الكثير من الاصدقاء يحلمون بإكمال دراستهم, لكن يصطدمون بالشروط التعجيزية التي لا يجتاحها الا ذو حظ عظيم, ومع ندرة مقاعد الدراسات العليا نجد اغلبها محجوزة مسبقا للأحزاب وذيولها والاغنياء الذي يدفعون جيدا, ويمكن ملاحظة نهضة الامم انها حصلت عبر فتح الابواب امام الدراسات العليا, فحصلت النهضة اليابانية والصينية والالمانية, وغيرها الكثير من البلدان, ولكي ينهض العراق من كبوته ويتطور المجتمع, ويرتفع وعي الامة, فأننا بحاجة ماسة لفتح الدراسات العليا لكل من يرغب, من دون قيد او شرط, ويجب عدم تحديد المقاعد.
وحجج اهل القرار في العراق ان فتح الدراسات يحتاج لكوادر وبنية تحتية, وهي حجج فارغة, وتسهم في تكريس المنهج الصدامي في منع الشعب من كسب العلم والمعرفة, والا بالموضوع سهل حله خصوصا ان إيرادات الجامعات كبيرة جدا, مع امكانية تمويل الدولة لها خصوصا ان مئات المليارات تهدرها الدولة سنويا في بطون الاحزاب! فلما لا يخصص القليل من هذا الهدر لكسب العلم.
ما يحصل في العراق حاليا هو تكريس لسياسة الطاغية صدام, حيث كان صدام لا يرغب بشعب متعلم بل كان مخططه لنشر الجهل في العراق, لذلك جعل الدراسات العليا فرصة نادرة لا ينالها الا القلة, ووضع حولها الف شرط, وهكذا انحسرت الدراسات العليا وانخفض وعي الامة, هذا فعل صدام المهووس بمرض الخوف من الشعب, لذا كنا ننتظر ان تفتح الابواب الدراسات العليا بعد 2003 ليدخل كل من يرغب من دون الشروط الصدامية التعجيزية.
لكن الغريب ان الحكومات المتعاقبة (ما بعد عام 2003) بعد زوال حكم العفالقة كرست نفس النهج في قضية الدراسات العليا, حيث كان هنالك رضا وقبول بين احزاب السلطة حول طريقة صدام بالحكم, والتي من اهدافها البقاء في الحكم عبر منع انتشار الوعي, لذلك ابقت الحكومات المتعاقبة على شروط صدام في القبول بالدراسات, وسعت في تقليل فرصة الدراسة ومنع فتح الابواب امام العراقيين, بحيث لا ينالها الا القلة.
وظهرت قضية اخرى تهم الاحزاب هي: ان الشهادة العليا تعطي صك المرور للسلطة واستلام المناصب, وهنا شعرت الاحزاب بالخوف من الشعب الرافض لتسلطهم وظلمهم, لذلك جعلوا تلك الفرصة قليلة جدا, وجعلوا اغلب فرص الدراسات العليا من نصيب كوادرهم الحزبية, مما قلل فرص اهل العراق بالدراسة, مما يعني صعوبة منافسة شباب العراق لأحزاب السلطة, لانهم لا يملكون شهادات عليا مثل الكوادر الحزبية.
الامر الاخر هو زحف الطبقة السياسية واولادها نحو الدراسات العليا, بقضية تقترب جدا من موضوع التباهي بالشهادة العليا بين العوائل المترفة, فلا يهمهم العلم ولا البحث عن فرص للعمل, لذلك هم يشترون الفرص بالمال المتكدس عندهم ويحرمون ابناء الشعب المستحقين للفرص التي هي اصلا قليلة جدا.
فأصبحت الفرص القليلة للدراسات العليا بين كماشتين (الاحزاب والطبقة السياسية والبرجوازية المترفة جدا) فلا مكان لأبناء العراق بينهما.
وهنا نطالب من كل ذي ضمير حي, من نخب وكتاب ومنبر وصاحب صوت, ان يسعون معنا لكسر اقفال ابواب الدراسات العليا, وان تزال كل تلك الشروط التعجيزية, لتصبح متاحة لأي عراقي راغب بالدراسة.