كثيراً ما إلتقيته وفي حياته البسيطة وخطواته الهادئة وتململ الذين حوله وهاجس الخوف منه وعليه من الذين يعرفونه
إنه آية الله روح الله الخميني ….
وعند فقدانه لابنه مصطفى في ظروف غامضة كان يجترُ ألماً كبيرا وحزنا عميقا
وقد عاش ألماً أكبر وحزناً أعمق مع العراقيين وهم يفقدون أبناءهم البررة وفي طليعتهم الشهداء الخمسة يتقدمهم عارف البصري
وقد عاين بنفسه عن قرب المضايقات في العراق التي شملت الجميع حتى بلغت ذروتها بتهجير العوائل التي لم تفارق تراب الوطن سابقا فامتزجت الدموع والحسرات حينها بمفارقتهم حدود العراق تجاه دولة غريبة عليهم في لغتها وطبائعها وعاداتها والتي كانت للمرة الاولى لأغلبهم
ولم أنسى تلك اللحظات التي أبكت جميع القلوب حينما غادرت على مضض (سراب) حبيبها (سعد) بعد أن ألقت السلطات بعائلتها وهي معهم خارج الحدود وتركت حبيبها يُصارع فراق الاشتياق ولوعة العشق لحبيبته داخل العاصمة بغداد وهو يستلهم خيالات معشوقته من بين الاطلال بعد أن عبرت الحدود قهرا
ثم امتدت المحنة لتلاحق أقرب الناس رفقةً لصدام حسين حتى وصل الامر الى جريمة واقعة قاعة الخلد التي عصفت بمئات من الكادر المتقدم للحزب ليرحلوا غدراً وهم مظلومين بدم بارد ليخلوا أمامه الطريق بعد ان تملغطت يديه وتلوث ضميره بالدم البريء لرفاقه بمباركة ابن عمه علي حسن المجيد
لقد عاش الخميني محنتين محنة الشعب العراقي ومحنة الشعب الايراني بعد ان شاهد مظلومية الشعب العراقي بعينه وعاشها بنفسه وهو يدرك ان الشعب العراقي في سجن يلاحقه النظام في حركاته ويحصي عليه أنفاسه وسكناته
وكان غاية أمله وكل ما ينشده هو (أن يستعيد الشعب الايراني حريته وسيادة بلده والتوازن في العلاقات مع البلدان الاخرى وعدم التدخل في شؤونه واستثمار خيرات بلده لصالح ابناءه)
دارت الايام دورتها وتفاعلت الاحداث وتظافرت الاسباب ليجد نفسه قائدا وزعيماً في بلده وبيده مفاتيح كل شيء
لا أريد هنا ان أتناول الحرب التي دارت مع العراق والتي كانت مطحنة ومحرقة لكل جزء من أجزاء العراق في أهله وزرعه وخيراته وجميع ثرواته ومستقبل أجياله وما تخللها من فضيحة دعم اسرائيل لايران وتزويدها بالاسلحة في حربها ضد العراق
ولا أريد أن اسلّط الضوء على ما حلّ بايران من تصفيات طالت الجميع ولم ترحم أقرب المقربين لخميني وهو صادق قطب زاده بتهم شتى وانتزاع إعترافات بأساليب قاسية
ولا أُريد ان اتناول تفاصيل العزل والاقصاء والتهميش لمهدي بازرگان وابراهيم اليزدي وشريعة مداري والغموض في موت محمود الطالقاني والقسوة في قمع جميع الاقليات والقوميات في مطالباتهم لأبسط حقوقهم القومية وما حصل مع رجل الدين العربي محمد طاهر آل شبير الخاقاني خير شاهدا على ذلك
وأتجنب كذلك الخوض في الوحشية عند مطاردة حزب توده ومجاهدي خلق وتشويه صورتهم والإمعان في قتلهم وإستمرار الخميني في مسلسل تصفية عناصر الحزب الجمهوري وفي طليعتهم محمد حسين بهشتي ومحمد منتظري و72 من رفاقه في تفجير مبنى الحزب وإتهام مجاهدي خلق بذلك ثم تصفية محمد جواد باهُنر ووزير الدفاع بحوادث مماثلة وإلقاء المسؤولية في تلك الجرائم تباعاً على مجاهدي خلق حتى بلغ الحال ان يقتنع ابو الحسن بني صدر ان الدور القادم سيكون إلتفاف الحبل على رقبته فسارع بالهرب إنقاذا لجلده
وفي خلال تلك الفترات كانت الايدي طليقة لصادق خلخالي رئيس المحكمة الثورية ان يفعل مايشاء وكيف يشاء وكيفما يحلو له في تصفية جميع الخصوم في الفكر والسياسة خدمة لتطلعات الخميني
والعالم جميعه ينظر ويراقب دون ان يؤشر باصبعه على أقل تقدير لتلك الجرائم والفضائح !
