4 نوفمبر، 2024 9:20 م
Search
Close this search box.

شرفات

الأولى: مصباح
لم اعرفْ أن لي ظلا، يبحث عن وريثٍ لخزائنه
ويشغلُ ما تيسر من غرفٍ، تلبس لليلِ، مصباحا شاخ رداءهُ
فتهاوى الجلد، واستيقظ الظلُ مكرها، مصفدا بسكرات الليل الصاخب
مجردا من صوته الآيل، فكانت آخر لوحة
رسمتها شفتاه: لستُ مترعا بما يكفي، لأقرأ وجهك!      
الثانية: صفعة
كان ينتظر من يديها أن تغزل قميصا
يستر عُريّ أيامه، لكنه أفاق، على صدى صفعةٍ 
وشظايا أظافر موحلة..
الثالثة: على قارعة البحر
كان يتعرى.. ورباب تلبسه خصرها
تعبث بقلبه، كقشةٍ تحتسي فما، لا يكف عن تقبيل الخطايا..
 البحر شارف أقدامهما، نحر قرابينه، سعل..صرخ : أما آن أواني؟
أبكمٌ، لكني لستُ كما الحب..
أرى حزني، وقد لفظ دموعه الأخيرة
والنهار لم يشفقْ كعادته، فأرداك عاشقا
وجعل مني سيلا..
 يتدفق تحت سريرك المؤقت..
الرابعة: صمت
من يلجم الحائط، حين يكشف السارق العجوز عن أضلاعه؟
وحين يوزع بريده المستعجل، وحين ترسم أصابعه  خرائط
 لجزرٍ تلهو بالخراب؟ من يحصي أنواط الألم وهي تزين صدورنا؟ 
شفاهٌ  صمتت،
 وأخرى همست من وراء ثوب : البحر اشد حياءً
من حمرة الستائر!  لذا :
نحن في مأمنٍ من الرق، مادام الحيُ المسن، لم يلفظ ثدييه بعد..
نحن في مأمنٍ من التهجير، مادام فلاحونا يحرثون الابتسامة في اليأس..
نحن في مأمنٍ من الظمأ، مادامتْ الشفاه تقبل فناجين الأسئلة..
نحن في مأمنٍ من ضغط الهم، مادمنا نرتدي الواقيات حين نصافح نساءنا..
نحن في مأمنٍ من القدر، مادام الدم أثمن من التراب..
نحن في مأمنٍ من الحوادث المرورية، مادمنا لا نملك سوى الضجيج..
نحن الفائظون عن حاجة الأقلام، نتفيأ بالشمس، ولا ننتظر منّة الظل.. 
 نحن المنبوذون منك أيها البحر: لا نصلح للخمرة، أفواهنا مثقلة بألسنة كسيحة
فكيف بموجاتك العاشقة؟
الخامسة: هجرة
قلبٌ من الرخامِ، جسدٌ من الدهشةِ، فتورٌ هائجٌ
الجيوبُ اتخمتْ، ولم نر حقيبة السفرِ بعد
 _ أنا سأرحلُ أولا! وسأتركُ لهنّ مزارات من ورق، قالها مسافرٌ إلى الفراغ
وهو يحدث ظله المحدق في خصر المضيفة
_ السحاب، بدل الحانات، المضيفة بدل النادلة، القصيدة بدل الجسد
قالها الظل، وهو يحصي رفيقاته وهنّ يتساقطنّ من سمائه
نجمةٌ اثر نجمة..
السادسة: ضفيرة
مرةً ، انسلت ضفيرة من وكرها
فكانت، مضغةً للهمس، وعارا على الشمس
ركض الليل، فردمها في متاهاته
وكتبها الشاعر في يومياته
و الكاتب في مسرحياته
وأودعها التاجر في حساباته 
أعلن الطوارئ، ومصارف الدم اكتظت بالزبائن
الضفيرةُ لم تكترثْ، فدعت أختها
للتنزه في إحدى الحدائق العامة!
[email protected]

أحدث المقالات