لا نريد أن نعيد ونصقل بالأحداث التي تسببت بحادثة الموصل، وما تلتها من وقائع، بل سوف نتطرق الى ما بعد اعلان نتائج اللجنة، التي تشكلت من أجل الوقوف على ملابسات الخيانة التي حصلت آنذاك.
التقرير النهائي سلم الى رئاسة مجلس النواب، وتضمن توصيات تحمل ٣٥ مسؤول حكومي، مسؤولية الانتكاسة التي حصلت، ولم يناقش في مجلس النواب بل تم رفعه بدون أن يقرأ الى الادعاء العام، من أجل أتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المتهمين.
القانون فوق الجميع، ولا يستثنى أحد مهما كان منصبه، ويجب أن يحاكم المتهم مهما كانت مكانته السياسية، هذا ما يتم تداوله من الجهات التي رحبت بهذا التقرير،
على عكس الطرف الثاني؛ الذي يدعي أن أستهداف المالكي والنجيفي سببه الخيانة، والخلاف السياسي، والتصفية، وهذه الأسباب هي من دفعت لإصدار هكذا تقرير.
رغم أن التقرير تضمن أسماء العديد من الشخصيات، الا أن الدفاع لم يكن الا عن الكبار، ممن يرجعون في نسبهم الي مشايخ الإقطاع أبان الحكم الملكي، دولة القانون تطالب بـ” شطب ” اسم المالكي من هذا التقرير، ومتحدون تصف توصياته بـ ” الشيطانية “، وياليت أن الاثنين أتفقوا على وحدة العراق قبل هذه المصيبة، لما حصل الذي حصل.
مجريات الأحداث تسير بوتيرة متسارعة، وعقلاء القوم يراقبون، ولا يقدرون على التدخل، في مصير هذه القضية المهمة، لانها تتعلق بالقضاء أولاً ، ولتعنت هذه الجهتين وتمسكهم ببراءة كل من هاتين الشخصيتين، رغم أن كل التوصيات جاءت بشهادة شهود، وضباط عسكرين، وممن كانوا في خط التماس ايام الانتكاسة.
شعور الاستهداف الشخصي هو الطاغي في هذه المرحلة، وهذا لم ينبع من فراغ، على العكس؛ بل أن الذي يحدث من أستهداف أعلامي ممنهج، ومحاولة حرف التظاهرات السلمية، وأستغلالها لتصفية الخصوم، هي جزء من هذه الحملة التي أصبحت تقاد ضد هذا التقرير، وان هذا الطرف لا ينظر لمجمل القضايا الا من وجهة واحدة، وانه يجب ان يدافع عن رجاله وقياداته، في ظل الأوضاع الراهنة.
أرواح الشهداء في سبايكر، وبادوش، والدماء التي لازالت تراق يومياً، تستحق منا أن نصبر ونتريث قليلاً، من أجل الاستماع الى ما ستفضي اليه وقائع الأحداث، خصوصاً وأن الملف قد تحول الى الادعاء العام، وهو من سيقرر اذا كانت هذه الأسماء مقصره ام غير مقصره.
وفق المعطيات الأزمة تتجه نحو التعقيد لا الانفراج، وهذا ما حصل بالفعل، فقد بدأت بوادر الهجوم أعلامياً، وأتهام التيار الصدري على ضرب وحدة الشيعة، والانبطاح امام الأكراد، والسنة، وتعمد ضرب المالكي بسبب خلاف سياسي وشخصي، وتناسوا أن هناك هوية وطنية تذوب فيها القومية، وكل الانتماءات الفرعية.
خلاصتي هي ؛ القانون فوق المالكي والنجيفي، والإصلاحات اذا كانت حقيقية يجب أن تبدأ كالسلم من الأعلى الى الأسفل لا العكس، والقضاء يجب أن يكون شجاعاً وان لا يرضخ للضغوط التي تمارس من كل الأطراف، والحقيقة هي الهدف المنشود، سواء بالاتهام أو البراءة، أحتراماً وتكريماً للأرواح التي ضحت وتضحي في سبيل الوطن، منذ الانتكاسة في تسعه حزيران الى يومنا هذا.