفظات وتخوفات من المظاهرات الشعبية ويسعون جهد إمكانهم لإفشالها وإضفاء صفة اللاشرعية عليها أو وصفها بأنها تظاهرات تقودها عناصر مرتبطة بقوى خارجية أو فيها عناصر داعشية تستغلها لتخريب العملية السياسية وغيرها من التهم والسبب الحقيقي وراء هذه المواقف هو لأن المجلس الأعلى والتيار الصدري وأتباعهم يعتبرون أن هذه الحكومة هي حكومتهم وأي هجوم عليها أو الأساءة لها يعد بمثابة هجوم عليهم واساءة لهم ويهدد وجودهم ويقوض مناصبهم ومصالحهم ، وأي تصرف أو أجراء يمارسه حيدر العبادي أو قرار يصدره دون موافقتهم يعتبرونه تحدٍ لهم لأنهم يعتبرون حيدر العبادي صنيعتهم وهم من أجلسوه في هذا المنصب ، ومن المؤكد أن حيدر العبادي يدرك هذا جيدا ويحاول التغاضي مهما استطاع عن تصرفات المجلس الأعلى والتيار الصدري لكنه يستطيع بنفس الوقت استخدام كل صلاحياته الدستورية دون الرجوع إليهم مستعينا بأعضاء كتلة دولة القانون التي ينتمي إليها ، ومن المؤكد أن حيدر العبادي سيتعامل مع هذه المظاهرات بمنتهى الذكاء والفطنة والحذر وبدرجة عالية من التحضر والمدنية بما يليق به كرئيس وزراء جريء ويتصرف بالعكس تماما من نهج مقتدى الصدر وعمار الحكيم و وزرائه وتصريحاتهم الإستفزازية.

هذه التظاهرات جاءت بعد عام من التغيير المزعوم لتثبت خطأ نظرية التغيير وتكشف زيف الإدعاءات والإتهامات المفتعلة ضد أي رئيس حكومة شيعي تولى المنصب سابقا أو حاليا أو سيتولاه مستقبلا…!

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب