23 ديسمبر، 2024 1:54 م

شرعية المالكي وبرلمان الهنود الحمر!

شرعية المالكي وبرلمان الهنود الحمر!

العراق لا يختلف عن البلدان الراقية, فالمفاهيم ذاتها..نظام الحكم (رئاسي نيابي) وكما جاء في المادة (1) من الدستور “جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق”.
الإقتراع الشعبي يعطي الحق لممثلي الشعب بإختيار حكومة تعنى بتنفيذ بنود الأتفاق بغية الوصول للإستقرار والأمن والإرتقاء. قديما كان من اكثر الأسباب التي دفعت المفكرين لطرح نظرية “العقد الأجتماعي” , الظلم الذي كان يلحق بالمجتمعات جراء السياسات المتبعة من قبل الأنظمة المتسلّطة, إضافة إلى تسيّد شريعة الغاب في العصور الغابرة, فجاءت نتاجات تلك العقول لتُحدث مواءمة بين المجتمع نفسه من جهة, وبينه وبين السلطة من جهة ثانية…جوهر العقد هو تنازل الأفراد عن جزء من حقوقهم وحرياتهم, أو جميعها, بحسب “جان جاك روسو”, لصالح “الإرادة العامة” التي تمثلها الدولة, حيث إنها تحافظ على خير ورفاه ومصلحة الشعب ككل.
مخرجات العملية الأنتخابية عام (2010) لم تتح لأي كتلة القدرة على تشكيل الحكومة, لذا ولّدت التوافقات في (أربيل) حكومة شراكة أو ما يطلق عليها (حكومة أئتلافية)…إذا تحدثنا بلغة الأرقام, فيجب أن تتمتع الحكومة بقبول أكثر من نصف عدد أعضاء البرلمان (164 نائب) فهل هذا العدد متحقق للسيد المالكي؟!
 إن الفرد يتنازل عن حقه “لسلطة” مقابل المصلحة العامة, وأي ضرر يلحق بتلك المصلحة يعد خلل يجدر الوقوف عنده بغية تصحيح المسار, ولست أدري أي خلل أكبر من سفك الدماء؟ عشر سنوات, حصة “المالكي” منها ثمان, ودماء العراقيين أرخص من فاتورة (تجميل مسؤول)!.. ولو أحصينا الخسائر اليومية طيلة الفترة المنصرمة لحصلنا على أرقام مرعبة.
السبب الأهم والموجب لبقاء سلطة الدولة برمتها, هو مغادرة الطبيعة الإنسانية الأولى المُختَلف في (شرها أو خيرها), فلهذا الغرض قامت الدولة كحاجة ملحة لتنظيم وحفظ الحياة بشكل عام..الحكومة العراقية ووفق الأحداث اليومية سلّمت ناخبيها لتُشبع بهم غريزة القتل عند المجرمين, بينما أنكفأت داخل أسوار الحياة “الخضراء” وأعضائها يمارسون حياتهم بشكل طبيعي غير مكترثين بسيول الدماء المهدورة على أرصفة الموت الجماعي.
 فقدان الأهلية في حماية الناس, يلجأهم لترتيب أوضاعهم وتحصين أنفسهم بطريقة تشبه العودة إلى عصور ما قبل التاريخ “الفطرة البشرية” عندما كانت الدولة غائبة, وبهذا يعد العقد المبرم بين الطرفين باطل, فهو لم يحقق المبدأ الأهم…الإرادة العامة والتي تعكسها الأغلبية البرلمانية لا تؤيد دولة الرئيس.
كذلك فقدان المواطن الثقة في البرلمان العاجز الذي لا يستطيع ان يدير نفسه فنرى لو ان البرلمانيين اجتمعوا في غابة والبقاء سيكون للأقوى لكان هنالك حل افضل من جلوسهم تحت قبة البرلمان التي اقسم البرلمانيين تحتها على ان يصونوا حقوق المواطنين إننا أمام معادلة سقيمة لا يمكنها الأستمرار إلا حين تموت البصائر, فتفاعلاتها لم تُقدّم للشعب سوى القتل حتى صار العراقي لا يطمح إلا بوقفِ نزيف الدم…فقدان الرؤية والمشروع والتفكير بالسلطة المطلقة وراء هذا الغياب الفعلي لشرعية الحكومة, ومن فشل في أختبارين لا يمكن الوثوق به ليجرّب مرة ثالثة.