23 ديسمبر، 2024 5:07 م

شعب سوريا .. لا تعذرونا

شعب سوريا .. لا تعذرونا

لم أستوعب جيدا معنى أن نعتذر عن استقبال اللاجئين السوريين فيما لو قادتهم خطواتهم الخائفة  والحائرة للجلوء صوب حدود العراق !! لم افهم  بوضوح كيف يمكن لنا بكل تاريخنا ” الوطني” في التعامل مع قضايا المنطقة العربية ومع  مستجداتها السياسية والأمنية والعسكرية ، بكل هذه السلبية العجيبة التي صرحت بها حكومتنا وكأنها تعتذر عن  دعوة عشاء أو مؤتمر أو ندوة أو مهرجان أو احتفالية !!
سوريا بكل تقاطعاتها السياسية معنا  أبان النظام السابق ونظام ما بعد 2003 لم تعتذر يوما عن استقبال العراقيين ، كل العراقيين ولم تسألهم على الحدود قبل ان تمنحهم  سمة الدخول أن كانوا بعثيين او من احزاب اخرى ، ولم توقفهم لتتأكد من مذاهبهم ولا من احوالهم الاقتصادية وحجم ما اصطحبوه من اموال معهم كما تفعل بعض دول الجوار واللاجوار !! ولم تقف بوجه من جاءها مرعوبا من تهديد القتل والخطف والاغتيال مصطحبا معه عوائل لا رصيد مادي معها بل زاحمت  ابناء البلد السوري على فرص العمل ورفعت اسعار العقارات والمواد الغذائية وضغطت على الخدمات بكافة اشكالها وعلى المدارس بكافة مراحلها وعلى الجامعات وعلى دور العبادة والمقاهي والمواصلات والشوارع والهواء والماء !! كل هذا فعلناه بسوريا منذ 2003 ولحد الان ولم تتذمر لا شعبا ولا حكومة ولا منظمات ولا مؤسسات ولا تجمعات .. ولم نسمع منها الا  عبارات الترحيب والتضامن  بتعدادانا الذي فاق المليون واقترب  من مضاعفته .. لم تصدر  تعليمات تمنع دخولنا مثلما فعلت مصر والاردن ولم تعرقل  وتنزل فيه تعليمات مستحيلة مثلما فعلت دول الخليج ، ولم تلاحقنا وتعيد ترحيلنا مثلما فعلت دول اوربا ، ولم تجبرنا على تسجيل ابناؤنا في مدارسها  الاهلية ذات الاجور المرتفعة  واشركت اولادنا في مدارسها المجانية بكل رحابة صدر ، فيما رفضت اغلب دول  الاشقاء ذلك وارهقت عوائلنا المبتلاة بمحدودية دخلها بجعل ابناؤها يتركون الدراسة .
لم تقل لنا سوريا  ” أعذرونا” لوجستيا أو أمنيا أو صحراويا ، وافترشنا مدنها من الشمال الى الجنوب ووجدنا تفهما شعبيا وانسانيا عجيبا ولم تشعرنا بالغربة او اننا حملا ثقيلا عليها بل كانت بلدا بديلا بكل معنى الامان والاستقرار والطمأنينة التامة سواء على مستوى الدولة وقوانين الاقامة ، وعلى مستوى الشعب وانسانيته الرائعة .
هل يعقل اليوم وهي تمر بظرفها الصعب هذا ان نقول لها ” اعذرينا” وعلى اي اساس غريب؟ وهل نعجز عن توفير مجمعات  اسكانية لها وبجداول اغاثة محددة ربما لن تكلفنا ربع ما ننفقه على مناسباتنا الدينية او الاحتفالية ، ولن ندخل في التفاصيل لاننا سنعدد الاف والاف ملفات الصرف الباذخة والغير مسؤولة والغرائبية فيما نحن نتعلل اليوم بعجزنا عن توفير واحتواء واغاثة شعب شقيق مثل سوريا ونلوح لهم بأن تركيا اولى بهم منا !!
كم كنا سنفخر بتصريحاتنا لو قلنا لاشقاؤنا ” العراق عراقكم” كما اشعرونا  هم بذلك ، وكم كنا سنفخر بحكومتنا وهي تقدم  ما بوسعها لاغاثة السائل والخائف واللاجىْ الينا !!