22 ديسمبر، 2024 6:49 م

شخصي نوعا ما .. الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية ،..لكن “التصيد”..يفعل!

شخصي نوعا ما .. الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية ،..لكن “التصيد”..يفعل!

سأخبركم كيف وبأمانة..انا رجل (لمن لايعرفني ) لدي خبرة طويلة جدا في قضية النقاش بل والجدال -الذي لا احبه- واختلاف الرأي الذي اؤمن به واحبه..سواء على مستوى الكتابة او المستوى الاكاديمي مع زملاء ونظراء او حتى في المجالس العامة والاخوانيات .. والذي يعرفني يقرأ الان ..وخبرتي تلك لسببين لا ثالث لهما : الاول ان الله رزقني أصدقاءا دائميين ورزقهم الجدل معي ومخالفتي ، وهم أشرس مايكون عليه الانسان في الجدل والاختلاف الفكري وكانوا يخالفوني فكريا وعقديا وجدليا في كل شيء ، حتى ان قلت ان اللون الابيض يبسط السريرة ، يقولون اثبت لنا ذلك ! فان خرجت من دين دخلوا فيه واذا دخلت الالحاد خرجوا منه، وانا احبهم كثيرا واقدرهم ولاغنى لي عنهم رغم انهم كانوا يجادلوني في طلوع الشمس من المشرق ! وهذا من نعم الله، حيث كان بعضهم عالي الثقافة وعميق الفكر ، وكان هدفه الاستزادة من العلم اوتمرين قدراته على الجدل والنقاش (براسي!) ..وكانوا منذ الصغر مشاريعا لكتاب وباحثين وشعراء واكاديميين ..وقد اصبحوا كذلك فعلا وبأقل من استحقاقهم فهم كانوا ومازالوا نجوما يهتدي بها السائرون من هذه الشعوب المسحوقة جهلا وفقرا وظلما..ومنهم مازال معي وهو يقرأ لي الان وأقرأ له وأفخر به ..ولا انكر ان آخرين كثيرا ايضا كانوا يشاطروني آرائي ولا زالوا ويدعمونها لانهم يرونها تمثلهم او تشابه مايعتقدون وهم احبابي ايضا وانصاري ولافرق .
أما السبب الثاني هو انني اكتب بل واتكلم في النقد دائما ومنذ صغري ..حتى انني كنت جاهلا في توجيه النقد -وان كان صحيحا- فكنت اخاطر بحياتي وأمني ! وكنت غرا في طرق اصلاح الخطأ لدرجة اني كنت اضر من احبهم واسيء – بشكل ما- ودون قصد لمن اردت نفعهم ، وارجو منهم ومن الله السماح ..
وكنت لفترات طويلة من حياتي متخصص فقط في المناظرات مع الخصوم والمنافسين والمؤيدين في الشأن الديني والفلسفي والسياسي ..ومفاوضا بعض الاحيان ، وحتى وانا استاذ ، كنت أجد من طلبتي ، من يتجرأ ويتطوع لمخالفتي ومجادلتي رغم انهم لم يكونوا يفعلوا ذلك مع غيري من اساتذتهم ، ولعلي كنت اشجعهم ..فضلا عن اني كنت اقرأ دائما مايخالف رأيي فاجدني اتحرق غيظا مع الكتاب او المقال ولا اجد طريقا اصل فيه الى مؤلفه وكاتبه في ذلك الزمان لأرد عليه خطأه (الذي اظن) ..فانطلق الى قلمي ودفتري فارد على رأيه بكل الادلة والقسوة الممكنه ، ويعلم الله انني حتى في تلك الملاحظات الشخصية لم اسيء لشخص الكاتب اوانتقص من شخصيته ..لانه ببساطة بالنسبة لي ، مصدر علم . وقد أدمنت ذلك حتى انني كنت افتقد واحن الى قراءة كتاب يماهي فكري او يؤيده ..! لتعودي قراءة المخالفين وقد اضر بي ذلك صحيا ، ولكنه افادني فكريا .
هذان هما السببان لاغيرهما ..جعلا مني خبيرا في امر مخالفة الرأي وصرت مختصا في التمييز بسهولة بين (مخالفة الرأي ..التي لاتفسد للود قضية) وبين الجدل غير النافع.. وغير الموصل الى نهاية (وهذا له باب آخر وحده) ،وبين (التصيد لغرض التسقيط بدوافع كثيرة ، يعلمها الله ونعلم نحن بعضها ) ، لدرجة انني يمكن ان ابين لكم الفرق والعلامات التي تساعدكم على التمييز بين المخالف في الرأي عفويا (النافع) والذي لا تفسد مخالفته لرايكم للود قضية وان طالت وان قست . وبين المتصيد قصدا (الضار) ..ورغم ان المخالف وان كان متصيدا قد يكون على صواب، لكنه بتصرفه هذا سيفسد للود قضية ، فتصيُّد الأخطاء داء إذا ما تمكن من نفس أضربصفائها.وهذا يساعدكم على الاستمرار مع الاول ومحبته ، والابتعاد عن الثاني ومضرته ، وتجاهله او ايقاف التحاور معه -علميا على الاقل – لانه قليل النفع كثير الضرر فاسد النية :
