لم أصدق خبر أن رئيس الوزراء يقود سيارة تاكسي في شوارع العاصمة !!! … حتى شاهدت الخبر بعيني … وكما يقول المثل : ( شفت بعيني وما أجذب عيني ) … فالصورة الذهنية التي في بالي حول موكب رئيس الوزراء ( سواء كان سائق تاكسي نحو الجهة التي يريدها الراكب أو سائق شعب نحو بر الـ … ) يمكن أن أوجزها بما يلي :
1. موكب من 15 سيارة ( على الأقل ) سوداء مصفحة مزودة بأحدث أجهزة الرادار والكشف المبكرعن المتفجرات … لا يستطيع الأعمى ولا البصير التفريق بين الواحدة والأخرى … وسائق التاكسي أو رئيس الوزراء ضائع في إحداهن لا أحد يعرف له مكان ولا وجود … إلا الله والراسخون في العلم !!! .
2. لواء آلي مدرع …( يشبه اللواء المدرع 12الذي شارك في الحرب ضد إسرائيل في 6 أكتوبر1973 الذي ذهب لقتال الصهاينة أيام حرب النكسة) .
3. ( عينك ومتمد ) من سيارات الهمر العسكرية … التي لا يذكرنا منظرها البائس أبدا … أبدا … بالأيام السوداء للإحتلال الأمريكي للعراق … والتي باتت أحد أهم أسباب الإكتئاب النفسي للشعب العراقي المُكتئب أصلا !!! .
4. استنفار لمديرية المرور العامة ومديرية الإسعاف المدني ومديرية الأطفاء … بما يشبه إستعراض اليوم العالمي لشرطة المرور أو رجال المطافئ .
5. تغطية جوية بالطائرات العمودية لخط سير الموكب … يشبه الحركات الجوية التي تقوم بها فرق الإنقاذ من الكوارث الطبيعية كالزلازل والفياضانات لإنقاذ الناجين … مع اختلاف بسيط في ساحتنا العراقية الجديدة … وهي محاولة ابعاد الناجين وليس انقاذهم عن خط السير المبارك .
6. حضر تجوال بمعنى الكلمة لجميع الكائنات الحية في الشوارع التي سيمر بها الموكب … أو المطلة عليه … في عمليات محكمة كنا نتمنى أن نراهاأونلمس أثرها أيام الحرب الطائفية البغيضة في عامي 2006 – 2007 … يوم انتشرت الميليشيات المجرمة في أيام حكم الجعفري تعيث في الأرض الفساد وهي ترفع رايات القتل والتفجير والتهجير … ومن قبلها وبعدها تدمير النسيج الإجتماعي العراقي .
7. انتشار ألوية المشاة والإستخبارات على الطرقات وعلى أظهر البنايات وما بين الأشجار وفي الخنادق ( التحفة ) التي حفروها في بعض المناطق … مطبقين الدعاء المأثور اللهم احفظنا فوق الأرض واحفظنا تحت الأرض !!! .
مع ضوابط بسيطة تكمن في أن التحركات لسيارة التاكسي ( أو موكب التاكسي ) تكون داخل المنطقة الخضراء أو على خط المطار للمرور السريع !!! … أو في الحالات الإستثنائية إلى مناطق حزام بغداد ( والمُقترح اليوم هو : رفع النقطة فوق حرف الزاي لتصبح العبارة – حرام بغداد – من باب إعطاء الشرعية لما يجري اليوم في تلك المناطق المستهدفة والمنكوبة … ليشرعنوا حرمة بقاء ساكنيها فيها والسعي لإعتقال أو تهجير أو إستئصال أو طريقة تحقق ذات الهدف … لسكانها الأصلاء !!! ) …وليطلب سائق التاكسي ( أو موكب التاكسي ) السيد رئيس الوزراء من أهالي تلك المناطق بنفسه وخاصة من الآباء الحيارى والأمهاتالثكالى منهم الإلتزام بالسكينة !!! …والإطمئنان وعدم القلق من حالاتالإعتقالات العشوائية لأولادهم !!! … ليس هذا فحسب وإنما مساعدة القوات العسكرية التي تقوم بهذه الأفعال الـ … !!! .
