لم يخدعني يوما حديث المسؤولين الايرانيين عن ازالة اسرائيل من الخارطة ولا حديث الاسرائيليين عن قصف المنشات النووية في ايران ،وكنت دائما استحضر تلون وجوه المسؤولين الايرانيين ،والاقنعة العديدة التي يرتدونها ،فهم نسخ مستنسخة عن كبيرهم الذي علمهم السحر خميني ،راجعوا تعهداته للرئيس الاميركي جون كنيدي بحماية المصالح الاميركية في ايران في حال اسقاط الشاه وقوله – لا تهتموا كثيرا لكلامي ضدكم فهو للاستهلاك الداخلي – واقرأوا صفحات المفاوضات السرية بين خامنئي والادارة الاميركية بشان الملف النووي قبل رئاسة الملا روحاني ، كنت اعرف ان المصلحة هي السيد في العلاقات الدولية وايران الملالي لا تشذ عن بقية الدول في براغميتها وانتهازيتها حين يتعلق الامر بمصالحها ،ولم يخدعني الملالي يوما باحاديثهم عن مبدئيتهم وسلامهم وسيرهم على نهج ال البيت فقد كنت اعرف ان كل ذلك كان خداعا وتغطية لاغير ،وهاهي الايام تكشف حقيقة شخصية المسؤول الايراني في عهد الملالي في ما يتعلق بالعلاقات بين طهران وتل ابيب ،حيث سقطت ورقة التوت عن السفير الايراني الى الاسرائيليين شاهين داد خواه ،وان لم يكن مقيما في مقر سفارة في تل ابيب ولكنه يقوم باعمال السفير ،والسفارة في عرفنا العربي لا تعني ما تعنيه الان من مقر وصفة رسمية وانما النشاط والوساطة بين اثنين وايصال الرسائل اليهما وهو ما يقوم به شاهين داد خواه بين خامنئي والسلطات الاسرائيليه .شاهين داد خواه مسؤول إيراني سابق رفيع المستوى.. وهو احد اعضاء الفريق الايراني النووي المفاوض، ومستشار في المجلس الأعلى للأمن القومي، ومتعاون مع جهاز الاستخبارات في وزارة الأمن (إطلاعات).
هذا الرجل يقول حرفياً إنه التقى مرات عدة مسؤولين إسرائيليين في إسرائيل وخارجها وبتكليف رسمي من خامنئي، وإنه بعث برسائل الى «المرشد» يبلغه فيها بما فعل ويفعل.عدا أنه كان يرفع تقاريره بشكل دوري عن كل مهماته، الى كبار المسؤولين الإيرانيين. واضعاً خلاصة ما كان يفعله مع الإسرائيليين، في سياق خدمة المصالح الإيرانية.إن هذه المعلومات التي أدلى بها المسؤول الإيراني وعلى خطورتها تؤكد حرص إيران على مصالحها كدولة بالدرجة الأولى، وأن ما تحاول الإيحاء به في قضية فلسطين وحركات التحرر والممانعة والدفاع عن المستضعفين ومناهضة الاستكبار العالمي ما هو إلا سياسات لا تتصل إلا بالمصالح الإيرانية والإيرانية فقط، وبالتالي فإن التعاون الإسرائيلي الإيراني يأتي في سياق اعتراف ايران بإسرائيل كدولة يجب التعامل معها بالنظر الى وجودها في المنطقة، وإن المواقف الإيرانية تجاه إسرائيل هي مواقف سياسية لا أكثر وتأتي في سياق الصراع على النفوذ في المنطقة، ولذا فإن على عموم الاحزاب الدائرة في فلك الملالي والميليشيات الناشطة في العراق وسوريا ولبنان والتي ترفع الراية الايرانية بتمويهها الديني المذهبي اان تدرك هذه الحقيقة وان تقبل الوجوه والاقنعة الايرانية دون أي اعتراض او نقاش وان تكف عن الحديث عن المحاور، محاور ممانعة ، ومحاور متعاملة، فالجميع في ميدان واحد هو ميدان المصالح الشخصية والفئوية وحيث كانت هذه المصالح تكون هذه الدول لا اكثر ولا أقل .
إن تبريرات هذه الاتصالات بين ايران وإسرائيل لن تكون إلا تأكيدا على هذه الإتصالات وأن إيران ليست الدولة المقدسة التي تدافع وحدها عن فلسطين هذه القضية التي أصبحت سبيلا للمزيدات والمناقصات في المنطقة و العالم . ليقرأ المخدوعون بالنظام الفاشي الاستبدادي الايراني ،واولئك الذين يدافعون عن الوجه الاخر لملالي طهران ،وليعرف الجميع ان العدو الحقيقي لملالي طهران هم العرب لافرق بين سنتهم وشيعتهم فمصلحة الملالي هي الههم ودينهم ومذهبهم وعقيدتهم والدم الاسلامي الشيعي ليس محرما على الملالي ،والدم السني او الاخر ليس مباحا تماما كما يوحي الملالي فامر التحليل والتحريم او الاباحة وعدمها تفرضه مصلحة الملالي لا غيرها .