من يتابع الحكومة الامريكية الحالية, بقيادة التاجر ترامب, يجدها وكأنها حكومة طوارئ, أو حكومة حرب, وليست حكومة إدارة حقيقية لبلد يقف على راس هرم المجتمع الدولي.
ترامب المتخبط, والذي يبدوا وكأنه مصابٌ بجنون العظمة, أقصى كل المعتدلين -ان صح التعبير- من حكومته, وأحل محلهم عناصر امتازت بالطابع العسكري والمخابراتي التصادمي.
وضع الرئيس الامريكي على خراجية بلاده مايك بومبيو, رجل الاستخبارات (CIA) والذي عُرف بصرامته وتشدده تجاه القضايا الخارجية وخصوصا الشرق الاوسط.
بومبيو وخلال إدارته لل سي آي ايه, زار تركيا والسعودية, والتقى قادة هاذين البلدين, وناقش معهما قضايا المنطقة, مما أعطاه فرصة أكبر للتوغل والتدخل في الشأن الشرق أوسطي.
أعلن الرئيس الامريكي انسحابه من الاتفاق النووي الايراني, ويبدو أن ترامب كان يظن إن الدول الخمسة الاخرى (الصين روسيا المانيا بريطانيا فرنسا) ستنسحب من الاتفاق أيضا تبعا لرغبته, إلا إنه صُدِم بموقف هذه الدول التي رفضت قرار ترامب, وأعلنت عن التزامها بالاتفاق.
رَفْضُ الدول الاوربية لقرار ترامب, جعل إدارته في حرج وموقف دولي لا تحسد عليه, ومع الضغط الداخلي, بدأ ترامب بمحاولة الرجوع إلى الاتفاق, لكنه يحاول أن يعطي لعودته بعض المكاسب ولو على سبيل حفظ ماء الوجه.
جاءت رغبة ترامب هذه على لسان بومبيو وزير خارجيته, فأعلن عن إثني عشر شرطا على إيران أن تنفذها لأجل انقاذ الاتفاق, وتتجنب عقوبات وصفها بومبيو إنها الاشد في التاريخ.
شروط بمبيو ال اثني عشر لمن يتابعها, يجدها شروط مضحكة, تدور كلها حول تخلي إيران عن دعم محور المقاومة في المنطقة, وبتحليل بسيط نجد إن ما يحدث في الشرق الأوسط هو قتال غير مباشر بين ايران وامريكا, وان الساحة الشرق أوسطية بدأت تميل بكفتها نحو إيران, وإن محور المقاومة بدأ يتسع, ويأخذ زمام المبادرة في المنطقة, وإن علو الكعب هو من نصيب محور المقاومة, ولا سبيل ولا حل أمام امريكا وربيبتها اسرائيل, إلا فصل محور المقاومة عن ايران.
جعلت إدارة ترامب السبيل لفصل ايران عن محور المقاومة هو ابتزازها بالملف النووي, مما يعني إن امريكا تقر بهزيمتها أمام ايران في ملف الشرق الاوسط, وإن امريكا غير قادرة على السيطرة على الأوضاع في هذه المنطقة, وإن خططها بدأت تتهاوى أمام الدهاء السياسي الايراني الذي سلب امريكا روح المبادرة.