الشباك الجديد لضريح المولى ابي الفضل العباس في كربلاء تمت صناعته في ورش معمل الصياغة التابع للعتبة العباسية المقدسة بمواصفات عالية المتانة والجودة والدقة هو أول شباك يتم تصنيعه في العراق وبأيدي الصاغة العراقيين، ويمتاز بخصائص جديدة وفريدة وعديدة تضاف إلى خصوصية انفراده أصلاً بجمالية نقوشه وزخارفه الموجودة في جميع قطعه وتميزه عن باقي الأضرحة في العالم، حيث سيتم استبداله مع المحافظة على هذه الخصوصية لإبقاء هذا الصرح الفني الجميل أكبر فترة ممكنة على حاله حاملاً لخصائصه التي تجعله ينفرد عن كافة شبابيك الاضرحة المقدسة والمزارات في العراق والعالم الإسلامي كما شهِد بذلك ذوي الاختصاص.
رجالٌ عَقَدُوا العزم وشمَّرُوا عن سواعدهم غيرَ آبهين بعاملَيِ الوقت والراحة، فكلاهما قد سخّروها من أجل إتمام وإنجاز الشبّاك الجديد لأبي الفضل العباس(عليه السلام)، هذا هو حالُ خَدَمَتِه العاملين في مصنع العتبة العباسية المقدّسة لصناعة شبابيك الأضرحة، ونتيجةً لهذه الظروف الممتزجة بالهمّة والعزيمة والتعاون اللامحدود من قبل إدارة العتبة المقدّسة، تتواصل الأعمالُ بهذا المشروع فقطعٌ تُصنع وأخرى تُركّب بعمليةٍ تسلسليةٍ وبمواصفاتٍ قياسية فاقت القطع والأجزاء القديمة أضعافاً، وبلمسةٍ حداثويةٍ في غاية الروعة ترجمت ما تمّ رسمه من نقوشٍ وزخارف وطوّعته.
امتاز الشبّاك الجديد لأبي الفضل العباس(عليه السلام) بميزاتٍ عديدة وفريدة، أهمّها هو أنّه مطابقٌ للشبّاك الحالي من الناحية التصميمية التي تُعَدّ بحدّ ذاتها ميزةًانفرد بها عن باقي شبابيك الأضرحة المقدّسة والمزارات الشريفة، وللحفاظ على هذه الخاصية التي اقترنت بخاصية تنفيذيه الحالية وفاقت القديم أضعافاً مضاعفة من نَواحي وجوانب عديدة، سواءًكميات المعدن (ذهب- فضة – نحاس) التي استُخدمت في صناعته أوطرق وآليات تطويعها وتشكيلها وصياغتها بشكلٍ فنيّفي غاية الجمال والروعة وبشهادة ذوي الخبرة والاختصاص، فضلاً عن أنّ جميع هذه الأعمال قد تمّتعلى أيدي كوادر عراقية خالصة ومن خَدَمَة أبي الفضل العباس(عليه السلام)، ومنها الكتائب الشعرية التي تعتلي مشبّكات الشباك التي تسمّى (الدهنات).
حيثُ تمّت المباشرة بصناعة هذه الكتائب وفقاً لقياساتٍ مطابقةٍ للكتائب القديمة، وخُطّت عليها نفسُ الأبيات الشعرية القديمة الموجودة حالياً على الشبّاك الشريف، وهي من عينيّة المرحوم آية الله السيد محمد جمال الهاشمي(رحمه الله).
