23 ديسمبر، 2024 5:47 ص

شتان ما بين راية محمد ص وراية ترامب

شتان ما بين راية محمد ص وراية ترامب

يوم كان العرب غساسنة يقدمون فروض الطاعة لاباطرة الروم ومناذرة يقدمون فروض الطاعة لاكاسرة الفرس، كانت جزيرة العرب حبلى وكانت بشائر ولادة غراء تلوح في افاقها، ستحرر ارادة الانسان …..
وقف محمد ص امام حصون خيبر التي استعصت عليه، فاعلى صوته مليئا بصدق رسالته المقدسة، ومفعما بالعزة والاباء قائلا: غدا ساعطي الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فتطاولات اعناق اصحابه كل واحد منهم تمنى ان يكون ذلك الرجل الذي قصده الحبيب رسول الله ص، كانت امنياتهم شامخة نقية كسرائرهم، حتى قال بعضهم ما تمنيت الامارة الا في ذلك اليوم، وعندما جاء غد الراية التي وعد بها المصطفى ص، تحلق الاصحاب به ينظرون الى عينية المشعتان نورا ورحمة، قال: اين علي، فقالوا: يا رسول الله انه لايكاد يرى من شدة الرمد الذي الم بعينيه، قال: ائتوني به، فجاء علي ووقف بين يديه قائلا: مرني يا رسول الله، فمسح على عينيه بيديه الكريمتين ودفع اليه الراية، فكان سرور على بالراية ذلك اليوم كسروره بالوقوف على ابواب الفردوس يوم القيامة، رفعها وهزها امام رسول الله ص وتقدم الى خيبر تحف به نخبة من رجال لم يشهد الزمن امثالهم، يقول احدهم، تقدم علي نحو ابواب خيبر والراية بيده يهرول امامنا، وكنا نركض خلفه بكل قوانا فلم نستطيع اللحاق به، اي همة تلك التي كانت تنمو في داخله، هذا الشاب الذي لم يغادر حداثة السن، انه عالم يزخر بحب محمد والايمان بما جاء به، الشجاع الذي بلغت شجاعتة حد الاسطورة، الا انه كان يقول اذا حمي الوطيس لذنا برسول الله، الابي الذي بلغ اباؤه مراتب لا تضاهى، الا انه كان يقول: انا عبيد محمد.
هكذا كانت الامة قائد يشد حجر المجاعة على بطنه لقلة ما في بيته من زاد ليس فقرا ، فهو يمتلك ارواح اصحابه قبل اموالهم، حتى ان زوجه ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول: تمر الايام تلو الايام ولم توقد في بيوت ازواج رسول الله ص نار لانضاج طعام، كان اكثر طعامه الماء والخبز والتمر، واما اصحابه فهم تلاميذه الذين لم تكن الدنيا تعني عندهم الا الايمان بما يبلغه عن ربه جل وعلا، والامتثال لما يامر به، من امثال صاحب الراية علي عليه السلام، الذي كان يعيش ايام خلافته عيشة افقر الفقراء، علاوة على انه لم يتقاض اجرا وانما كان يعيش من كد يده، وعندما حضره الموت شهيدا، قيل له اوص يا امير المؤمنين لولدك الحسن عليه السلام، ومع سابق علمه بان الحسن ع اذا حكم سيكون امينا على مقدرات الامة حريصا على دينها ودنياها، الا انه قال: لا آمركم ولا انهاكم، فعلي عليه السلام لم يفرض على الامة ما يريد، ولا ينهاها عما تريد، وهذا هو جوهر حرية الارادة، التي ارساها الاسلام، اما ابو بكر رضي الله عنه، فقد تقاضى ايام خلافته ما يتقاضاه عامة المسلمين من بيت المال، الا انه عندما حضره الموت ظن ان في ما تقاضاه شبهة، فقال لاهلة اعيدوا من مالي الخاص كل ما اخذته من بيت مال المسلمين، كان لا يحتسب اجرا الا عند الله، واما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستشار علي في ما يتقاضاه من بيت المال، وكان رايه ان لا ياخذ شيئا، الا ان عليا ع قال له خذ لك ولعيالك قوت يوم، فاخذ مقدارا لا يصعب على فقراء الامة الحصول عليه، وعندما حضره الموت شهيدا، قالوا له: اوص يا امير المؤمنين، فلم يوص وترك الامر شورى بين ستة اخرج ابنه عبد الله منهم، فقد كانت له فراسة المؤمن، لم يشرك في شورى المسلمين ابنه الذي قاتل عليا ع باغيا تحت لواء معاوية، جنبا الى جنب مع ابي الغادية قاتل عمار بن ياسر رضي الله عنه وارضاه، الذي قال له رسول الله ص: تقتلك الفئة الباغية، هكذا كانت الامة وهؤلاء هم حكامها، تربوا بين يدي رسول الله، فنعم المربي المصطفى محمد ص، ونعم من تربيى على يديه الكريمتين.
اليوم نقف على نقيض ذلك الزمن، نعود اسوأ مما كنا عليه يوم كنا غساسنة ومناذرة، نقدم فروض الطاعة لكسرى وقيصر، نقدمها اليوم لبوتن الذي نبارك له قصف مدننا، وقتل اهلنا، انه حفيد يوحنا الدمشقي الذي تربع على كرسي الاستشارة ايام الامويين، يوحنا الدمشقي هذا كان يهزأ بسيدنا محمد ص، ويقول انه مهرطق مسيحي على مذهب آريوس، بالمناسبة ان آريوس كان مسيحيا موحدا مؤمنا ان عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله، اقصي عن الكنيسة بعد مجمع نيقيا عام 325م، الذي اثبت عقيدة التثليث التي تقول ان عيسى ابن الله، وان هذا المجمع كان قد انعقد برعاية الامبراطور الوثني اوغسطين، فاوغسطين لم يعتنق المسيحية اطلاقا، وانما عمد وهو على فراش الموت، بعد اثنتي عشرة سنة على انعقاد مجمع نيقية، ونقدم ايضا فروض الطاعة لترامب حفيد الصليبين المفاخر بكل جرائمهم، بل هو من اعاد القدس اليهم بعد ان حررها المسلمون بالدماء الطاهرة.
ما ابعد شبه اليوم المنكسر بالامس المنتصر، فاليوم يقف ترامب امام حصون القدس متذكرا دماء اسلافه الصليبيين النجسه واراحهم الشريرة، يقول: غدا ساعطي الراية رجلا يحب امريكا واسرائيل وتحبه امريكا واسرائيل، تتطاول اعناق الملوك والحكام العرب، كل يتمنى ان يكون هو ذلك الرجل الذي يثق به ترامب ويشرفه بحمل رايته، وعندما يحين ذلك الغد الموعود، يتحلق الحكام بسيدهم ترامب، فيقول: اين محمد بن سلمان، يقولون له انه لا يكاد يرى فقد اثقله السكر، فيقول ائتوني به، فيقف محمد بن سلمان بين يدي ترمب قائلا مرني يا سيدي، فيدفع له راية عودة القدس الى الصليبين، ما يرعبني ان تكون استعادة الصليبيين للقدس مقدمة لاستعادة اليهود لخيبر، ولتلك الراية حملة كثر ، كم هي مرة هذه ، يا سيدي يا رسول الله، الا انها حقيقة.