اليوم سوف اتكلم بمقالتي هذه بعيدا عن السياسة وبعيدا عن الشعر والادب لأعيد للتاريخ ذكرى واسماء اشخاص قدموا في حياتهم النصيحة لمجتمع كامل وركزوا على تعاليم الدين الاسلامي كل مجهوداتهم وللأسف الشديد لم ينصفهم التاريخ ولم يذكرهم احدا بشيء ولم نقرا اسمائهم في سجلات العلماء البارزين كونهم من مناطق نائيه ولا يوجد في حينها وسائل اعلاميه تنشر مواقفهم الإنسانية اليوم اتكلم عن شخصيه استطاعت ان تكتب بخط يدها المصحف الشريف عده نسخ وكذلك الكتب الدينية المتعلقة بالميراث والزواج ونشرها بين الناس في ذلك الوقت الذي كان فيه الجهل موجود في اغلب القرى والارياف وكانت المساجد قليله جدا وكان اغلب الدعاة في حينها لا يصلون الى تلك المناطق انه ملا جاسم محمد سليمان العبدالله من عشيرة عميرة العجل من قبيلة الجبور مواليد ١٨٨٥والدته هديلة النجم شقيقة عارفة الجبور ملا منصور احد امراء القبيلة من سكان قضاء الشورة في تلك الفترة….
كان الملا جاسم في حينها ذكياً جداً وقد وهبه الله الحكمة ولديه فراسة وفطنه فلقد تعلم القراءة والكتابة منذ صغره على يد اشهر العلماء في مدينة الموصل في حينها وتعلم قراءة القرآن وكتابته حتى اصدر المجمع الفقهي او ما تسمى في حينها هيئة علماء الفقه الاسلامي اجازة علمية له في عام ١٩٣٥ لتدريس القرآن وعلوم الميراث وشؤون الزواج كون تلك الفترة كانت تخلو من المحاكم والقوانين المتعلقة بالشؤون الشخصية وبعدها قام بافتتاح مدرسة خاصة له لتعليم ابناء منطقته قراءة القرآن الكريم وقد خط بيده المصحف الشريف وعدة كتب تخص العلوم الإسلامية ومازالت مخطوطاته موجود قسم منها في مكتبات عالمية والقسم الآخر موجود حاليا لدى حفيده السيد بلال عبدالرزاق الملا جاسم امام وخطيب جامع الملا جاسم الذي قام بتشييده من نفقته الخاصة في ناحية الشورة حي الخضراء تيمناً وصدقة جارية لاسم ابيه وجده….
ويذكر ان هذه العائلة الكريمة محدودة النسل فالملا جاسم يعتبر شجرة نسب لوحده كونه لا يوجد لديه اخ وكذلك ابنه وحفيده فالجميع لم يعقبوا الا ولد واحد ماعدا اليوم حفيده بلال فقد انعم الله عليه بذرية صالحة عدة ابناء حفظهم الله وانار طريقهم على خطى سلفهم الصالح
وللتذكير للتاريخ كان الملا جاسم يحضر مجلسه الكثير من طلاب العلوم الشرعية ويقصدون منزله من قرى واماكن بعيدة وهناك مثل مشهور في اغلب قرى ومناطق جنوب الموصل عندما يأتون بشخص متهم يطلبون منه القسم فاذا اقسم يقول وحق قرآن ملا جاسم والقصد هنا الدلالة على قدرة هذا الانسان بكتابة النسخ العديدة من المصاحف بخط يده الكريمة وتوزيعها الى القرى الاخرى…..
ومن كلامه الذي تتوارثه الاجيال مقولته الشهيرة لن يكون لي قبر بين المقابر وفعلا يقول الراوي انه ذهب للبحث عن ابنه السيد عبدالرزاق الذي كان احد افراد شرطة البادية في منطقة الحضر وانقطعت اخباره ولم يعثروا حتى على جثة له وهذا امر الله وارادته… لقد افنى الملا جاسم حياته في تعليم القرآن وكتابته وربما لو كان هناك قبر شاخص له لوجدت الناس يذهبون لزيارته للتبرك به ولكن الله يختار منازل اولياءه ولايعلم قبورهم ومنزلتهم الا القليل…
رحم الله العالم الجليل والفقيه القروي ملا جاسم الذي لم ينصفه الكتاب في كتب التاريخ ولكنه انصف نفسه امام ربه فحفظ كتاب الله وعلمه للناس وان من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه تعالى تلاوة كتابه وحفظه وتدبره والتأمل به فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة ما أُنزل إليه فقال : ( ورتّل القرآن ترتيلاً)) والحديث الشريف يقول ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))…
فسلاماً على الملا جاسم يوم ولد ويوم علم القرآن للناس ويوم مات ويوم يبعث حيٌا..