وانتهى الامر الى إبعاد حسين علي منتظري ليطلق العنان الى بديله علي خامنئي و جماعته في منصب نائب الخميني لترتيب الامور حسب أهواءه
ان الازمات في رأي الخميني كانت لاتُعالج إلاّ بالابقاء عليها مع خلق أزمات اخرى ولهذا كانت الحرب ضد العراق وإختلاق علاقات ساخنة وملتهبة مع أكبر عدد من دول العالم
إن جميع ماذكرته أعلاه لايهمّنا لانه قد يكون من طبيعة السياسة التي يراها مناسبة لقيادة بلده ولا دخل لنا بها !
إن الذي يهمّنا هنا أنك (ياخميني) في يوم ما كنت تعاني المحنة وتقاسي الالم من أجل إسترداد حقوق شعبك وكنت تتأمل (أن يستعيد الشعب الايراني حريته وسيادة بلده والتوازن في العلاقات مع البلدان الاخرى وعدم التدخل في شؤونه واستثمار خيرات بلده لصالح ابناءه)
لكن الذي حصل هو انك تدخّلت في كل بقعة من بقاع العالم لتخلق الفتن وتثير النعرات وتمزق صفوف الاوطان و تذبح أبناء البلدان على يد مليشيات تدعمها بالمال والسلاح والاعلام وكان العراق في مقدمة الضحايا
فقد انشأت وسائل الاعلام التي تبث سمومك وعدوانية أفكارك وتُمهد لايجاد مواطيء قدم لجيوشك وتشكيلات مجاميعك العسكرية وفصائلك المسلحة بعد تبديد ثروات شعبك والاستيلاء على مقدرات الشعوب الاخرى
إن المعاناة التي كنت تشعر بها كان جديرا بك ان تشعر بها الآن لتدعم الشعوب بالخير والمحبة وتقيم علاقات طيبة مع كافة الدول
كان بامكانك ان ترفع من مستوى سمعة بلدك و سياستك باقامة علاقات سليمة وتمنع نفسك من التوغل في شؤون الاخرين وان تتجرد من الاذى والشرور وتحافظ على ثروات شعبك وتبني علاقات طيبة مع الجميع حينها سترفع من شأنك ويمكن (للاسلام) ان ينتشر بوجهه الناصع وبشكل سلمي بين شعوب العالم عندما تجعل من نظام حكمك (الاسلامي) نموذجا يحتذي به الاخرون وانت تعلم ان العراق عاش المحنة سابقا لمرة وهو اليوم يعيش المحنة مرتين مرة على يديك ومرة على أيدي أذنابك وأتباعك وقد وصل الامر ان يصرّح اليوم أحد أعوانك وهو السيد حسن نصر الله ان حزب الله باقٍ في سوريا حتى لو أُنجزت التسوية في (أدلب) في سوريا ولا ندري مَن هو حزب نصر الله وما هي امكانياته وهو يتصرف كما تتصرف الدول العظمى وكان الاجدر به ان يكون حاملا لرسالة وطنية تخدم بلده وقضية شعبه.