-1-
اذا كانت (آلة الرئاسة سعة الصدر) – كما قال أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع) – فانّ قرار د. العبادي في اسقاط الدعاوى القضائية المقامة على رجال الصحافة ، يأتي متناغما مع هذا المبنى السليم .
انك تستطيع ان تقلع الشر من صدور الآخرين اذا ما قلعتَه من صدرك..!
على أنَّ الرأي الآخر ليس شرّاً على الاطلاق …
-2-
وتجلّى للجميع عبر الأيام المائة الماضية – أن د. العبادي ليس مأزوماً نفسياً ، وانه رجل عقلاني وطني، منفتح على كل القوى الفاعلة في العراق، من قادة دينيين ، وزعماء سياسيين ، وأكاديميين ومثقفين ، ورجال اعلام وصحافة ومواطنين …
وبهذا الانفتاح استطاع احراز النجاح ، رغم كثافة المصاعب والعوائق ، والمحاولات اللئيمة التي لم تنقطع لايصاله الى طريق مسدود ..!!
-3-
إنّ الامام الصادق (ع) – فيما روي عنه – يقول :
{ أحب اخواني اليّ مَنْ أهدى اليّ عيوبي }
وحاشاه من العيوب …
انه ارادنا ان نستقبل النقد البنّاء ، كما نستقبل باقة الورد المهداة الينا، ذلك أن النقد البنّاء لايخرج عن كونه إصلاحا للمسار ، وتقويماً له .
-4-
وكاتب السطور ، استمع مرّة الى متحدث في حفل تأبيني ، تناوَلَهُ بِذِكْرٍ سيءٍ لا يمت الى الحقيقة بصلة، مما اضطر المسؤول عن ذلك الحفل انْ يكتب ورقة الى عريف الحفل يقول له :
إنّ ما طُرح لا يُمثّل وجهة نظر المؤسسة المقيمة للاحتفال، وانما يمثّل وجهة نظر قائِلِه فقط ..!!
وهنا انتفض أحد أصدقائنا – وهو طبيبٌ لامع صاحبُ مكانةٍ متميزة – وجاءني قائلاً :
ما رأيك في أنْ أَرُّدَّ عليه ؟
قلت :
اتركْهُ ، ولا تُعر كلامه اهتماما …
وتسألني الآن :
لماذا ؟
هل كان ذلك لتغليب النزعة الأخلاقية وما تقتضيه من تسامح وعفو فقط، أم كان لدواعٍ أخرى أيضاً ؟
والجواب :
انك حين ترّد عليه ، توفر الفرصة لكّل المستمعين أنْ ينقلوا ما قال وما قيل في الرد عليه لمن لم يكن حاضراً في الاحتفال ..
وهذا يعني :
انك تريد ان ينشغل الناس بالقال والقيل ، والادعاءات الممزوجة بالأباطيل .!!
وهذا أمر واضح البطلان …
-5-
وبصراحة :
انّ اقامة الدعاوى القضائية على رجال السلطة الرابعة، ينطلق من خلفية معيّنة، وقضايا مركوزه في ذهن صاحب الدعوى .
انّ تصورات “المسؤول التنفيذي المباشر ” عن نفسه ، وعن قدراته وملكاته ومواهبه وانجازاته هي التي تدفع به الى اقامة الدعوى على الاعلاميين المخالفين له .
انه يعتبر ” الأقلام ” المضادة له كالسهام …
وانها بَدَلاً من أنْ تلمّع صورته ، وتكرّس وجوده في وجدان الناس ، تعمد الى تسليط الأضواء على فشله، وكشف الثغرات والمواخذات الكثيرة التي تكتنف مسيرته …
وهذه هي الخطوط الحمراء عند ذوي النزعة التسلطيّة التي تأبى ان تُمَسَّ بشعرة ، لانها فوق الشكوك والشبهات …!!
-6-
انّ قواميس الاخلاق تشير الى أنَّ الوضع الأمثل لمن يُساء اليه ان لايكتفي بالتسامح والعفو بل بمقابلة الإساءة بالاحسان ..!!
ولا يتنازع اثنان في أنَّ مُقيم الدعاوى على رجال الإعلام ، لو عمد الى ذلك ، لأستطاع ان يتفادى النقد الساخن الذي لم ينقطع حتى بعد انتهاء
ولايته ، ولن ينقطع أبداً، حيث لم يُصدر منه ما يدّل على الاعتراف بالخطأ، فضلاً عن الاعتذار عما سببّه للبلد والمواطنين من أزمات وويلات …
-7-
انّ رجل الدولة لابُدَّ ان يتميّز بقدراته على الاستيعاب والإغضاء ، كما قال الشاعر :
ليس الغبيّ بسيد في قومه
لكنّ سيد قَوْمِهِ المتغابي
وعليه أيضا :
أنْ يُتقن فَنَّ الاصغاء الى الآخرين ، والانتفاع بطروحاتهم، بَدَلَ المسارعة الى معاقبتهم .
*Husseinalsadr2011Yahoo.com