قامت العملية السياسية وفقا للأتفاق بين العرب الشيعة والأكراد على أساس أن يتولى الشيعة إدارة الدولة من خلال منصب رئاسة الوزراء ، ويتولى الأكراد إدارة إقليم كردستان بأنفسهم طبقا للنظام الفدرالي الجديد الذي نص عليه الدستور العراقي… وللتذكير فقط فأن الرئيس الطالباني أفصح عن هذا الأمر أبان فترة أزمة سحب الثقة قائلا: ( أن منصب رئيس الوزراء للأخوة الشيعة بإعتبارهم يشكلون الأغلبية في العراق ).
استغل الأكراد ضعف قادة الشيعة وتناحرهم مع بعضهم للمطالبة بامتيازات إضافية حتى أن البارزاني لم يكتف بتقليص صلاحيات رئيس مجلس الوزراء بل أعطى لنفسه الحق في تغيير رئيس مجلس الوزاء ضاربا عرض الحائط قوانين اللعبة السياسية مستغلا الأزمات الشيعية السنية ، والشيعية الشيعية للتمدد على حقوق العرب الشيعة حصرا جاعلا من نفسه القائد الحقيقي للعراق وعلى الجميع أن يولوا وجوههم صوب محراب كردستان لأداء فروض الطاعة والتسليم لآوامره.
الحقيقة المرّة أن زعماء العرب الشيعة تعاملوا الأكراد بعاطفية وبإخلاص تام ولم يلتفتوا الى خطورة هذا الأمر بل تغافلوا عنه وعاشوا في دوامة الخلافات الداخلية ونسوا أنهم قادة العراق الجديد وعليهم أن يفكروا بطريقة جدية في ترتيب كيانهم ومسك الأرض والتعاون في إدارة مفاصل الدولة المهمة والتحكم فيها.
السؤال المهم : هل يستطيع زعماء شيعة العراق تغير قواعد اللعبة السياسية لصالحهم من جديد؟
الجواب ( نـعـــم ) وبلا تردد ، ومن باب (الحرمات قصاص) وعلى قادة الشيعة اليوم استغلال الخلافات الكردية الكردية وخلافات السنة مع بعضهم واستثمارها الى أقصى درجة لغرض فرض مشروعهم ويكون رأي الشيعة هو الأول والأعلى مقاما وأحتراما لدى الجميع ، وهذا الهدف ليس من الصعب تحقيقه ، بل هو سهل المنال ، ومن الواجب على كل شيعي شريف مهما كان إنتمائه وتوجهاته أن يسعى الى رفعه كشعار وبقوة ودون مواربة أو خوف أو خجل ومطالبة القيادات الحالية بتنفيذه وبسرعة…!
يجب على قادة الشيعة اليوم معاملة الآخرين بالمثل من خلال إعادة تشكيل تحالف ستراتيجي قوي يتولى التخطيط لتقاسم إدارة الدولة أولا فيما بينهم قبل أن يتحالفوا مع الأكراد أو السنة العرب. لقد حان الوقت ليفيقوا زعماء الشيعة من غفلتهم وليأخذ شيعة العراق دورهم الحقيقي في إدارة بلدهم وقيادته لما يمتلكونه من إمكانيات تؤهلهم للقيام بهذا الدور، منها الكثافة السكانية اذ يشكلون الأغلبية في العراق وحجم الثروات الهائلة في مناطقهم وفوق كل هذا وجود مرجعية دينية تقف ورائهم تؤيدهم وتقدم لهم العون والأرشاد وتحشد لهم للسيطرة على البرلمان و تشريع القوانين لصالحهم والتحكم بالثروات والأموال
ومفاصل الدولة المهمة وعلى جميع الفرقاء السياسين إحترام حقوقهم ورعاية مصالحهم. نعم هذا ما ينشده الناخب الشيعي من التغيير الحقيقي كي يصبح الشيعة ليس بيضة القبان في العملية السياسية فحسب ، بل القبان كله يكيلون به لمن يشاؤون ، فتارة يزيدونه عطاءًا لأنه أحترم رأيهم وعرف قدرهم ، وأخرى يسقونه السـُم الزعاف اذا ما تجاوز على مقدساتهم وثرواتهم أو حاول مصادرة حقوقهم.