إن تصميم الشباك الجديد هو نفس الشباك الحالي في الهيكل العام والنقوش مع إضافات وتطويرات وتعديلات، وسبب إبقاءنا على نفس التصميم العام بسبب تفرده بين شبابيك أضرحة العتبات المقدسة في العالم، وحيث أن هذا الشباك مصنوع في عام 1964 – بتمويل من المرجع الديني الأعلى آنذاك سماحة آية العظمى السيد محسن الحكيم(قدس سره)- ولأن موقع صناعته في أصفهان في إيران، لعدم وجود معمل عراقي حينها لصناعة هذا المستوى الرافي من الشبابيك، فلا يوجد لدى العتبة خرائط ورسومات الشباك الحالي (القديم)، وكلها بقيت في أصفهان عند انجاز الشباك الحالي حينها، مما تطلب من كوادرنا العاملة في الشباك الجديد إعداد تصميم ومخططات هذا الشباك بشكل كامل، ثم تطويرها وتعديل ما يحتاج إلى تعديل، وجعلهه بدقة أفضل، في المرحلة الثانية، أي إننا لا نفتقد إلى وجود معمل في السابق لإنتاج الشبابيك فقط، بل نفتقد إلى وجود مخططات وتصاميم للشباك الذي ننوي صناعة مثيل له، علاوة على تطويره.
ومنذ سقوط النظام الديكتاتوري في 9/4/2003م وتولي الإدارة الجديدة لعتبات كربلاء المقدسة زمام أمورها، وولايتها والمستمدة شرعيتها من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، فإنها تبنت تحويل تلك البقاع الطاهرة إلى مراكز إشعاع حضاري من خلال عشرات المشاريع الهندسية والعلمية والثقافية، وتأسيس هيكلية ضمت العشرات من الوحدات والشعب والأقسام المتخصصة في شتى مجالات الحياة، لتكون أول بنية تحتية في تأريخ عتبات العراق المقدسة، والتي رسمت وجهاً جديداً من الخدمات لم يعهده الزائرون من قبل .
ولم تكن تلك المشاريع والانجازات بالأمر السهل اليسير، بسبب قلة التخصيصات المالية في بداية التأسيس، والذي استمر حتى أواسط عام 2007م، إذ كانت تلك التخصيصات تصنف بشكل كامل إلى موردين، الأول ما يرد لكل عتبة مقدسة من أموال نقدية وحلي ذهبية وفضية، سواء ما ورد منها بشكل مباشر إلى شبابيك الأضرحة، أو بشكل غير مباشر إلى قسم الهدايا والنذور والموقوفات، أما المورد الثاني، فهو ما يرد من الأموال العينية للقسم المذكور كالمرمر والفرش والأثاث وغيره، ومع قلة التخصيصات إجمالاً بالقياس إلى كلفة إنجاز المشاريع وكلفة دفع رواتب العاملين في مختلف الأقسام المذكورة آنفاً، والبالغين بالمئات عند نهاية السنة الأولى والذين تضاعفوا بعد 3 سنوات عدة مرات، ليغطوا الاستحداث المستمر للتشكيلات الهندسية والعلمية والثقافية والخدمية وغيرها، والتي تنجز أعمال الخدمة وتنفذ مشاريعها، يضاف إلى ذلك قلة تواجد بعض الخبرات الفنية ضمن كوادر العتبة في السنتين الأوليتين اللتين كانتا مرحلة الشروع بتأسيس قاعدة للخبرات في كل عتبة، فتظافرت كل تلك العوامل في تعطيل الشروع بالكثير من المشاريع مما طمحت الإدارة لتنفيذه.
وهكذا كانت المشاريع تحتاج إلى خطط رسم أولويات لتنفيذها من قبل مجلس إدارة كل عتبة، وكانت تلك الأولويات تعتمد على أهمية كل مشروع للعتبة وزائريها ومدى الحاجة إليه، وإمكانية تأجيله لحين رصد التخصيصات له وتوفر الخبرات، وغير ذلك من الحيثيات، مما أخر الشروع ببعض المشاريع التي كانت تعتبر حلماً يراود القائمين على تلك العتبات، لأن غيرها كان ذو حاجة ملحة لتنفيذه، خاصة مع الضائقة المالية قبل التأريخ المذكور.
وفي العتبة العباسية المقدسة كانت من أهم المشاريع التي تنتظر على قائمة الطموحات المؤجلة، مشروع ترميم وصيانة الشباك الشريف المنصوب حالياً فوق الضريح المقدس للمولى أبي الفضل العباس عليه السلام.