27 ديسمبر، 2024 12:15 ص

شروة ليل والتكان اظلم

شروة ليل والتكان اظلم

ويضرب لوجوب التأكد من الامور، وعدم التعجل في الحكم عليها، وغالبا مايقال في المشتريات تشترى ليلا، وكذلك يقال في الرد على من يحكم لشخص رآه ليلا بانه جميل، فقد يظهر لرائيه عند الصبح قبحه مافاته ان يعرفه في الليل، ولم تكن ليالي بغداد تعرف الضوء والانارة في زمن نشوء هذا المثل، ولذا قالوا : ( شروة ليل والتكان اظلم)، والديمقراطية التي نحياها في ظل النظام البرلماني، نستطيع ان نقول عنها، انها شروة ليل، لان الشعب العراقي خرج من حروب ومصائب وكوارث، فهرول يستفتي لكل شيء ويقبل بكل شيء.

حتى الفيدرالية استفتى عليها بسرعة كبيرة، واتضح بعدئذ انه يضع قدمه في النار، فتراجع نوعما، وكذلك النظام البرلماني الذي يمثل الاقليات خير تمثيل وضعه الدستور للخلاص من الانظمة الديكتاتورية التي ربما تمخضت عن اللجوء الى انتخابات رئاسية، كان الشعب خائفا ولاعنا لمرحلة مر بها، واراد ان تكون مراكز القرار متعددة، كي لاتفتي بحرب او ابادة او تفرد بالسلطة، والنظام البرلماني خير ممثل للشعب العراقي باطيافه الواسعة، ولكن سوء العمل به وجهل الشعب في اختيار ممثليه جعله يفشل في هذه المرحلة على الاقل.

اضف الى ذلك الاعتماد الكلي على المحاصصة الحرفية، قضية هذا الي وهذا الك، زائدا التطرف الذي حدث في الفكر الاسلامي، والذي جاء متزامنا مع التجربة العراقية، فوجد ارضا صالحة للنمو ومن ثم راح يتوزع على العالم، ابطال الحروب معروفون، والحرب تحتاج دائما لقائد واحد يمتلك القرار، ويمتلك رؤية ثاقبة، وهذا حدث كثيرا في التاريخ، وانتصرت جيوش بفضل عبقرية قادتها وتمتعهم بالحكمة والقوة، وسوء حظ الديمقراطية في العراق انها تزامنت مع الحرب، ومن ثم استغل ضعاف النفوس من النواب الاضطراب الحاصل فصارت اللصوصية هي السيئة الثانية لهذه الديمقراطية.

مايقوله الشعب حكيما وصحيحا، (جان حرامي واحد، صار 325 حرامي)، من الممكن ان لاتكون السرقة ان يمد النائب يده الى المال العام، ربما تكمن في المميزات التي يحصل عليها، كأن يكون مرتبا كالذي يتقاضاه رئيس الوزراء والجمهورية والبرلمان والنواب، هذه سرقة ويحاسب عليها القانون، حيدر العبادي دكتوراه بالهندسة، تحسب الشهادة وتحسب سنين الخدمة بغير جهادية وتضاف اليها

مخصصات، اما ان يتقاضى مرتبا يعادل مرتبات 10 آلاف موظف يحمل شهادة الدكتوراه، فهذه سرقة علنية وواضحة، والشعب اشتراها بليل، فصارت شروة ليل، والا ماذا يفعل فؤاد معصوم ليتقاضى 13 دولارا في الثانية الواحدة او الدقيقة الواحدة، لصوصية مقننة تثير الغثيان.

صدقوني لن يقتصر الامر على داعش، وانما ستتفرع الحركات وتنجب حركات اخرى، بفضل مايكنه الشعب من حقدٍ على سياسييه، مثال بسيط: لو استعرضنا الشهداء الذين يقعون في ارض المعركة مع داعش، وكذلك الذين يذهبون ضحية التفجيرات، سنرى انهم الفقراء، والفقراء فقط، الذي يذهب الى قطر وتركيا والسعودية والاردن، لايريد ان يموت ويترك خلفه المليارات، الفقير فقط هو من يؤمن بالارض والوطن، ودائما يسرق ويؤكل حقه ومنذ ازمان سحيقة، في حين ان هؤلاء لايدافعون عن اموالهم فأرض السواد بستان قريش كما كانوا يقولون.

حتى وان كانوا لايعترفون بالفتوى، اليس من الضروري ان يدافع الانسان عن مصالحه، ولاتفوتني قصة الصحابي الذي كان يقاتل بشكل غريب، فسأل عنه النبي، فقيل له انه فلان من اهل المدينة، فعرفه، واخيرا جرح هذا الرجل جرحا بليغا، فقال الرسول دعوه فهو من اهل النار، لكن الصحابة الحوا عليه ، كيف وهو يقاتل هذا القتال، فقال اذهبوا اليه، فذهبوا وقالوا له بشراك بالجنة، فقال اية جنة، انا اصلا لااؤمن بالجنة ولا بالنار، ولماذا اذن قاتلت بهذه البسالة؟، فقال: دفاعا عن بستاني في المدينة، وهاي هم شروة ليل والتكان اظلم.