17 نوفمبر، 2024 1:50 م
Search
Close this search box.

شارع الفيسبوك

من المعروف أن لبلدان العالم شوارع مشهورة ومعروفة وتلك الشوارع أما تأريخية أو ثقافية أو سياحية يزورها الناس والوافدين من مختلف بقاع العالم .
وجميع تلك الشوارع تتمتع بجمالية مميزة تضفي الجمال والبهاء كما وتتحلى بسحر جذاب ،غالبيتها ذات عمر طويل وتأريخ عريق يمشي فيها الفقير والغني القوي والضعيف الكريم والبخيل الأسود والأبيض الصغير مع الكبير ولكنها برغم كل ماذُكر ليست مثل شارع هو الأكثر شهرة وشيوعاً رواده ومستطرقيه من كل بلدان العالم الأوروبية والأسيوية والعربية إنه شارع الفيسبوك .
نعم لو أردنا اليوم وصف الفيسبوك سنصفه بالشارع وأستطيع القول أنه شارعاً شعبياً عصرياً متطوراً، مهما كانت المسافات كبيرة بين المنازل والأشخاص فهو جدير أن يقرب المسافات كونه من الشوارع العصرية التي بنتها الثورة التكنولوجية التقنية لتحويل العالم من صناعي وزراعي الى رقمي يعتمد على الشبكات والبرامجيات والنقرات بالتقنيات من النوع الأحدث وجوداً .
لقد صنعت لنا العولمة عالماً جديداً بل حياتاً جديدة ونظاماً معيشياً افتراضياً جعل من العالم مثل قرية صغيرة وهذا ماقاله العالم ماكلوهان .. واليوم وبعد تحولنا كقرية صغيرة تغير حالنا وكأننا نلتقي في شارع محلي حيوي نعرف تفاصيل بعضنا البعض وأخبار بعضنا البعض بل و نعرف اسراراً وانباءاً عن ولادات ووفيات للمشاهير وغير المشاهير من بلاد بعيدة عبر الصفحات الإلكترونية .
ولا نظلم أهمية وحسنات النظام الرقمي في تقريب المسافات ومعرفة المعلومات بنقرتين أو خمس نقرات ولكننا اصبحنا اليوم في زمن تصدير المعلومات وليس إستيرادها واستقبالها وهذا من السيئات .
يقول البعض ان التكنولوجيا سلاح ذو حدين ينفع ويضر ولكن اليوم أريد أن أقول أن الأمر تعدى الخدمة أوالمنفعة والمعرفة الى خلل في استخدام الوسيلة الإتصالية وذلك ليس من سيئات النظام مثل ماذكرت آنفا بل من سيئات المستخدم …لقد تحولنا من مستوردين للمعلومات ومستقبلين للأخبار من المواقع العالمية والعربية الى مُصَدرين .
وهذا مانراه في صفحات الفيس بوك والمواقع الأخرى حيث أصبح لدى أي فرد منا صفحة أو عشر صفحات لنشر الأخبار.. والأكثر هماً وغماً هو الترويج والتسقيط والتشهير والتنظيرعلى الصعيد السياسي والفني والإجتماعي ، بل الأكثر سوءاً من ذلك هم الغالبية الذين يعدون صفحتهم الشخصية صحيفة رسمية أو إخبارية محلية للنشر والتحليل والتكذيب والتهذيب والتسليب والتقليب الى أن حدث انقلاباً فعلياً في طريقة التعبير بالمنشورات والكتابات وكأن الدواء تحول الى وباء وبلاء.
وعلى طاري البلاء والوباء لقد رأيت كثير من الأصدقاء وغير الأصدقاء قد تحولوا من متصفحين الى صحافيين واخباريين ينشرون عن وزارة الصحة والداخلية بل وعن رئاسة الجمهوية فعندما افتح صفحتي الشخصية في بعض الأوقات أجد مئات الأخبار عن فيروس كورونا وعن حالات الوفيات والإحصائيات، بدأت أشعر أن الجميع يقحم نفسه في شيء ليس من اختصاصه أو خبرته ناهينا عن الأخبار المسموعة والكاذبة أوالملفقة لإطلاق الشائعات التي تخلق المشاحنات والمجادلات وهذا ليس من السيئات بل من المصيبات التي نصنعها بأنفسنا ونلقي بها مثل كرات النار على قش المجتمع .
أعتقد أن الفرد المتصفح متلقي مستورد للخبر والمعلومة وليس مُصدر ومُورد لها ، لأن ذلك خلق لنا كثافة معلوماتية متشابهة وغيرشافية وجعل منا صفحات اخبارية شخصية فردية غير مرخصة لا تمنح الآخر الا الضوضاء والإزعاج والإنزعاج دون انتاج ومن المستحسن أن نترك الأنباء لمصادرها وناسها وندعم بدورنا الاداء التوعوي الصحي التثقيفي الذي يحمي المواطن العراقي ولايرمي به الى الوباء وهذا أفضل عطاء .

أحدث المقالات