22 ديسمبر، 2024 12:20 م

قصة قصيرة:

  قرر اربعةٌ من الشباب استغلال عطلة انتخابات مجالس المحافظات، للقيام برحلة الى شمال الوطن (اقليم كردستان)، في سفرة سياحية مع وفد سياحي، لكسر روتين أجواء العمل من جهة، ولعدم قناعتهم بهذه المجالس خصوصاً في العاصمة بغداد، فهم يرون أنها حلقة زائدة، ضررها أكثر من نفعها، للشعب طبعاً، أما للإدارات الفاسدة، فمن المؤكد أن في وجودها نفعٌ كبير.

  انطلقت الرحلة قبيل آذان الفجر مودعة بغداد. ثم كانت الاستراحة الاولى في كركوك، حيث نزل الركاب قرب محلات واكشاك الشاي؛ تلاطف شبابنا الاربعة مع بعض شباب كركوك، فالروح الشبابية معروفة لدى الشباب العراقي بالاندماج سريعاً، بعد تجاذبات الحديث واطلاق النكات و(التحشيشات) ومع قرب انطلاق باص المسافرين، سألهمشباب كركوك: كم ستبقون في سفرتكم هذه؟ فأجاب شباب بغداد: خمسة أـيام. فسألوهم باستغراب: ألن تشاركوا في الانتخابات؟فأجابوهم: لا، فمجلس محافظة بغداد لا فائدة من وجوده. فقالوا لهم:وبماذا تنصحوننا؟ فقالوا لهم: يجب عليكم المشاركة، فإنما انتم تنتخبون حكومتكم المحلية، ولا قيمة لكم بين المحافظات بغير حكومتكم المحلية. توادعوا، وركبوا الباص.

  انطلقت الباص واستمرت رحلتهم، حتى اذا وصلوا الى الفندق واستلموا غرفهم، خلدوا الى الفراش قليلاً، ثم بدأ برنامجهم السياحي؛ كانت لهم جلسة في احدى مقاهي المولات، وبعد لعب الدومينو وشرب النسكافية وتوابعها، كانت ثمة طاولة بمحاذاتهم يجلس عليها ثلاث فتيات وفتى، في تلك الاثناء شرد ذهن صديقهم الشاعر، ودخل في غيبوبة صحو (صفن) وهو ينظر نحو الطاولة المحاذية لظهر صديقه سلام، فقد كانت احدى تلك الفتيات تبادله الصفنة نفسها؛ فنظر إليه سلام بغضب، بعد أن استغرب جمود عيني الشاعر وتوجهها نحوه، وقال: ماذا بك؟ (ليش صافن عليه)؟!

فقال الشاعر: ني ما صافن عليك!)

(لعد شبيك؟)

= (راح احجي بس لا تلتفت ورائك)

فقال جمال: (رحمه الوالديك كون شعر)

فقال الشاعر: (صار بس لا تقاطعون ولا تلتفتون)

فقالوا: لك هذا

فقال:

(أنا ما صافن عليك

أنا صافن ع الوراك

روح أو غير مكانك

رحمه لامك ثم أباك

هو هم صافن عليه

وبصفنته هم أنا شاك

مو مهم يعطي اشاره

أنا اريده بلا حرك

بصفنته شكَد حزن شايل

شكَد حنين وشوكَـ يتمنى جفاك

أنا ما صافن عليك

أنتَ عثره وهو صاك)

فصفق الثلاثة وعلت الابتسامة وجوههم، ووقف سلام والتفت فرآها،فأجفلت وعرفت بأنهم عرفوا، خصوصا وأن أذنها كانت تلتقط ما يتكلمون، كانت تسمع وتبتسم، قامت ومشت مسرعة، ولحقت بها شلتها من البنات والشاب المرافق لهن، واختفت بين المشاة…

فقال الشاعر موجها كلامه لسلام:

(أنت من أصلك حقير

شما ارفعك ما تطير

أنت أثول

أنت أحول

راح أركَعك بالنظير)

فضحك الثلاثة، وقال طارق لسلام: (شورطك وي شاعر، أعتذر بسرعة لا يقصفك)

فاعتذر سلام مباشرة وقال: (والله ما ادري بيها منتبهة لو تسمعنا،حسبالي بعيدة مو ورانا مباشرة)

فسكن الشاعر وهدئ، خصوصاً وقد غادرت الفتاة المكان، ثم قال:

(مطشر بالفرح ملتم بالجروح*****لاحكَني الحزن لاوين ما روح)

……………………………………………………………………………..

حيدر حسين سويري

كاتب وأديب وإعلامي

عضو المركز العراقي لحرية الإعلام

البريد الإلكتروني: [email protected]