22 مايو، 2024 1:26 م
Search
Close this search box.

شتان بين الصورتيْن ..!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

-1-
استنجدت عراقية فقيرة باحدى المرشحات للفوز بمقعد نيابي ، لتُعينَها في انجاز معاملة لها في بعض دوائر الدولة – بعد ان عجزت هي عن انجازها- فما كان من المرشحة الاّ ان قالت لها :
أنا مستعدة للمساعدة في انجاز معاملتك ولكن بشرط لابُدَّ من الاتفاق عليه من الآن ..!!
قالت الفقيرة :
وما هو الشرط ؟
قالت المرشحّة :
ان يكون صوتُكِ لي في يوم الانتخاب ..!!
فما كان من المرأة الفقيرة الاّ مغادرة المكان، دون تعليقٍ على ما سمعتْ من المرشحة ..!!
لسنا نتحدث عن قصص خياليّة …
انها قصة وقعت قبل أسابيع ،
وكشفت عن عمق الافلاس الاخلاقي والانساني اللذيْن تعيشهما المرشحة لتمثيل العراقيين (…..) في مجلس النواب .
انها تقايض المساعدة المطلوبة بثمن باهظ .
ان الفقيرة التي طلبت النجدة ، لم تجد في موقف المرشحّة ما يشجعها على القبول بانتخابها ، ذلك انها أظهرت نرجسية مقيتة ، وكشفت عن حبّ للذات وتعلق رهيب بمصالحها الشخصية ، وكل ذلك يبعدها عن ان تكون مؤهلة للانتخابات ..!!
-2-
والآن
ننتقل الى الماضي البعيد ، لنقارن بين هذه المرشحة ، وبين امرأة أخرى أجارت من لجأ اليها وآوته، ثم انكشف لها أنَّ من أجارته هو الذي أصاب ولدها وأثخَنَهُ بالجراح، ومع ذلك فلم تتزحزح عن موقفها قيد أنملة .
جاء في بعض الكتب :
(ان المامون لما خرج عليه عمّهُ ابراهيم بن المهدي – جهّز جيشاً لمحاربته فَقَهَرَهُ ، ففرَّ ابراهيم مستخفيّاً )
فجعل المامون ألف دينار لمن يدلُّه عليه ،
 ان تخصيص السلطات مكافأة نقدية لمن يلقي القبض على المطلوبين لها ، أمرٌ معروف منذ زمن بعيد ، وما زال معمولاً به حتى الآن …
” فينما كان ابراهيم يسير في طريق ، اذ أبصر به جندي فعرفه فتعلق بأثوابِه وقال :
هذا الذي يطلبه الخليفة ،
فخاف ابراهيم على نفسه فدفع الجندي دفعةً قوّية في صدره ، وأراده الى الارض فَشُجّ رأسه ، فتركه ابراهيم وهرب بنفسه .
وبينما هو يسير اذ أبصر داراً مفتوحة فدخلها فاذا هو بامرأة قالت له :
ياهذا ما حاجتك ؟
قال :
اني امرؤ خائف على دمي ،
وقد لجأتُ اليكم ،
واستجرتُ بكم ،
قالت :
على الرحب والسعة ، إنّا قد أجرناك فأنت آمن ،
ثم أدخلته في حجرة وأغلقت عليه الباب، وبعد هنيئة من الوقت سمع ضجة في الدار ، فنظر من شقوق الباب فاذا به يرى الجندي معصّب الراس ، وقد أحاط به الناس ، وأمسكوا بيده لأنه لايقوى على المشي لما أصابه ، فألقت المرأة له فراشاً واستلقى عليه .
فعلم ابراهيم ان هذا البيت بيتُه، وان هذه المرأة أمّه ، وانه سعى بِظِلفِهِ الى حتفه وأيقن بالهلاك .
فلما خرج الناس وبقي الرجل وحده مع المرأة، سألته عن أمره ويقول :
لقد ادركتُ الغنى ثم أفلتَ منّي ، وحكى لها قصته مع ابراهيم، فأخذت تخفف عليه المصاب وتهوّن عليه الأمر حتى نام .
فقامت ودخلت على ابراهيم في حجرته وقالت :
أظنك صاحب القضية ؟
قال :
نعم ” أنا هو ” فقالت المرأة :
لابأس عليك فقد أجرتك ، ولا سبيل الى النقض ، فانجُ الآن بنفسك ، فخرج من عندها، وهو معجب بعقلها ووفائها وزهدها في المال الكثير الذي جعله الخليفة لمن يدلّه عليه “
أقول :
انها لم تفكر بالانتقام منه لما فعله بابنها ، وبقيت على ثوابتها الاخلاقية ، ومن هنا سجّل التاريخ موقفها باكبار .
والصورتان المتضادتان للمرشحة الأنانيّة، وهذه المرأة الرفيعة الأخلاق، موجودتان في كل مكان وزمان …..
لقد عفت بالأمس القريب امرأة عن قاتل ولدها قبل تنفيذ حكم الاعدام به بدقائق ..!!
جرى ذلك في الجمهورية الاسلامية بايران ، وتناقلت الخبر وكالات الأنباء .
هيهات ان تندثر القيم والمآثر .
انها قد تضعف ولكنها لن تموت …
[email protected]
www.almnbeir.com

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب