صغار يركضون وآخرين خلفهم ، عشرات لا هم لهم سوى لعب الكرة. هكذا فطروا على الحياة فأقبلوا عليها وفي أيديهم كرات صغيرة ، يتقاذفونها في كل الاتجاهات .. ما يحملونه بالأيادي أو يركلونه بالأقدام ، يجلب لهم الفرح ولم يكونوا ليتوقّعوا يوماً ، أن تكون الكرة ، هي السبب في موتهم ، وتقطيع أجسامهم إلى أشلاء تتناثر على الأرض الصغيرة المسمّاة (ملعب شعبي). ما هي الجريمة التي ارتكبت من قبل صغارنا ، ليتم دفنهم ميّتين وأحياء في ملاعب شعبية تحوّلت إلى مقابر في وطني لا تحمل أي شواهد ، هؤلاء الذين ماتوا أو استهدفوا أو قتلوا بأيدي وأفعال المجرمين الإرهابيين ومن كافة الجهات التي يتبعون إليها ، هل ستضيع دماءهم الزكية ، لكون الفاعلين ، لم يتعرّف عليهم أحد أو أنّهم من أولئك المجرمون العتاة الذين عجزت كل المؤسسات العراقية العسكرية والداخلية والمخابراتية والاستخباراتية أن تقبض عليهم وتثأر لمن تهاوت أرواحهم على الملاعب الشعبية ، التي لم يقم أحد بحمايتها والسبب لأنّها (شعبية) أي عائدة للشعب وليس للحكومة التي وقفت عاجزة أمام جرائم تعددت ولم تجد فاعليها ، لأنّهم وجدوا الحماية وهي تقييد القضية ضد مجهول ، حتى أصبح عدد المجهولين يوازي عدد سكان دولة أو أكثر من دول الجوار. هل أصبح حب الكرة وممارستها من الجرائم التي أوجبت قيام المجرمين بتنفيذ القصاص بفلذات أكبادنا ؟ نحن لا نعلم ، هل نسير حسب ما جاء به دستورنا عندما أباح لنا ممارسة الرياضة بالمطلق أم نبقى حطباً لأفكارٍ مريضة ، تريد ضرب صغارنا ، لأنّهم يعلمون جيّداً أن بضربهم لهؤلاء ، ستكون الضربة موجعةً لنا ، نحن الفقراء الذين ، لا نعلم أين نعطي أو نولّي وجوهنا التي تعبت من البكاء واللطم على عزيز أو أعزاء ، رحلوا مرغمين كقوافل ، لم تجد من يحميها أو على أقل تقدير يدرأ عنها الخطر ويشعرها أنّها تتمتع بالحقوق ، كما هو الشأن بالنسبة للواجبات. مقولة تعوّدنا عليها وهي ، عندما يسقط شهيداً هنا أو هناك ، فإن الأرض التي شهدت الشهادة ستزهر وتبقى خضراء طول العمر ، هذا بالنسبة لشهيد أو مظلومٍ ، طيّب ماذا عن العشرات من المظلومين ممن سقطوا شهداء ورفعت أرواحهم التي أبت أن تغادر المكان الذي استشهدت فيه ، حتى يجدوا الرجال الشجعان الذين يأخذون لهم حقوقهم من الجناة الذين آن لنا أن نعرفهم ، حتى وان ضحّت الدولة بالكثير من جهدها ، لأنّ هيبتها هي التي تستهدف من خلال ضرب الصغار داخل ملاعبهم الشعبية ولن نستبعد أن يتمادى هؤلاء وينتقلوا إلى صفحتهم الثانية ، لتنفيذ أجندتهم وهذه المرة باستهداف الملاعب والجماهير ومن هانت عليه روح العراقي ، فإنّه لن يهتم للعشرات أو المئات أو حتى الآلاف من الأرواح التي تزهق من دون وجه حق .. لعنة الله على الظالمين والمتقاعسين وكل من تلوّثت يديه بدماء الأبرياء. والسؤال هو .. هل نبقى نشكو ونسأل وندور في ذات الدوامة أم أننا سنجد من فيه النخوة العراقية ، ليقول لنا دم هؤلاء وغيرهم لن يذهب سدىً ونحن بالانتظار.