ليس من السهل الخروج من عبودية الذات, كما لصنم الأنا هالة نفسية تجاه الشخص, ولكن العاقل فقط من يفكر بذاته بمشاركة الجميع!
كان هناك دكتور في إحدى الجامعات, لديه حصة مع طلابه في تهيئة النفس, فطلب من الطلاب عمل بالونات وكل طالب يكتب أسمه على بالونه, ففعل الطلاب ذلك, وأخذ الدكتور البالونات ووضعها في غرفة, ثم طلب منهم أن يحضر كل شخص بالونه خلال دقيقتين, ذهب الطلبة ليجدوا بالوناتهم, و أنقضت المدة ولم يحضر البالون سوى شخصين, أخذ الدكتور البالونات مرة أخرى, وطلب من كل واحد أن يحضر بالون صاحبه خلال دقيقة, فذهب الطلاب ورجعوا وكل واحد يحمل بالونه الشخصي بيده!
انقضت فترة مظلمة من حكم الأشخاص, بدمار شامل للبنى التحتية, لم يفلح من تملكته الأنا, من بناء بيته بشراكة أخوته, فأنهار العراق لولا حكمة العقلاء.
اليوم حكومة التغيير تحاول تغيير الأفكار, فتحت شعار ( شراكة….. مسؤولية …… انجاز ), تقدم أحد قادة التغيير بفرض فكرة الشراكة, حتى على معارضيه ومن تواصوا عليه بإفشال حقيبته, متقيدا بمسؤوليته تجاه شعبه, و أنجز ما لم تستطع حقبة 8 سنوات من انجازه, خلال فترة لم تتجاوز ألثمان أشهر, ليبرهن إن التغيير لم يكن بالوجوه فقط, ولكن التغيير هو تغيير المفاهيم التي حطمت البلاد, وصنم الأنا أصم لا يستحق أن يعبد.
في المؤتمر الثالث لتبادل الصلاحيات, والذي أقيم في محافظة ميسان, كنت حاضرا هناك, لم أرى قط قائدا أستطاع أن يتصرف من موقع مسؤولية تجاه الشعب, كما كان عادل عبد المهدي في ذلك المؤتمر, حيث شاهد جميع الحاضرين ومنهم محافظين ورؤساء مجالس محافظات, و رؤساء لجنة الطاقة, حيث دهش الجميع من طريقة حل المواضيع العالقة, والتي تهم بشكل مباشر اقتصاد البلد, ولا زلت أرى الدهشة على وجوههم.
كانت رسالة التغيير حاضرة بديهيا لدى الحاضرين, حيث أستطاع وزير النفط أن يغير المفاهيم الدكتاتورية التي عاشت في قلوب أغلبهم, فلم يعهد لهم أن يسمعوا من وزير كلمة نتشارك جميعا لخدمة المواطن, إذ كان مسبق الحضور البديهي لمن لم يحضر المؤتمرين السابقين, هو الوزير يأمر وتتشتت الرؤى, وبالتالي هو مؤتمر لقضاء حوائج المؤتمرين الشخصية, وهدر للأموال فقط.
كلمات وزير النفط كانت كفأس, حطمت حاجر الأنا في النفوس, ولم يهدر ذلك الوقت للنقاشات الفارغة, بل خرج الجميع برؤيا واضحة لما له وما عليه تجاه الحكومة المركزية, كما أدلى الجميع بدلوه في إنعاش الاقتصاد النفطي, فخرجوا بمكسب لمحافظة البصرة بعزل الخام الثقيل وتصديره بمعزل عن الخفيف, وخرجت ميسان برؤيا حول استثمار الغاز في إنعاش الاقتصاد ليصبح موردا إلى جنب المورد النفطي, وكذلك خرجت المحافظات البقية برؤيا واضحة حول البترو دولار, بل و أصبحت المحافظات النفطية تطالب بحقوق أخواتها من المحافظات الفقيرة لهذا المورد.
هكذا أنتقل الحوار من الأنا المطلقة, إلى التفكير بالتشارك حسب المسؤولية, ليخرج المؤتمر بانجاز وحقيبة مملوءة بالخير للمواطن.