أكثر ما دعاني للضحك هذه الايام التصريحات الامريكية التي دعت روسيا التي تقود حملة لتصفية المجموعات الإرهابية والمسلحة في سوريا إلى “عدم التشويش” على التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد التنظيم الارهابي ( داعش واخواتها ) ، ودهشتي في جدية ما أعلنه المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست ، إن 65 دولة تشارك للقضاء على هذا التنظيم وإن “القصف التي تنفذه روسيا الاتحادية يستهدف أماكن فيها قليل أو لا يوجد فيها مقاتلو تنظيم داعش”، وذلك بغض النظر عن إعلان روسيا أن هدفها هو التنظيم ” ، في الحظة ذاتها استذكرت تصريحا أمريكيا أكثر غرابة أيضا للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية ستيف وارين ، مع بدايات حملة ما يسمى طيران «التحالف الدولي» الذي تشكل بعد سقوط مدينية الموصل في مؤامرة خبيثة مدعومة من داخل العراق وخارجه العام الماضي ، إن أحد الطرود العسكرية الجوية «ضلَّ طريقه» (ساقطاً في منطقة يسيطر عليها داعش) وجرى تدميره، ليتحدث بعدها عن طرد آخر ضل طريقه أيضاً وسقط في أيادٍ داعشية !! ، وكأن هذه الطرود تسير في شوارع بغداد الخالية من علامات دلالة المرور بأسماء الشوارع والساحات !!! .
ورغم نفي وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري ( ردا على سؤال لنا ) خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده في موسكو ونظيره الروسي سيرغي لافروف مثل هذه الانباء التي أكدتها لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، وامتلاكها وثائق مصورة تؤكد دعم الولايات المتحدة لـ«داعش» من خلال إلقاء الطائرات الأمريكية معدات عسكرية لعناصر التنظيم ، إلا إن الحقائق والمعلومات وباعترافات مقاتلي ( داعش ) الذين وقعوا في أيدي القوات العراقية في صلاح الدين ، تؤكد ذلك أيضا ، وأنه نهاية كانون الاول 2014 قامت إحدى طائرات «التحالف» بإسقاط بالون على منطقة «الخضيرة الشرقية» في قضاء بلد التي كانت تخضع لسيطرة «داعش» قبل تحريرها ومساعدات أخرى تم أنزلها «التحالف» فوق منطقة أمرلي .
ولا يختلف الحال في في سورية، فكانت أحداث عين عرب- كوباني، تحديداً في أسابيعها الأولى، خير دليل على تواطؤ «التحالف» في ضرباته الجوية ، حيث استقدمت «داعش» أعداد كبيرة من المقاتلين المجهزين بأسلحة ثقيلة من مدفعية ودبابات ، ذلك تحت أنظار الطائرات وبرعاية تركية ، أمريكية مباشرة للدواعش وتبعها إلقاء كميات كبيرة من الأسلحة في مناطق سيطرة التنظيم ، قيل إنها لمساعدة القوات الشعبية المدافعة عن عين العرب- كوباني !!!! ، فيما أكد تقرير أمريكي نشره موقع «ديلي بيست» في أكتوبر 2014 أن المساعدات الأمريكية الغذائية والطبية وسواها والممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية، حصل عليها إرهابيو «داعش» خاصة في دير الزور والرقة ، وتبع ذلك تأكيد مصدر من الخارجية الأمريكية هذا الأمر.
إن العمليات العسكرية التي تقوم بها روسيا في الأجواء السورية اشعرت الرئيس الامريكي باراك أوباما ( الذي حدد القضاء على داعش وأخواتها بخمسين عاما ) بالاحراج لأنها كشفت عدم جدية الولايات المتحدة للقضاء على ” داعش وأخواتها ) !! في وقت حقق الطيران الروسي خلال خمسة أيام ما لم يحققه مايسمى ( التحالف الدولي ) المدعوم من 65 دولة خلال عام من الضربات الجوية التي قيل أنها نفذت مايقارب الثمانية الاف طلعة جوية لم تحقق إلا في مساعدة ( داعش ) في التوسع في الانبار وكذلك في عدد من المدن السورية ؟؟ معادلة تحتاج المراجعة ! .
