10 أبريل، 2024 12:14 م
Search
Close this search box.

شاشات إلكترونية

Facebook
Twitter
LinkedIn

جميع حكومات الدول المتقدمة والمتحضرة بدون إستثناء تحاول بإستمرار إتباع كل الطرق والوسائل والأساليب الممكنة للحفاظ على ديمومة التقدم والتحضر لمجتمعاتها ومواكبة كل ما يحدث في بقية بلدان العالم من تطورات وإختراعات وأفكار في مختلف جوانب الحياة للإستفادة منها وتوظيفها من أجل تقدم ورفاه مجتمعاتها. السر في ذلك بسيط جداً وهو إن تلك الحكومات التي تتولى الحكم تقوم في إدارة كل مفاصل الدولة والمجتمع على مبدأ واضح يستند على ثلاثة أركان بديهية في الحكم . هذه الأركان هي أولاً: التشخيص المستمر للظواهر والقضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والإنسانية ، وحتى الفردية ، بكل أبعادها ، ( أي التشخيص العلمي والمنطقي لجميع المشاكل والأمور والقضايا والحالات والأحداث التي تواجه المجتمعات بأستمرار مهما كانت طبيعة تلك الأحداث ). بحيث تعامل جميع القضايا التي تخص المجتمع ، مهما كانت بسيطة وسطحية ، على محمل الجد ولا يمكن التعتيم عليها أو إخفائها.
ثانياً : وضع الحلول والمعالجات الحقيقية والفاعلة على مختلف المستويات وتحديد مستلزمات تنفيذها بدقة ومسؤولية وسرعة وبشكل جدي وفاعل وتحديد واضح للجهات المسؤولة عن معالجتها .
ثالثاً : المتابعة المستمرة ، المباشرة وغير المباشرة ، ( وهي الأهم ) ، لنتائج تلك المشاكل والأمور والقضايا والحالات والأحداث بشكل جدي لحين الإنتهاء من معالجة المشكلة أو الحالة بالشكل السليم .
هذه هي الأركان الأساسية البسيطة والواضحة التي إستوعبتها تلك الشعوب .
كل هذه المقدمة ( البديهية ) هي من أجل إختبار وتحليل الواقع العراقي في ضوء الأركان الثلاث المشار اليها أعلاه لكي نختبر موقع العراق من بين هؤلاء الدول المتقدمة والمتحضرة .
الركن الأول متحقق بشكل واضح لا يقبل اللبس حيث أن التشخيص الشامل للمشاكل الفعلية في العراق واضح للجميع ولعموم شرائح المجتمع الأمي منهم أو المتعلم . لنأخذ أمثلة واضحة من مشاكل العراق ، والتي هي لا تحصى : ( مشكلة المحاصصة في الحكم ، مشكلة الجهل المجتمعي بالأسس الديموقراطية الصحيحة ، مشكلة سيادة النظام العشائري في العديد من مناطق العراق ، مشكلة الأجنحة المسلحة لمعظم الكيانات الحاكمة ، مشكلة التدخل والتواجد العسكري للدول الاخرى في المناطق العراقية ، مشكلة سوء إدارة الموارد الإقتصادية ، مشكلة ملفات الفساد الإداري المالي ، مشكلة البطالة ، مشكلة سقوط الموصل ، مشكلة سبايكر ، مشكلة السيادة الأمنية للدولة على عموم العراق وانتشار ظاهرة الاغتيالات والتصفيات ، مشكلة تسييس القضاء ، مشكلة نقص وسوء الخدمات في الكهرباء والماء والصحة والتعليم والصرف الصحي والبنى التحتية عموماً ، مشكلة البصرة وتلوث البيئة فيها وفي غيرها من المحافظات ، مشكلة المهجرين وعودتهم إلى ديارهم ، مشكلة المغيبون في السجون ، مشكلة المخدرات التي أثرت على الشباب عموماً ، مشاكل الطرق وعدم إحترام أنظمة المرور ، مشكلة الرشاوى في معاملات الدولة ، مشكلة الروتين في المعاملات العامة للمواطنين ومئات بل ألاف من هذه القضايا التي يصعب تعدادها هنا .
الركن الثاني والمتعلق بوضع الحلول الموضوعية والناجحة للمشاكل ، فهنا بداية المشكلة في العراق . فمن يتخذ القرارات الخاصة بجميع المشاكل والمسائل المتعلقة بالعراق هي الحكومة التي تمثلها الأحزاب الرئيسية الفائزة بالإنتخابات التي هي السبب الأول والأخير في خلق كل تلك المشكلات والتي هي بطبيعتها أحزاب إسلامية ذات عقلية متخلفة من ناحية وأحزاب سلطوية دينية لا تؤمن بالمبادئ الديموقراطية الأصيلة وإنما أستخدمت مبادئ الديموقراطية للوصول الى أهدافها . هذا الى جانب تأثير الكيانات السياسية التي تستند على أجنحتها المسلحة والمؤثرة .