فأن رايت الرجل ليس له في فن معين انت تكتب او تتكلم فيه ويحشر نفسه ليردك بدل من التعلم والاستفادة منك .. فهذا تصيد وليس مخالفة للرأي . واذا رأيت رجلا يقرأ لك او يسمع كل شيء فلا يكلف نفسه في تأييدك برأي هو من مناصريه اصلا ،،وينتظرك فقط لتقول رأيا لايوافقه ثم يتكلم ويعترض.. فهذا متصيد . واذا رأيته يحمل كلامك الى ناحية غير التي تقصد -متعمدا وليس عن جهل- ثم يناقشك على ماحمله هو ويتجاهل الحديث في رأيك الاصلي .. فهذا متصيد. واذا رايته يبذل جهدا علميا كبيرا لجلب مايخالفك ويتوانى عن اي جهد يؤيدك حتى وان كان غير متعب فهذا متصيد. واذا رأيته يضع كلاما على لسانك لم تقله ويبدأ بمخالفته فهذا متصيد . واذا رأيته يوهم الآخرين بأنك تقصد مالم تقصده اصلا ويبدأ بالرد تحت حجة مخالفة الرأي ..فهذا متصيد . واذا رأيته يحضر اذا تكلمت او كتبت عنه بخير ويغيب او يتغيب اذا تكلمت بخير عن غيره ..فهذا متصيد . واذا رأيته يذكرلك فقط آراء المختصين التي تخالفك ويسكت عن ذكر الذين يوافقونك حتى وهو يعرفهم ويدري عنهم .. فهذا متصيد .
واذا رأيت الرجل لايسجل حتى اشارة القراءة (المتاحة في وسائل النشر اليوم) ، فيظل مختفيا طوال الفترة ثم يظهر فجأة على رأي مكتوب لك ليعلق مخالفا او يصحح خطأ (وان كان خطأ فعلا) ..فهو متصيد . واذا رأيته لايرغب في المساهمة في نشر آرائك النافعة التي لاخلاف عليها (كآراء الاخلاق والعمل الانساني ) ، ويؤكد على نشر آرائك التي عليها خلاف فلسفي او علمي او ادبي ..فهو متصيد . واذا رايته ان رددت على رأي او تعليق له بشكل غير مقنع يستمر في الرد والجدل والمتابعه ، فاذا اجبته بشكل يقنعه اختفى واظهر عدم السماع او عدم القراءة اوتظاهربالانشغال .. فهو متصيد ! واذا رايته لايشير الى مانشرت انت او قلته ولا يشير الى من ايدك او اعجب برايك ، ولكنه يشير او يتفاعل فقط مع من خالفك ..فهو متصيد .واذا رايته يجتزيء كلامك ليشوه رأيك ثم يهاجمه فهو متصيد ، واذا رايته يتغاضى عن قولك له انت مصيب في هذا ويتمسك فقط بقولك انت مخطيء في ذاك ولايفعل هو كما تفعل.. فهو متصيد . واذا رايته ينفر منك اذا كانت حجتك قوية في امر معين ويبتعدحتى عن صداقتك..فهذا متصيد. واذا رأيته يتجاهل لفظك ويختلق نواياك فيحكم عليها ..فهو متصيد.
واذا رايته يتابع مخالفي آراءك ويتهرب ويبتعد عن مؤيديها ..فهو متصيد .واذا رايته يقرأ اول مقالك ويحاسبك فقط على آخره او العكس فهو متصيد. واذا رايته يتكلم كثيرا في ان “خلاف الراي لايفسد للود قضية” عندما يتعلق الامر برأي مستفز يطرحه هو ، حتى اذا طرحت انت مثل ذلك اعترض او غضب.. فهذا متصيد .واذا رايته يحاول ان يجد أية ثغرة في كلامك مهما صغرت ليرد عليك وان كان كلامك مفيدا ومفصلا وصحيحا في مجمله…فهذا متصيد. واذا رأيته يتعامى عن رؤية رأيك كله وتفاصيله ..فهو متصيد . واذا رأيته يصر على فهم خاطيء ولايقبل منك ان تشرح له قصدك الاصلي ..فهذا متصيد. واذا رأيته يبحث دائما عن الغلبة في النقاش والفوز ..فهو متصيد . وأذا رايته يخالفك حتى من تستشهد بهم من اهل الاختصاص وان كان هو يؤيدهم اصلا ..فهو متصيد. واذا رايته ماوافقك ولامرة في اي رأي على الدوام .. فهذا متصيد ، لأنك لايمكن ان تكون مخطيء في كل آرائك وطوال حياتك ، فحتى الساعة المتوقفة تكون على صواب مرتين في اليوم .
——————————–
“قال الإمام احمد لعبد الله بن الزبير الحميدى في مكة ،وهو صاحب المسند وشيخ البخاري – تعال لأريك رجلا لم تر عينك قط مثله وذهب به إلى الشافعي فسألوه مائة مسألة أو أكثر وأجاب الشافعي رحمه الله فلما خرجوا التفت الإمام أحمد إلى عبد الله بن الزبير وقال له: كيف رأيته؟ قال : ما أعجبه ! ولكن هل لاحظت أنه قال كذا وكذا وعدد عشرة أخطاء فقال الإمام أحمد كم هذه قال عشرة قال :لماذا ذكرت هذه وعنده تسعون صوابا ”