إن سياسة دعم الإرهاب والتطرف في المنطقة ، دفعت روسيا الى التحرك سريعا ، لأن الولايات المتحدة وحلفائها يرون في هذا الارهاب ضرورة أمريكية بحتة وتطور العلاقة بين الولايات المتحدة و«القاعدة» سابقاً تبرهن الارتباط الوثيق بين الإدارة الأمريكية والتنظيمات المتطرفة، والتي تستخدمها الولايات المتحدة لتقديم نفسها كمخلص للشعوب ، فليس غريبا أن نرى دوافع الهستيريا التي أصابت الولايات المتحدة وحلفائها وبالأخص الرئيس التركي الذي بانت عليه علامات هذه الهستيريا أكثر من غيره من حلفاءه الغربيين والعرب ، وأصبح كثير الدعوات لروسيا بوقف العمليات العسكرية ، أو اعتبارها خطئا كبيرا .. أو إعادة النظر في العمليات العسكرية .. أو .. غيرها من التصريحات التي تحاول التودد للرئيس الروسي والطلب منه التوقف عن هذه العمليات ، بعد أن تؤكدوا من جدية الضربات الروسية على عكس عمليات ما يمسى ( بالتحالف الدولي ) الدعائية ولذر الرماد على عيون المنتقدين لها ،
مركز الأبحاث الكندي ” غلوبال ريسيرتش ” يكشف دوافع الهستيريا التركية والتي تعد الأكثر دولة من غيرها في توفير الحماية لخطوط التموين وتدفق المقاتلين لتعزيز قوة ( داعش ) و رعايتها وفتح مكتب لهذه المنظمة الإرهابية بعلم وإشراف جهاز الاستخبارات التركية ، بالاضافة الى ما تناولته التقارير الصحفية المؤكدة التي تشير الى أن تركيا هي الأولى في شراء النفط العراقي والسوري الذي تبيعه ( داعش ) وبمبلغ يقل عن عشرة دولارات عن السعر الرسمي تليها ( إسرائيل ) لغرض تمويل التنظيم بالاضافة الى أموال الفدية التي تدفع مقابل الرهائن والإمدادات عبر الحدود التركية أثناء مرور مئات الشاحنات يوميا ، ناهيك عن قيام تركيا بمعالجة المصابين من هذه المنظمات الأرهابية وإحتضان الكثير منهم وعوائلهم ، والذين بالامكان ملاحظة تواجدهم خلال التجوال في المدن التركية وبالأخص في اسطنبول ف سواء في محطات قطارات الإنفاق ( المترو ) أو في شوارع المدينة .
الرئيس الروسي وبحكم العلاقة الإقتصادية المتطورة بين أنقرة وموسكو طار خصيصا إلى أنقرة ولقاءه بالرئيس طيب رجب أردوغان ، وإن تناولت وسائل الاعلام الروسية والتركية الأمر على أن الرئيسين أجريا محادثات إقتصادية تناولت التعاون التركي الروسي في مجال الغاز وإنشاء خط أنابيب بينهما ، إلا إن الحقيقة الأكيدة التي دعت الرئيس بوتين لزيارة تركيا هو إقناع أردوغان بالتخلي عن دعم الارهاب في المنطقة ، لأن روسيا هي الأخرى مستهدفة بهذا الداء ، وإن أزمة ” داعش ” تمثل خطرا كبيرا يهدد دول العالم دون إستثناء ، ولم يبقى سوى إتباع سياسة ” داعش ” داخل حدوده ، وإن ما يجري في العراق وسوريا هي محاولة للعودة الى الحرب الباردة والسيطرة على مناطق نفوذ بين الدول الكبرى .
الوقائع تؤكد عدم جدية الغرب في التصدي للإرهاب ، وإن تحالفها غير متماسك على أرض الواقع ، وضرباته غير مجدية ، كونها تعتمد على معلومات إستخبارية غير دقيقة ساعدت ( داعش ) على التمدد والإنتشار والحركة بحرية تحت إنظار و حماية طائرات ما يسمى ( بالتحالف الدولي ) ، والتي من المفترض أن ترى ما موجود في باطن الأرض من ثروات ، لما تتوفر في طائراتها من تقنيات تكنولوجية متطورة ، بالإضافة الى أن البراهين أثبتت أن المجتمع الدولي متمثلا بالولايات المتحدة يسعى الى بناء دولة داعشية على شاكلة ( الكيان الصهيوني ) لاعتبارها أداة لتقسيم المنطقة العربية