23 ديسمبر، 2024 6:14 م

شبكة الاعلام العراقي ونفق “التيهة”

شبكة الاعلام العراقي ونفق “التيهة”

كنت اتأمل ومعي الكثيرين ممن ينشدون التغيير والاصلاح في مفصل مهم من مفاصل الدولة وهي “شبكة الاعلام العراقي” ان تثمر جهودهم ومواجهاتهم مع الفاسدين والانتهازيين والوصوليين الى احداث اصلاحات حقيقية تنقذ هذه المؤسسة من تفشي مظاهر الفساد وتردي الخطاب والفوضى والترهل التي أسهمت في تدني مستوى خطابها الاعلامي الى الدرك الاسفل من بين المؤسسات الاعلامية منذ تولي الجانب العراقي مسؤولية الاشراف العام عليها اواخر 2004 والى الان وفق مبدأ المحاصصة والتأثيرات السياسية التي لاتعنيها اهمية وخطورة دور هذه المؤسسة الحيوية في تشكيل الوعي داخل وخارج العراق.
فمنذ انتهاء فترة أسر الشبكة من قبل المحاصصي السيد الشبوط كنت اتصور اننا سنطوي مرحلة عسيرة ومظلمة من تفشي الفساد والتردي والفوضى والتستر على الفاسدين ، لكن من المؤسف ان معطيات الواقع لاتحمل خططا علمية وعملية واضحة ومطمئنة للتغيير بهدف الاصلاح .
وعلى الرغم من تقاسم الادارة الجديدة مسؤولية الاشراف التنفيذي والعام على الشبكة لكنها للان لن تعتمد على المعايير المهنية المتبعة في ابسط المؤسسات الاعلامية في اختيار المدراء التنفيذيين ورؤساء الاقسام ومسؤولي الشعب والتي يجب ان تتم بتدقيق ودراسة سيرهم ممن يتصفون بالنزاهة والوطنية والمهنية لتولي المناصب وفق القانون وبآليات دقيقة وشفافة بعيدة عن التأثيرات الخارجية و”الواسطات” و”المزاجيات” من قبل لجنة تمتلك رغبة حقيقية لانقاذ الشبكة والشروع العاجل باعادة البناء والبدء بالاصلاحات الجادة مثلما فعل الاميركان حين كانوا يشرفون عليها حيث قاموا بتحديد “جداول زمنية تقييمية” لكل مسؤول لمعرفة مستوى اداءه المهني وعطاءه وكيفية ادارته للمفصل وهل هو قادر على الابداع والتجديد وهذا الاسلوب المهني المغيب سبب رئيس باستمرار الفشل والانحدار المتواصل لاداء الشبكة.
ونتيجة استمرار هذه الفوضى تجددت هواجس الخوف من أبقاء ذات الزمر بمناصبها التنفيذية المتمسكة بآليات الرتابة والفشل التي شاخت بهم الشبكة لعدم قدرتهم على تقديم الافضل والارتقاء بمفاصل عملهم الى ابسط المقومات المهنية لانشغالاتهم في كيفية الحفاظ على كراسيهم من الزوال من خلال تشكيل عصابات للتصنت والوشايات ومحاربة الكوادر المهنية دون ان تفكر يوما انها تعمل بمؤسسة اعلامية يفترض ان تكون دائما حاضرة بمارثون الابداع والتجديد المستمر.
ازاء هذه المشاهد المؤسفة التي مازالت تعم كل مفاصل الشبكة اصبحت عندي قناعة انه ليس هناك خططا مهنية او ارادة جماعية او رغبة مشتركة واضحة وفق تفاهمات جادة وشفافة تحرص على انقاذ الشبكة وخشيتي من تكرار دراما التقاطع والتخاصم بين الامناء ورئيس الشبكة حيث ستدفع كالمعتاد كوادر الشبكة المخلصة ثمنها وتستفاد منها “العلل الطفيلية” التي تعتاش على استمرار الفوضى “.انني لا ارى ان وضع الحلول العملية لمشكلات الشبكة بهذا التعقيد الذي يجعل الادرة الجديدة تسترخي بل تستسلم امام اهم المعوقات وتضيع فرص واسعة ومناخات مناسبة للاصلاح ، فهناك حزمة من الاجراءات التي يجب ان تتصف بالشجاعة والصرامة لكي نبدأ بالخطوة الاولى بضبط الاداء نحو الاصلاح الحقيقي لكل مفاصل الشبكة وننهي اشكالية مفترق الطرق التي كانت تصل اليها الادارات السابقة وتدخل “نفق التيهة”.