22 ديسمبر، 2024 11:48 م

شراكة متبادلة بين الدولة والمواطن

شراكة متبادلة بين الدولة والمواطن

المشهور والمتعارف عليه عند الحديث عن حقوق المواطن تجاه الدولة، لكن مثل هذا الحديث لا معنى له ما لم يقابله التزام اجتماعي وقانوني وسياسي وأخلاقي من المواطن إزاء علاقته بالدولة ممثلة بسلطتها وأجهزتها المختلفة.وبنفس الوقت كذلك لا معنى أيضا للحديث عن حق الدولة على المواطن، ما لم يقابله التزام حقيقي للدولة بتوفير حقوق وحريات مواطنيها، اجتماعية كانت أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، بغض النظر عن العرق، الجنس، القومية، والديانة وما شابه.
   إذاً بعد هذه المقدمة تبين لنا واتضحت معالم الصورة، انه لا شك أن الشراكة في الارض والولادة والعيش فيها، والانتماء إلى موطن محدد من قبل مجموعة من الناس تتبعه وجود حقوق وواجبات على المواطنين، كما تتبعه حقوق وواجبات على السلطة التي تدير شؤون المواطنين في كافة الاصعدة وتمثلهم في المحافل سواء كانت على المستوى الوطني والاقليميي والدولي.
   فمن الواجبات او حق المواطن على الدولة، هو واجب حمايتهم وحماية ممتلكاتهم وتوفير الامن والاستقرار والهدوء لهم، والدفاع عنهم، وضمان الحريات العامة كحرية السكن والتملك والعمل والتنقل وإبداء الرأي. وتوفير التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، وإقامة المرافق العامة كالنقل والاتصالات ووسائل الإعلام المختلفة والكهرباء والمياه، وتحقيق العدالة بين الناس، وتأمين ضمان اجتماعي لمواجهة حالات الشيخوخة والعجز والمرض، وتوفير السكن الملائم لكل مواطن وغيرها من الواجبات التي تتكفل بها السلطة لضمان حياة المواطن وتوفير احتياجاته.
   أما الواجبات التي تتطلّبها المُواطَنَة من المواطن، فهي واجب المحافظة على المال العام المتمثل في المرافق العامة كالمدارس والمستشفيات، والطرق، والجسور، والحدائق والمكتبات العامة ونحو ذلك، واحترام القوانين والأنظمة والتعليمات، والتعاون مع أفراد المجتمع وإشاعة ثقافة المحبة والتراحم والتسامح بين المواطنين، والمشاركة في تنمية الوطن، ودعم المنتجات الوطنية، ومساهمة رجال الأعمال في توظيف شباب الوطن في مؤسساتهم وشركاتهم. وتدبير الاختلاف بالحوار، وتقدير الآخر واحترامه مهما كان انتماؤه العرقي أو الديني أو السياسي أو الثقافي، وعدم اللجوء إلى العنف وإشاعة الفوضى وحمل السلاح خارج إطار القانون أو الجهر بالفساد الاجتماعي، ونحو ذلك من الواجبات الملقاة على المواطن إزاء وطنه …
   ان الحصول على الحقوق وأداء الواجبات هي مسؤولية تضامنية بين المواطن والدولة، بين المحكوم والحاكم، بين الشعب والسلطة، فلا يمكن تصور حصول المواطن على حقوقه دون قيامه بواجباته، ولا يمكن تصور حصول السلطة على حقوق الطاعة دون قيامها بواجباتها، وإن كان الفعل الاول يقع على عاتق السلطة والحكومة لما تتمتع به هيبة وقدرة تمنحها المكنة على تحصيل الحقوق وفرض الواجبات.
   إذ يتعين على السلطة في كل الاحوال والاوقات أن تكون هي المبادرة في توفير وضمان حقوق المواطنين الاساسية التي كفلها الدستور “القانون الخاص للدولة” أو القوانين الوطنية الاخرى، فكل حق ضمنه الدستور للمواطن يجب أن يكون مقدماً ومضموناً في سياسات السلطة وسلوكها على نحو من شأنه أن يحفظ المواطنين من السقوط في براثن التعسف والظلم والإستبداد.
   فاذا قلنا مثلا: يحق لكل مواطن أن يتمتع بالحرية والحصانة والأمن الشخصي، فان من واجب الدولة واجهزتها أن تضمن هذا الحق، ولا يحق لأي شخص كان أن يقوم بالإعتداء على هذه الحقوق والحرمات، حتى لو كان هذا الشخص من أفراد عائلته أو من الناس الآخرين المقربين إليه.
   بعد ماتقدم ان في وطني الجريح “العراق” لا معنى لمفهوم المواطنة والدولة، سببه يرجح الى عدم الفهم من قِبل المواطن لمفهوم المواطنة والدولة معاً وما له وما عليه، وان لانظلم المواطن كذلك بان يكون هو المسبب وراء ذلك فان الثقل يقع على عاتق الدولة بتقصيرها تجاه المواطن وتثقيفه، وكما هو معروف عن القول العام “ضاع الخيط والعصفور” فالمواطن غيب والدولة جاهلة ولهذا نجد وطننا متخبط بسياسته وسلطانه.