23 ديسمبر، 2024 3:27 م

شعرية استنطاق الذات … قراءة في مجموعة (صاعد نحوي ) لعماد العبيدي

شعرية استنطاق الذات … قراءة في مجموعة (صاعد نحوي ) لعماد العبيدي

لعل تقديم صورة للنتاجات الأدبية المعاصرة والإلمام بملابساتها أمر لا يخلو من صعوبة ومرد تلك الصعوبة قد يكون النتاج ذاته أو الشاعر نفسه فكل من هذين الطرفين محكوم بصيرورة الزمن ولا يمكن إعطاء رؤية دقيقة ما لم تكن هناك فترة زمنية تسمح لهذه الرؤية بالنفاذ إلى أعماق الشيء فكما انك لا تستطيع اخذ صورة واضحة لشيء مادي ما لم تبتعد عنه خطوات على الأقل فان أمرا كهذا يكون أكثر أهمية عند تطبيقه على النتاجات الشعرية , ففي المجموعة الشعرية ( صاعد نحوي) للشاعر عماد كاظم العبيدي التي ضمت خمس عشر قصيدة نثر متنوعة المحاور يجد القارئ فيها النفس الشاعري الذي وجدناه في مجموعته (الغيمة المقفلة) التي صدرت للشاعر من قبل مع بعض التطور الملحوظ في آلية العمل الكتابي في المجموعة موضوع الدراسة (صاعد نحوي) وبهذا الصدد نحاول الامساك ببعض الخطوط التي قد تكون أولية في الكشف عن سر الصنعة الابداعية عند الشاعر العبيدي , لذلك لابد من التأكيد إن نصوص المجموعة خاضعة بدورها لفعل القراءة المتجددة ولفعل التلقي أيضا , قد يلاحظ القارئ ان الشاعر عماد العبيدي في اغلب قصائده هذه المجموعة يسير في خط اختاره لنفسه يبدأ من الخارج إلى الداخل على بوصفه مصدر التجربة الأدبية , بمعنى المصدر الخام لهذا يحاول القيام بصهره في الداخل لإعادة تكوينه ورسم أبعاده بحسب أبعاد الذات ليكون شيئا آخر يحمل ملامح تلك الذات ويعبر عن مكوناتها ولهذا ظل الشاعر العبيدي أسير الدراما المتحركة داخل الذات فالفعل الدرامي عنده يأخذ ابعادا تؤطر لعلاقات منطقية محكمة وخير دليل على ذلك هو انه كثيرا ما يعطف جملة على أخرى باستعمال احد حروف العطف أو باستعمال أساليب العطف المعنوي إن جاز التعبير … كما تتجسد في قصائده انسيابية واضحة في استعمال المفردة اللغوية حيث يمكن ملاحظة ذلك الحضور الواضح في عملية خلق الصورة الشعرية فمن الملاحظ إن المفردة عند عماد العبيدي تمثل جسرا أو منطقة عبور إلى عالم الرؤية الشعرية المتشكلة صوريا أي إن الصورة عنده موجودة بالفعل أما الكلمة فهي موجودة بالقوة ــ اذ جاز لنا استعمال مقولات الفلسفة ـ ففي نصوصه هذه قد خلق الشاعر ملاذات متألقة للمعاني المؤجلة مثلما خلق لنا عوالم زاهرة … عوالم سحرية يملؤها التوهج وسط اختناقات الاغتراب الروحي الذي يلون الوجود الإنساني …