23 ديسمبر، 2024 12:56 ص

شؤون داعش وشجون «العراق والشام»

شؤون داعش وشجون «العراق والشام»

قبل قرن من الزمن، عام مولد الحركة الدَّادائية في الأدب والفن 1916م، واجه الجيش البريطانى في العراق فتوى مرجعية النجف بالجهاد عام قيام الحرب الكونية الأولى 1914م، وكان حذر المرجع على ( بيضة الإسلام ) حتى من التعليم الحديث الوافد مع الاحتلال الغربي، وعموم العقيدة الدينية والإبراهيمية تواجه فلسفة الدَّادائية اللاعقلائية حسب تفكير نيتشة الذي يرى الآخر نفسه، ذات تعبير مرجع النجف صاحب فتوى الجهاد الكفائي بعد قرن من الزمن عام 2014م، بعد عودة الإحتلال البريطاني ذاته بقيادة أميركية. حركة الدَّادائية انتهت بقيام الدَّولة العراقية الحديثة عام 1921م. سماحة الإسلام الأصل خاتم الإبراهيمية الحنيفة عبر عنه مرجع النجف السيستاني. الدَّادائية دعوة تجاوز متعة الفن للفن إلى استشعار الآخر. نشر أراغون قصيدته “الجبهة الحمراء” عام 1932م تحضّ العمّال على الثورة البروليتارية ما دفع السلطات الفرنسية لتهديده  بإدانة لأنه يحرِّض على القتل فانفصل أراغون عن الحزب نهائيًا وانتقل عام تأسيس الحزب الشيوعي العراقي 1934م من الأدب البروليتاري إلى الواقعية الاشتراكية، ثم عُزلت الجماعة رسميًا عن الحزب. وقبل 70 عاما حين عاد بريتون إلى باريس عام 1946م اكتشف أن إيلوار وأراغون وتزارا أصبحا أبطالا أدبيين للمقاومة على نهج الحشد الشعبي العراقي في مواجهة تطرف تنظيم (داعش) نيابة عن الإنسانية. الاحتلال ادَّعى أن المرجع السيستاني الزاهد قبل بمبلغ مائتي مليون دولار منه، لم يستلمه قطعا، لأنه لا يستلم الحقوق الشرعية التي تصله لتذهب إلى مستحقيها الناس.
السياق التاريخي خلال قرن 1914- 2014م، ذاته تدخل موضوعيا بين رفض وقبول الآخر، كتحول القبلة من القدس إلى مكة في الإسلام حيث حديث لا اجتماع قبلتين ولا دينين في جزيرة العرب والأصل مدنية الدولة وعلمانية الإسلام في صدر ثورته ودعوته الأولى الأصل؛ ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ * فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ).
اجتهد الخليفة الثاني عمر في أمر خالد بن الوليد قاتل مالك بن نويرة رغم إسلام مالك، ثم زواج خالد من زوجة مالك، واجتهاد مغاير للخليفة الأول أبوبكر في ذلك، ثم جلاء الخليفة الثاني لغير المسلمين أهل الذِّمة الذين في ذمة المسلمين واعتبارهم جوالي، جمع جالية كعموم (الجالية العراقية) اليوم في الشتات، يهود العصر في كل ثغر ومصر. الخليفة الرَّشيد (ت193هـ) وجه أبي يوسف (ت182هـ) ليصنف «كتاب الخراج»، قال: «إن أمير المؤمنين، أيَّده الله تعالى، سألني أن أضع له كتاباً جامعاً، يعمل به في جباية الخراج، والعشور، والصَّدقات، والجوالي». في حاشية «كتاب الخراج»: «سميت بذلك لأن عمر بن الخطاب أجلاهم عن الجزيرة فعُرفوا بالجالية، ثم نُقلت اللفظة إلى الجزية التي أُخذت منهم، ثم استعملت في كلِّ جزية تؤخذ، وإن لم يكن صاحبها جلا عن وطنه. الذين أُجلوا عن أوطانهم، ويُقال استعمل فلان على الجالية، أي جزية أهل الذِّمة» (الجوهري، الصِّحاح). «الجوالي»، مفردة، مرادفة لأهل الذِّمة مصطلح مؤذ أُطلق على غير المسلمين واقترن بفرض الجزية. قال تقي الدِّين المقريزي (ت845هـ): «فأما الجزية وتُعرف في زماننا بالجوالي، فإنها تُستخرج سلفاً وتعجيلاً في غرَّة السَّنَّة في ما مضى، لكن قلَّت جداً لكثرة إظهار النَّصارى للإسلام في الحوادث التي مرت بهم» (المواعظ والاعتبار). «والجلاء- ممدود- أن يجلو قومٌ عن بلادهم، أي يتحولون عنها، ويدعُونها، يُقال: أجليناهم عن بلادهم، فجلو وأجلو، أي تنحّو، والجالية هم أهل الذِّمة، والجمع جوالي» (ابن عباد، المحيط في اللغة).
اعتمد تنظيم «داعش» اجتهاد ذكره ابن الجوزي (ت597هـ)، ضمن ما يرويه مِن أخبار السَّنة 425ه، ما يؤكد أن أموال الجوالي بمعنى أموال الجزية، أي ما تختص بأهل الذِّمة: «فتحوا الجوالي وطالبوا أهل الذِّمة بها» (المنتظم). سُمّيَ محمد بن يحيى بن فضلان (ت631هـ) بوالي الجوالي: «ووليّ النَّظر بديوان الجوالي، واستيفاء ثروات أهل الذِّمة» (الحوادث الجامعة).
بيضة الإسلام في شبه الجزيرة والعراق والشام وشمالي إفريقيا، في الحقيقة، في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض الأميركي، وما زالت فيروز بصوتها الملائكي تشدو بشعر الراحل (سعيد عقل) الحالم بِبُسـتانِ هِشَـامْ بن عبدالملك بن مروان (سائليني يا شآم): أمَـويُّـونَ، فإنْ ضِقْـتِ بهم * ألحقـوا الدُنيا بِبُسـتانِ هِشَـامْ!.