23 ديسمبر، 2024 1:36 م

شراكة الأقوياء.. أم شراكة الأمر الواقع؟

شراكة الأقوياء.. أم شراكة الأمر الواقع؟

يقال أن السياسة فن الممكن, ويقال أيضا انه لا يوجد في السياسة خصم أو صديق دائم, وإنما هناك خصمي أو صديقي الآن.

في الواقع السياسي العراقي بعد عام 2003, وبعد بداية متعثرة مرتبكة, بدأ شكل النظام وخصوصا بعد إقرار الدستور, يأخذ شكلا يمكن أن يقال عنه انه نظام ديمقراطي, إلى حد ما.

صيغ النظام السياسي ضمن واقع, وان لم يسن بقانون, بان السلطة التنفيذية ممثلة برئاسة الوزراء, للأكثرية الشيعية, ورئاسة البرلمان والجمهورية, بين الكرد والسنة, ورغم انه أمر غير صحيح أو صحي, إلا انه واقع.

الواقع وفق قياسات الثقل الأحزاب في الشارع, يقول أن الغالبية الشيعية, والى سنوات قريبة لن تفرز أحزاب سياسية تخرج عن الكتل الثلاثة الأكبر الموجودة حاليا, وهي كتلة المواطن, وحزب الدعوة والمتحالفين معه, وكتلة الأحرار.

فيما لازالت القوة السنية متخبطة متصارعة, على خلفيات عشائرية ومناطقية, ومصالح مالية متضاربة, وأجندات مختلفة, مع ارجحية نسبية لكتلة الأخوين النجيفي, لما لها من ثقل في مناطق الموصل وما حولها.

بينما أفرزت الساحة الكردية ظهور قوة جديدة من رحم الاتحاد الوطني الكردستاني, لها ثقل لا يستهان به, وهي حركة التغيير, إلا أن ما يميز البيت الكردي, توحده في الموقف تجاه المركز.

واقع أن الكتل الشيعية لن تحقق أي منها أغلبية تتيح لها تشكيل حكومة لوحدها, وستضطر للتحالف لتحافظ على كونها الكتلة الأكبر برلمانيا, رغم ذلك فهم سيحتاجون شريكا أو أكثر للحصول على النصاب المطلوب عدديا.

الشيعة تجمعهم بالسنة القومية والمجاورة, ومصالح مشتركة, وأهمية كونهم احدهم ورقة ضغط بيد الثاني أما الكرد..والشيعة تجمعهم بالكرد, المظلومية التاريخية, ومصالح مشتركة, وتحالف إستراتيجي قديم منذ أيام المعارضة, وأهمية كون احدهم ورقة ضغط بيد الثاني أمام السنة.

المعضلة الحقيقية تكمن في أن كلا من الأحزاب الشيعية, يراهن على شريك مختلف عن ما يراهن عليه الآخران, وهو موقف مقبول ضمن اطر التنافس السياسي, ولكن غير مضمون العواقب عند اعتبار أهمية ضمان حق الأغلبية في قيادة الدولة, مع مشاركة الأقليات بشكل عادل ومنصف, فكيف سيتم اختيار الشركاء؟

الكرد شريك أساسي لا يمكن تجاوزه, وواقع الوضع السياسي الكردي يشير إلى أن كتلة البرزاني هي الأقوى والأكثر أثرا, ولكن شريكا واحدا في الحكم لن يكفي, فمن الضروري اختيار شريك سني يكون له ثقل واثر, ومقبولية في الشارع وخصوصا بعد أحداث الانبار الأخيرة, وبقائها مفتوحة دون حل.

المراهنة على الشركاء وثبات مواقفهم, ناهيك عن وجود رفض لبعض مواقفهم في شارعنا, أمر صعب لكن لا بديل عنه, لكن الشريك الضعيف رغم قربه منا, سيكون عبأ علينا, والشريك القوي وان اختلفت بعض مواقفه عنا, سيكون سببا للنجاح.