18 ديسمبر، 2024 11:55 م

شبابنا يتسائلون !!

شبابنا يتسائلون !!

حين حصدت الحروب أرواح شبابنا على مدى ثلاثة عقود ،كنا نمني النفس فيها بأن الغد لابد إن ينبلج على صبح جديد يعيد الحياة بكافه تفاصيلها المبهجة إلى قلوب وعقول شبابنا، وكثيرا ما تأسفنا حين كنا نقارن حيواتنا ” الشبابية” بحياة شعوب أخرى ونتسائل  أهو قدرنا إن نعيش بين الدموع والألم والتشتت والخوف والتخطيط الآني وضياع الصورة المشرقة للمستقبل ، وافتقادنا إلى التحديث الفكري والمنهجي والتكنولوجي والحياتي والتقني والمعماري والأكاديمي وتنمية الهوايات الحقيقية ورعاية الأفكار والمبادرات والمعارف ، تلك الأسئلة القديمة كانت مدار تساؤلات عقولنا طوال العقود الثلاثة وشاركتنا كل الأجيال التي تناسخت  تباعا خلالها في  إبقاء ذات التساؤلات وربما أضافت إليها الكثير مما فاتنا نحن  الغوص فيه .
عقود تمر وعقد أخر مر منذ التغيير ونحن نرقب شبابنا بوجوههم الفاترة بحماستها والقلقة على  مستقبلها والمتوجسة من يومها والمتأسفة على انقضاء  الأيام والأشهر والسنوات  والدوامة تلف الجميع بلا تغيير يعيد البهجة للنفوس ، زادت مطالب الشباب وهم  يتفحصون واقع من بأعمارهم في بلدان العالم المتطور والنامي وحتى المتخلف، والمقارنة تشتد بلا هوادة ، وتخلف طعما  مرا لا يمكن إزالته بسهولة ، شاباتنا  يخشين تطوير أنفسهن ويتراجعن عن الإفصاح عن رغباتهن المشروعة حتى لا يستلمن أجوبة موجعة وتبدو الحياة إمامهن وكأنها سلسلة  تتناسخ كل يوم بذات التفاصيل وبنفس الإحداث وبمطابقة مؤذية لأيام  تمر بلا تجديد يضيف للعقول كل ما تسعى  للوصول إليه .
أين مراكز الشباب التي  تعلم السباحة ، النجارة، النحت، الرسم، الخياطة، التطريز، الصناعات الشعبية، التعارف المجتمعي مع الأصدقاء ، ثقافة السلم والجمال الغائبة، ثقافة القراءة الغائبة، ثقافة الموسيقى المتراجعة ، ثقافة الرياضة المترهلة ، ثقافة الفهم الواعي لمجريات الماضي والحاضر وفهم المستقبل ، أين مراكز الثقافة الشبابية التي تصل لكل الأعمار وتجيب عن الأسئلة الصعبة والسهلة وصولا إلى إيجاد المنافذ الصالحة لاستيعاب الطاقات الخلاقة التي دأب العراق  بكل تاريخه الحضاري على رفدها للعالم وتحت اقسى الظروف والأوضاع .
الشباب لم يعد الشات والايميل والفيس بوك يرضيهم ، هم بحاجة إلى التعامل الموضوعي مع الحياة بكل إبعادها الإنسانية والتعليمية والتثقيفية ليكونوا فعلا أبناء العراق الذين سيكملون مسيرة الأيام القادمة بثبات وعطاء وتميز وإضافة نوعية .
الشباب لم يعد التعامل مع الصبر والتحمل والخوف يشغلهم كثيرا بعد إن أدمنوا الظواهر السلبية التي رافقتهم طويلا واستوطنت في نفوسهم.
الشباب يبقى دائما يجيد إنتاج الأسئلة التي تصطدم بالجدران التي تحوط بهم وتعود لعقولهم مجددا وهم يكتشفون تباعا إن لا احد يهتم كثيرا  بتوفير الأجوبة بقدر ما يتسببون بأوضاع مربكة  تضخم حجم أسئلة أخرى سيصر الشباب على عدم اصطدامها بذات الجدران مجددا !!
[email protected]