23 ديسمبر، 2024 6:44 ص

شرعنا بالتقشف دون تحديد المتسببين بحدوث العجز المالي الكبير

شرعنا بالتقشف دون تحديد المتسببين بحدوث العجز المالي الكبير

استضاف مجلس النواب في جلسته 25, وزراء المالية والتخطيط والنفط لاستيضاح بعض الامور بخصوص موازنة 2014 التي لم تصدر لحد الآن وعرض اسباب العجز الكبير فيها والناشئ من تجاوز الصلاحيات والصرف خارج الحدود المعروفة ب ( 1 / 12 ) من المصروفات الفعلية لموازنة 2013 في ظل غياب او تغييب موازانة 2014 , وقد عرض معالي الوزراء امورا متعددة تتعلق بوجوب اتباع سياسات التقشف من خلال تقليص الاتفاقات الحكومية وشد الاحزمة على البطون لمواجهة العجز بسبب انخفاض اسعار برميل النفط في الاسواق العالمية , ولكن الغائب في تلك الاستضافة هو عدم الاجابة عن اسباب عدم زيادة الانتاج والتصدير لتعويض انخفاض الاسعار بعد سريان جولات التراخيص التي كان هدفها احداث الزيادة الانفجارية في الانتاج لأضعاف الارقام التي كانت سائدة قبلها ودور انتاج اقليم كردستان من النفط لتعويض النقص من حقول كركوك .

كما ان من الامور التي كانت غائبة رغم وجود عدد كبير من المتخصصين في المحاسبة وادارة الاعمال والاقتصاد والقانون من بين اعضاء مجلس النواب , هو كيفية التصرف في الاموال من قبل مجلس الوزراء او رئيسه رغم عدم وجود صلاحيات واضحة ضمن قانون الموازنة لسنة 2014 باعتباره لم يشرع وعدم الرجوع الى مجلس النواب بهذا الخصوص , فقد صرفت اموالا طائلة تجاوزت الحدود المسموح بها وادت الى حدوث اكبر عجز حقيقي في الايرادات يشهده العراق , لان كل مبالغ العجز التي ظهرت في موازنات السنوات 2004 – 2013 كانت عبارة عن ارقام افتراضية لان نهاية كل سنة مالية قد شهدت فائضا وليس عجزا لدرجة ان السيد مقتدى الصدر ( مثلا ) اقترح توزيع الفائض السنوي على الشعب , وفي الارقام التي عرضها الوزراء المستضافين ظهرت الحاجة الملحة للاقتراض الداخلي والخارجي لمعالجة العجز الكبير وفرض اجراءات على المواطنين تتعلق بزيادة الضرائب والرسوم .

وبعد الاستضافة راح الكثير من ابناء العراق يتساءلون , اين ذهبت الاموال حيث لم يتم تشييد مشاريع واضحة للعيان ومفردات البطاقة التموينية تشهد انكماشا تم تعويضه بمبلغ 17 الف دينار كما ان الخدمات ضعيفة جدا والنازحون يسكنون في خيم عارية وسط الشتاء والمدارس تحولت الى كرفانات والبلد يعاني من تضخم في الاسعار والرواتب باقية على حالها دون زيادة تذكر لمعظم الفئات والبطالة تزداد يوما بعد يوم لان اغلب المشاريع متوقفة والدرجات الوظيفية مجمدة منذ موازنة 2013 حيث يتم ترحيلها من عام الى عام , وجميع مؤشرات التنمية والتطور تتدهور بشكل يجعل البلد في ادنى التصنيفات التي تجريها المنظمات الدولية المعروفة بالموضوعية والحياد , وحسب ما تم فهمه من الوزراء فان البلد على اعتاب مشكلات اقتصادية معقدة نظرا لانخفاض الايرادات التي مصدرها الاكبر صادرات النفط وتعاظم النفقات التشغيلية بسبب كثرة الالتزامات التي اضيفت لها متطلبات الدفاع الوطني .

ومن الأمور التي كانت واضحة وضوح الشمس في تلك الاستضافة هي تداول الوزراء لأرقام ومؤشرات على سبيل العرض وليس التحليل , وقد يكون السبب انهم استوزروا حديثا ولم يعيشوا ظروف العجز وهم في الاصل ليسوا مختصين في عمل الوزارات التي عينوا فيها بعد تشكيل حكومة العبادي ويحتاجون الى مزيد من الوقت والخبرة لمعرفة تفاصيل ادق , كما ان من الامور التي اتصفت بها الاجابات انها لم تؤشر الاخطاء حيث تم التعامل معها على اساس انها من تركات مرحلة سابقة ولا تتعلق بأدائهم الحالي لذا فقد تم التركيز على ما يتوجب القيام به اي ان الاهتمام انصب على النتائج وليس الاسباب , وهذه السياسة يجب اعادة النظر فيها لان المسؤول يعمل في مؤسسة والعمل المؤسساتي لا يتحمل المجاملات واهمال الحقائق قط , فموضوع الاستضافة يتعلق بأموال العراقيين وحاضرهم ومستقبلهم المعيشي والمرتبط بمصير الوطن في مواجهته للإرهاب .

وسواء اقتنع الشعب ام لم يقتنع بما تم عرضه خلال الاستضافة , فان الغائب الكبير عنها هو تحديد من تسبب في احداث هذه المشكلات الخطيرة وهل ان المتسبب قد تصرف بصلاحياته الدستورية ام باجتهادات ترقى الى تجاوز حدود الصلاحيات ؟ , فالعرف السائد في الوزارات او الدوائر الرسمية ان الموظف تتم محاسبته واحالته الى اللجان التحقيقية وربما تسحب يده من الوظيفة او يحال الى القضاء عندما يتجاوز حدود الصلاحيات او يتصرف بالمال العام خارج التعليمات بغض النظر عن النوايا ففي الوظيفة العامة يتم العمل بالتعليمات وليس بالنيات , وهذا العرف الذي نظمته القوانين والتعليمات ذات العلاقة بالموضوع لا تستثني احدا بسبب كبر او صغر موقعه الوظيفي , واذا كان الموظف يحاسب ويعاقب على فعل مخالف مقداره المئات او الآلاف او ملايين صغيرة من الدنانير فلماذا لا يطبق على من ينفق عشرات او مئات المليارات من الدولارات حين التأكد من ارتكابه لمخالفات ؟ .