23 ديسمبر، 2024 8:55 م

شريحة متقاعدي الكيانات المنحلة .. والظلم الكبير!!

شريحة متقاعدي الكيانات المنحلة .. والظلم الكبير!!

يعبر متابعون للشأن العراقي عن استغرابهم من الطريقة التي يجري بها إحتساب رواتب متقاعدي الدوائر المنحلة ،بطرية يجري فيها امتهان كرامة وحقوق الانسان في العراق ، رغم الاجواء الديمقراطية التي يسير عليها النظام السياسي في العراق  ، او هكذا يطلق عليه ضمن الوصف السياسي لأنظمة الحكم.
وكان المتقاعدون في العراق هم من بين أكثر من تعرضوا للظلم وللحرمان طيلة عشرات من السنين التي لم ينصفهم فيها احد، بالرغم من انهم قدموا تضحيات جسام في خدمة الدولة العراقية، ونال قسم كبير منهم الشهادة على طريق خدمة العراق، أو تعرض جسده الى ان يعطل أو يصاب بعاهة جسمية تقعده عن الحركة، واذا بحياته تتحول الى جحيم من الاذلال للروراتب المتدنية التي ينالها جراء خدمته.
ويستدل هؤلاء المتابعون ما تم احتسابه من رواتب تقاعدية لالاف الموظفين السابقين في الدوائر المنحلة ، اذ تم منحهم ( رواتب تقاعدية مقطوعة) لاعلاقة لها بسنوات الخدمة وتتساوى فيها كما يقال ( الكرعة مع أم الشعر ) ويتساوى فيها من هم بدرجات وظيفية وعلمية كبرى والفراش أو منظف الخدمة ، رغم احترامنا لمهنته الجليلة، ولكن رب السموات والارض لم يرض ان يتساوى البشر من حيث القيمة وقال تعالى ( هل يستوي الذين يعلمون والذين  لايعلمون ) وقوله تعالى ( وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات) ..أي ان العدالة اذا تم تطبيقها فتعني انه أن لا يتساوى الجميع ، أي لايمكن ان تتساوى خدمة 30 عاما مع من قضى عشر سنوات او اقل، فكيف اذن جرى احتساب الرواتب التقاعدية لعشرات الالاف من موظفي الدوائر المنحلة بهذه الطريقة التي جرى فيها احتساب رواتبهم ظلما واستهانة بهم وبدورهم الذي بذلوه في خدمة بلدهم، ما يعني ان العدالة مفقودة في هذا البلد، وان الحرية والديمقراطية التي يتسم بها نظام البلد ما هي الا شعارات براقة يراد بها خداع الملايين من العراقيين الذين ملوا من سماع اسطوانتها المشروخة، فأية ديمقراطية واية عدالة يتم فيها احتساب راتب ثلاثين سنة من عمر البشر وكأنها تعادل شهر أو سنة ، ويتساوى فيها العالم والمفكر والمهن الوظيفية والدرجات العليا مع ادنى درجات السلم الوظيفي.
ويستغرب هؤلاء المتابعون للشأن العراقي من عدم صدور أي قانون للتقاعد حتى الان يعيد العدالة والحقوق التقاعدية لالاف العراقيين الذين تم احالتهم على التقاعد في السنوات الاخيرة ولم يحصلوا على حقوقهم منذ عشرة أعوام واذا بهم يجازون ببعض عشرات من الاف الدنانير وكانهم ( متسولون ) حسب المفهوم العامي للتعامل مع البشر ، وليسوا موظفين ادوا الامانة وتحملوا مسؤولية قيادة بلدهم وكانت لهم ادوار مشهودة في بنائه ونهوضه وتقدمه، ولم يتم الوصول اليها حتى الان في عهود الديمقراطية التي عطلت عقول البلد وشلت قدرات العراقيين واحالت شبابهم الى كهول لاحول لها ولا قوة ، حيث البطالة المقرفة تنخر في جسد ملايين الشباب الذين حرموا من فرص العمل وهو خريجون ومعدلاتهم عالية، لكن الاقدار التعيسة للديمقرطية العراقية أبقتهم في دائرة النسيان وحرمت الالاف منهم من ان يجدوا فرصة للعيش الكريم في هذا البلد وراحت الامراض النفسية والعضوية تفتك بها وحولت الكثيرين منهم الى مقعدين وقد خربت نفوسهم وتعطلت قواهم وراح الكثير منهم يسلك مهنا لاتتناسب وحجم تحصيلهم الدراسي والبعض منهم طلبة دراسات عليا، تحولوا الى ( عربنجية ) وبائعي لبلبي أو على مقربة من تلك الاعمال، أما سواق التاكسي فحدث ولا حرج ، تجد من الطيار الى ضباط كبار الى اساتذة وخريجين على مستوى عال من التعليم لايجدون الا سيارة التاكسي لتنتشلهم ربما من تبعات الفقر اللعين، الذي هو حصيلة مبتكرات الديمقراطية التي سوقها لنا الاميركان، وكانت وبالا علينا وعلى شعوبنا واقدارنا ، وتحول العراق على رغم ثرواته الضخمة الى اكثر بلدان العالم فقرا وفسادا وترديا في مستويات العيش.
ان السياقات المتعارف عليها في أنظمة التقاعد في كل دول العام تحتسب رواتب المتقاعدين حسب درجاتهم الوظيفية وعدد سنوات الخدمة، وهو نظام يحتاج الا الى معادلة الراتب، وفقا للمتغيرات المعيشة، وعدد سنوات الخدمة ،إذ لايعقل ان يكون راتب من يحال على التقاعد من كبار موظفي الدولة وبخاصة البرلمانيين يعادل راتب خمسين موظفا من كبار رجالات الدولة السابقين، فهذه معادلة مهينة لكرامة العراقيين وتشكل تعديا صارخا على القوانين وانتهاكا للكرامات، ومن الضروري ان تجد الدولة والبرلمان حلولا منصفة لهذا الاختلال الكبير في احتساب الرواتب التقاعدية، لملايين العراقيين الذين احيلوا على التقاعد حديثا، ولم يتم احتساب سنوات خدمتهم، واعتبار راتبهم التقاعدي على أساس (مكافأة مقطوعة)، وليس راتبا حقيقيا، أو على الاقل مساواتهم بنظرائهم من موظفي الدولة السابقين عندما أحيلوا على التقاعد في سنوات سابقة، والا فأن حياة الاف المتقاعدين في العراق سيبقون يعيشون حالات فقر ومذلة، ان لم يتم الالتفات بسرعة الى هذه الشريحة وعدم معاقبتها بهذه الطريقة التي اقل ما يقال عنها أنها غير إنسانية وتفتقر الى أبسط أنواع العدالة ولو في حدودها الدنيا!!