الركن الثالث ، وهو المتابعة المستمرة لكل القضايا المطروحة ، فهو غائب تماماً في العراق سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المجتمع ، فالكل في سبات تام . كل الأحداث التي واجهت المجتمع العراقي منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن والمشاكل التفصيلية اليومية المتراكمة بإستمرار أصبحت في عالم النسيان والكتمان ، وأصبحت جميع المشاكل كواقع معترف فيه يعيشه العراقيون تحت ظلاله . كل ما يمكن قوله هنا هو تساؤل بسيط ومنطقي ومشروع الى جميع مسؤولي إدارة الدولة من سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية : ” ( لماذا ظهرت وانتشرت كل تلك المشاكل والظواهر السلبية واستمرت وتعززت دون أي إهتمام يذكر أو معالجة حقيقية من قبل الجهات الحكومية المسؤولة وحسب مسؤولياتها ؟) ” . لماذا هذا الإهمال وعدم الإهتمام بمتابعة المشاكل ومعالجتها بل نسيانها تماماً وجعلها واقعاً معترف فيه ؟. لماذا الشعب العراقي بأغلبيته اعترف بالواقع واستسلم لهذا الواقع على خلاف المجتمعات الحية بالرغم من بعض ردود الفعل الجماهيري المحدود الذي حصل في البصرة وبعض المناطق الآخرى والتي إنتهت ببساطة بخسارة في أرواح عدد من المتظاهرين ( والتي لا تعني شيء بالنسبة للدولة ) ، وعدد غير قليل من الجرحى وفوز الحكومة ومليشياتها على حقوق المجتمع كنتيجة منطقية للواقع العراقي السائد .
في ضوء كل ذلك ، ولكي تتحقق المتابعة المستمرة للمشاكل كافة وعدم نسيانها والتعتيم عليها وتذكير الجميع بها لحين معالجتها ، فإن الحل الوحيد أمام العراقيين هو وضع شاشات الكترونية عملاقة في مراكز المدن كافة تعرض فيها بإستمرار وعلى مدار الساعة جميع المشاكل والأحداث الرئيسية منها أو الفرعية بحيث يمكن للجميع سواء من مسؤولين في الدولة أو عموم الناس من مشاهدتها عند المرور بها ، وبذلك سيتذكر الجميع باستمرار وخصوصاً المسؤولين عن إدارة الدولة بهذه المشاكل وتبقى في أذهانهم وقد تحسسهم بضرورة وضع المعالجات لها . فمشاهدة الشاشة بإستمرار ويومياً سيساهم في تذكير المجتمع بجميع المشاكل التي لم تحل ، والأهم من كل ذلك هو تذكير المسؤولين ومن ورائهم كافة بتلك المشاكل عسى ولعل أن تجلب إنتباههم . ولكي نضمن فاعلية هذا الأسلوب ونضمن إن المسؤولين عن إدارة العراق جميعاً ، ( أبتداءً من رئاسة الجمهورية ، ورئاسة البرلمان وكافة أعضاءه ، ورئاسة الوزراء والوزراء ، وجميع رؤوساء الكتل والأحزاب ، والمرجعيات والشخوص الدينية ، وكل الأشخاص والكيانات والواجهات التي تضطلع بشؤون العراق ومستقبل أجياله وغير ذلك ) ، سيتذكرون دائماً وبإستمرار مشاكل العراق لكي يجدوا الحلول لها ، فإنه من الفيد جداً أن توضع شاشات الكترونية إضافية في مداخل أجهزة الدولة تستعرض على مدار الساعة المشاكل المستمرة للعراق لكي يتذكرها المسؤول عندما يدخل الى مجلسه أو وزارته أو دائرته أو كيانه أو عرينه . وإذا أردنا أن نطمئن كلياً على معالجة جميع مشاكل العراق فإنه من المناسب دأن توضع شاشات الكترونية إضافية تستعرض مشاكل العراق حسب كل قطاع في بيوت المسؤولين في مدخل البيت وفي الصالة وحتى في الحمام عندما يقضي المسؤول حاجته الطبيعية . وبذلك سوف نضمن (مئة بالمئة) إن المسؤول العراقي لربما سيتذكر مشاكل العراق على الأقل والتفكير ببعض الحلول عند ذهابه لعرينه .
ليس هناك حل لمشاكل العراق غير الشاشات ، هل فهمت الرسالة أيها الأغبياء !!!!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب