ضمن عالم التواصل الاجتماعي, لي الكثير من الأصدقاء العرب, الذين يهتمون بما ننشر, ويتفاعلون معنا, وفي ليلة الجمعة 1/10/2015, كان عالم التواصل مشحونا بذكر الرسول الخاتم (ص) وأهل بيته (ع), فكانت ليلة الغدير, حيث يتبادل المسلمون التهاني والتبريكات, بمناسبة العيد الأكبر, فسألني صديق مغربي,عن قصة هذا العيد, الذي لا يعرف عنه شيء, ولا يوجد في الروزنامة المغربية, ولم يتذكر أن أحدا من أهله أو معارفه, قد احتفل به, فقط يقرا في عالم الفيسبوك, كيف أن العراقيين يحتفلون به, بمنشورات لا يفهم مغزاها.
الحقيقة أشعرني سؤاله بالحزن والفرح, الحزن أن تغيب حقيقة تاريخية, عن مجتمع في الألفية الثالثة, والتي تعبر عن مدى التجهيل, الذي مازالت تعيشه الأمة, فالسيرة النبوية كان يجب أن تكون من البديهيات, ومتوفرة عن كل مسلم, لكن مع الأسف بعض خدام المعبد, مازالوا يمارسون عملية طمس, بعض حقائق السيرة النبوية, خوفا من أن الناس تترك معابدهم, ومعها تضيع كل مكاسبهم, التي بنوها على مفتريات عشعشت في عقول السذج, إلى يومنا هذا.
أما الذي أفرحني, أن صديقي المغربي راغب في معرفة الحقيقة, ويسأل بصدق عن ماهية عيد الغدير, لأنه ببساطة تم تغيبه عنه قسرا.
فكتبت له قصة الغدير, كما اتفق عليها المسلمون السنة والشيعة, مع ذكر مصادر القصة, كي يعود لها ويتأكد.
كتبت له: بعد عشر سنوات من الهجرة النبوية, عاد الرسول الأعظم (ص) إلى مكة, ليتم الفتح الأكبر, وتنتهي قصة كفار قريش, ويؤدي مراسيم الحج, وكانت حجة الوداع, وتحركت القوافل للعودة لديارها, وهي تسير مع النبي الخاتم (ص) لتصل مفترق الطرق, منطقة الجحفة, ومنها تتوزع القوافل نحو العراق والشام والمدينة واليمن, ووصلت قافلة الرسول الأعظم(ص), واديا يدعى غدير خم, وفي هذا الوادي عين ماء صغيرة, ففي تلك اللحظة كان هبوط جبرائيل(ع), بالآية الكريمة (( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك )).
عندها أمر النبي أصحابه, بإبلاغ القوافل بالتوقف قي غدير خم, وأمر بإعادة القوافل التي اجتازت هذه المنطقة, تعجب المسلمون من ذلك, وتساءلوا عن ماهية الأمر العظيم, الذي سيبلغ به الرسول, وإلا لما أمر وبوقت الظهيرة الحار, بالتوقف والاجتماع العام,اجتمع المسلمون في الوادي, وكان عددهم أكثر من مائة وعشرون إلف شخص, والكل يتساءل عن السبب؟
ثم أمر النبي(ص) أن يصنعوا له منبرا, من اقتاب الإبل وبعض جذوع الشجيرات, ارتقى النبي الخاتم(ص) المنبر, وألقى خطابا موجزا, أصغى له المسلمون باهتمام بالغ, فاخبرهم بان اجله بات قريبا, وقرا عليهم أية التبليغ التي نزلت عليه.
ثم قال : أيها الناس الست أولى بكم من أنفسكم ؟
فهتف عشرات المسلمين نساءا ورجالا وشيوخا: نعم يا رسول الله , أنت أولى بنا من أنفسنا فداك إباؤنا.
وفي تلك اللحظة التاريخية , امسك النبي (ص) بيد علي (ع) ورفعها عاليا ونادي: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله.
ثم أمر النبي(ص) وصيه وخليقته بالجلوس, بخيمة خاصة لتلقي البيعة والتهاني من الحضور, فانهال المسلمون بقوافلهم لخيمة الوصي, وكان المسلمون يصافحون الأمام علي ويبايعونه, أما النساء فكانت طريقة مبايعتهن على هذا النحو, يضع الإمام علي (ع) كفه في إناء مليء بالماء, وتضع النسوة اكفهن في ذلك الإناء, وتتم البيعة, ولما تمت مراسم البيعة, نزل الوحي بالآية (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)).
بقي صديقي المغربي صامتا لأربع ساعات, لم يرد جوابا.
بعدها كتب لي : (( كم اشعر بالخزي والتقصير أمام الرسول (ص), عشت سنوات وأنا أتمسك بالفرية واترك الحقيقة, في البداية ضحكت مما كتبت, وحسبتها أكاذيب الشيعة, لكن عقلي دفعني لمراجعة ما كتبت لي, من أمهات مصادرنا, وصدمني الواقع, وجدت كل ما كتبته لي في بطون كتبنا, يا أخي الغدير غيرني)).
ختم رسالته صديقي المغربي :(( كل عام وأنت بألف خير, جعلنا الله وإياكم ممن يطيعون أمر النبي )).