23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

شـــيـعـة العـــراق… المرجـعـيــة الدينيــة والتغـيـــر الحـقـيـقــــي

شـــيـعـة العـــراق… المرجـعـيــة الدينيــة والتغـيـــر الحـقـيـقــــي

ربما يعني التغير الذي ينشده البعض تنحية رئيس الحكومة ، وربما تأتي نتائج الأنتخابات بكتلة جديدة تتولى قيادة البلاد وفق مشروع سياسي أو شعار ترفعه ، وقد يؤدي التغير أحيانا الى غياب بعض الوجوه في داخل الكتل الكبرى مع بقاء زمام الأمور بيد زعمائها ، ومن المحتمل أيضا أن يكون غياب بعض الشخصيات للأسوء وليس للأحسن ، لأنها عملية إبعاد للمخلصين وإستبدالهم بعناصر سيئة مهمتها إثارة الأزمات وعرقلة المسيرة ، أو استبدالهم بعناصر نكرة غبية لادراية لها بعالم السياسة ليكونوا اكثر ولاءً لرئيس الحزب ، وبهذا ستكون عملية التغير غير مجدية ونتائجها سلبية بدرجة عالية.

وجهت المرجعية الدينية العليا بإنتخاب الأصلح في كل القوائم لعل إجتماع هؤلاء الصلحاء يقود الى التغير نحو الأحسن وهذه دعوة صادقة ومصيبة جدا للتغير ، لأنها تدعو الى إبعاد الفاسدين والمعرقلين لغرض الإرتقاء بالأداء الى الأحسن ، والمعروف لدى الجميع أن المرجعيات الدينية على طول تاريخها لم تتدخل في التفاصيل وإنما توضح الكليات تاركة فهم الجزئيات للمكلفين ، بما معناه أن المرجعية ترسم الخطوط العريضة وتعطي حرية التطبيق لمن يتصدى للتكليف ، والمثال على ذلك في عام 2003 عندما أصرت المرجعية على أمرين جوهريين هما إجراء إنتخابات ، وكتابة الدستور بأيدي عراقية منتخبة ، وبهذا أنقذت العراق من مآسي الحرب الأهلية وقوضت المشروع الأمريكي في العراق.

لذا فأن التغير الحقيقي المنشود ليس بتغير الأشخاص والوجوه وإن كان هذا ضروريا في بعض المواقف ، بل هو في الحقيقة تغير في طريقة قيادة البلاد من خلال تبني مشروع قيادة شيعة العراق لوطنهم وإدارة ثرواتهم بما يتناسب وثقلهم السكاني والأقتصادي. وعلى أساس هذا الفهم لابد من تشكيل هيئة سياسية شيعية عليا من هؤلاء الصلحاء الذين سيتم انتخابهم من كل القوائم وستضم هذه الهيئة ممثلين عن المرجعية الدينية تأخذ على عاتقها صيانة حقوق أبناء الطائفة وكرامتهم وحقن دمائهم ، حينئذ لا يهم من سيكون رئيسا للوزراء سواء كان من التيار الصدري أو حزب الدعوة أو من المجلس الأعلى أو من الفضيلة أو مستقلا اذا كان مرشحا من قبل هذه الهيئة السياسية العليا وملتزما ببرنامجها وتعليماتها وسيتعرض للمحاسبة القاسية مثل العزل أوالإقالة اذا تطلب الأمر واستبدله بشخص آخر في أي وقت بمجرد الأيعاز لنوابها في البرلمان الذين يشكلون الأغلبية فيه.

هذا المقترح ليس ضربا من الخيال أو بدعا من القول ، بل هو إجراء معمول به في أغلب دول العالم التي تتبنى النظام الديمقراطي اذ يضطر الحزب الحاكم في بعض الأحيان الى إقالة رئيس الحكومة واستبداله بشخص آخر اذا قصر في واجباته أو تقاعس في تطبيق المشروع المتفق عليه وقد يضطر

الحزب الى تجميد عضوية أحد أعضاء البرلمان ومعاقبته أو أحد الوزراء كذلك والشواهد كثيرة على ذلك..

نعتقد أن هذا هو التغير الحقيقي وهو الهدف الأسمى الذي يسعى الشرفاء والمخلصين والصالحين لتحقيقه أينما كانوا ومن أي موقع وسوف تباركه المرجعية الدينية العليا وتشجع على تبنيه ، نناشد كافة السياسين والكتاب والمثقفين والناشطين وكافة أبناء الأغلبية المظلومة للتظافر جميعا من أجل الضغط على زعماء الشيعة في العراق لتبني هذا المشروع…