وحتى لا نفقد مصداقيتنا مع القراء الكرام … نعود فنقول إن عنوان الخبر : رئيس الوزراء سائق تاكسي ، هو خبر صحيح وقد ملئ وسائل الإعلام منذ ساعات …حيث لم يكن لكثير من تلك الوسائل الإعلامية حديث غيره … وهو ما ستشاهده عزيزي القارئ بعينيك ( ولن تُكذب عينيك بالتأكيد ) من خلال الرابط المرفق .
هو رئيس وزراء يسوق سيارة تاكسي … ولكنه ( ومع الأسف ) ليس رئيس وزرائنا !!! … فقد عمل رئيس وزراء النرويج كسائق سيارة اجرة في وسط مدينة اوسلو …ولمدة يوم واحد قبل أسابيع مما جعل الركاب الذين صعدوا في سيارته يتساءلون إن كان زعيمهم المنتخب قد ترك منصبه ليشتغل سائق أجرة !!! .
وقد ارتدى ( ينس شتولتنبرج ) زي سائق سيارة أجرة ونظارة شمسية ونقل الركاب في شوارع العاصمة النرويجية لعدة ساعات ولم يؤكد شخصيته الحقيقية الا بعد ان تعرف الركاب عليه… وقال شتولتنبرج للصحيفة أنه كان يريد أن يستمع لآراء الناس الحقيقية في السياسة .
وأضاف “اذا كان هناك مكان يقول فيه الناس ما يريدونه حقا حول معظم الاشياء فان هذا المكان هو سيارة الاجرة…فهم سيتحدثون من أعماقهم مباشرة.”
بالتأكيد هذا الرئيس للوزراء أحمق … في ميزان حكومتنا الحكيمة طبعا !!! … فالناس أو الجماهير لم يُخلقوا حتى يُستمع لهم !!! … وإنما ليستمعوا لأكاذيب ووعود المشغولين بالعبث في أمن البلاد وبنيته التحتية وثرواته شبه الأزلية … ومن هذا الباب لم ينتبه الحراك الشعبي الذي تعيشه ست محافظات عراقية ( وتتلهف له سائر بقية المحافظات لولا الرسائل الطائفية الكاذبة التي يوصلها لهم سراق العراق وأوهام العداوة التي يزرعونها في نفوسهم المسكينة ) … أعود وأقول : لم ينتبه ذلك الحراك إلى حقيقة أولويات هذه الحكومة وطريقة عملها وتعاملها مع أبناء شعبها !!! .
ولكن أتدرون أيها القراء الأعزاء … مالذي لفت انتباهي في حديث شتولتنبرج… أنها اجابته البليغة وسرعة بديهته بل ومصداقيته مع نفسه … عندما حاول مراسل صحيفة (في.جي) استفزازه وسأله عما اذا كان سيفكر في ان يعمل سائقا لسيارة أجرة في حالة خسارته للإنتخابات!!! … فرد قائلا “أعتقد أن أفضل خدمة تقدم للأمة ولراكبي سيارات الأجرة في النرويج هي أن أكون رئيسا للوزراء وليس سائق سيارة أجرة.”
هذه الثقة التي نحتاجها في عراق الخراب والأزمات اليوم … ثقة من لا يرى نفسه إلا خادما للأمة بجميح شرائحها … وأن لا يستعر من أن يجالس ويعايش أبسط مواطنيها … يستمع لآلامهم ويعرف معاناتهم من أجل توفير الأمن والأمان والخدمات لهم .
الرابط : http://www.albayan.ae/five-senses/east-and-west/2013-08-12-1.1940198