18 ديسمبر، 2024 11:24 م

سَختجية ….!

سَختجية ….!

في مطلع القرن العشرين وإبان الحكم العثماني للعراق ، لاحظ اهل العراق وجود موظفين اتراك في الدواوين او الدوائرالحكومية العثمانية ممن اذاقوا اهل بغداد الأمرّين من جراء تلونهم وكذبهم ونفاقهم . فقد كان هؤلاء الموظفون يتسمون باللسان الطويل واللين لكن فعلهم كان عكس مايدعون …
ومن شدة استغراب اهل بغداد من هؤلاء المنافقين ، استفسروا من الدواوين العثمانية عن هؤلاء فاخبروهم بانهم (سختجية ) ..ومفردها (سختجي) ..ولأن اغلب العراقيين لايعرفون اللغة التركية فانطبع في عقلهم ان السختجي هو الشخص المحتال او المعتاش على الحيلة، واخذ اهل بغداد خاصة يتداولون هذا المصطلح واخذوا يسمون به الانسان الغشاش مع معرفتهم لاحقا بان كلمة (السختجي ) في اللغة العثمانية تعني ..محامي ..وجمعها السختجية يعني المحامين …
ولأن مهنة المحاماة ترتبط بتطبيق القانون ، ولدينا في العراق حاليا عشرات المسؤولين الذين يتسمون باللسان الطويل واللين وافعالهم عكس مايدعون فهم من ( السختجية ) الذين يعملون على تطبيق القوانين بطريقتهم ، ورغم تبنيهم لنظرية سيادة القانون في العراق ومطالبتهم بتطبيقه، إلا أن العراقيين بدأوا يدركون جيدا وبعد التجارب الانتخابية السابقة انهم وضعوا ثقتهم فيمن اعتاش على الحيلة والغش. والمشكلة ان نفس الوجوه تستعد من جديد لخوض تجربة انتخابية جديدة وتستخدم نفس الوسائل من حيلة وغش ومداهنة وألسنة طويلة …
في حوار معه ، قال مسؤول عراقي ان الحكومة ليست ملكاً لشخص بل هي ملك للشعب العراقي وان مايهمه ليس الحصول على منصب حكومي بل يهمه العراق كدولة وشعب ..الطريف ان هذا المسؤول وحين تبوأ منصباً حكومياً رفيعاً لم يفكر في مبارحته والتخلي عنه وكأنه حكر عليه ، ولم
يهمه العراق كدولة حين ترك ابوابها مشرعة لدخول داعش وكان وراء قرار انسحاب الجيش من مدينة الموصل وسقوطها ، ولم يهمه العراق كشعب حين ضحى بأمنه وأمانِه وجعله عرضة للموت المجاني كما شهد عصره تسرب ميزانية العراق المالية وسقوطه الى ماتحت خط الفقر وتراجع جميع مفاصل الدولة لاستشراء الفساد فيها وتحول البلد الى كانتونات طائفية ..
وفي الحوار ذاته ، قال المسؤول انه لايحتمل رؤية الفساد بعينه لذا كان يحث نواب الاصلاح على عدم السكوت عليه ويناقض نفسه حين يقول ان الإصلاح لن يتحقق باستجواب الوزراء والمسؤولين فقط ..ربما لأن عليه الخضوع للاستجواب قبل غيره بسبب سقطاته السياسية الخطيرة …
ويطالب هذا المسؤول بالالتزام بورقة التسوية التاريخية التي ولدت ميتة كما يصفها ابناء اتحاد القوى بينما يكشف عن حقيقة ناصعة حين يقول انه مازال يهفو الى الحصول على الكتلة الأكبر في الانتخابات مايشير الى ايمانه بضرورة سيادة الأغلبية متذرعا بوجود توافق في الرؤى والمصالح بين الأطراف ماينبئ بقرب الخروج من الأزمة العراقية ..
لاأظن ان الرجل من الحالمين او الراغبين برسم أحلام وردية للعراقيين ليعاودوا انتخابه فهو يواصل دعوتهم لمؤازرته باسم القانون وينوي ان تنادي كتلته الأكبر بتطبيق القانون ومحاربة الفاسدين واصلاح الخلل الذي لحق بالعملية السياسية خلال فترة غيابه عنها ..لاضير لدى الرجل اذن ان يسود القانون بالغش والحيلة واللسان الطويل والنفاق السياسي فالمهم ان تسود كتلته حتى لو كان تطبيق القانون بطريقة (السختجية).