في قضية (مرسي) و(اخوانه ) من جهة , و(جدعان) مصر من ليبراليين وشيوعيين واقباط وكتاب وفنانين , من جهة أخرى بان الخيط الاسود من الابيض !
المفلس في القافلة أمين
مصر ومنذ سقوط الدولة الفاطمية , لم تنام الاعلى وسادة الحرية الشخصية المؤطرة بالاطارين الاسلامي والمسيحي, الذي لونته العثمانية بتلاوينها الجاذبة , طرابيش وعمائم ومسابح وقناديل وزلوف يهودية ..وعامة الشعب المصري حتى الصعايدة منهم يعيشون حياتهم بروح التسامح , ولعلّ الفقر هو العامل الأساس في صياغة تلك العلاقات ..فالفقر يجمع حوله ابناء الله الساعين الى لقمة العيش ..أما الأغنياء فهم اولئك المتبطرون المتطلبون العاملون لزيادة ثرواتهم , وبسبب من ان (المفلس في القافلة أمين ) راح الشعب المصري, يمشي على سنة استنها لنفسه “اللي يريد شمعتو آيده يداريها” وهي اسهل من ان يخرج خارجا , ان يرفع صوته . ولكن شموعه اطفئت ولابد من خروجه ورفع صوته !
وكانت نتيجة رفع الصوت , اسقاط ركيزة الغرب الامبريالي حسني مبارك .. هذا في (ايامنا المعاصرة ) لترتقي سدة السلطة نظرية الأسلمة , التي ناضلت 80 عاما لرؤية نفسها تأسلم المجتمع , واي مجتمع ؟..المجتمع المصري , الذي خلق ليعيش حياته.
الاتقان مع الشقاء
المصريون غير كل الناس في البلاد العربية , عنوانهم الشقاء والصدق فيما بين ايديهم , يمارسونه باتقان , ويراكمون خبراته , وعندما تقول هذا اقتصادي مصري , وهذا فلاح مصري , وهذه مطربة مصرية , وهذا اديب مصري , فانك تعني ماتقول ..وهذه ميزة في الشعوب , مع عدم اسقاط (الحيال- الفهلوي) في كل تلك المجالات !
الآذان في البرلمان
الأخوان المسلمون راية عريضة من غير عمق , وقد لفّت ملايين الشعب المصري , ولكنها لم تجد حلولا سريعة لمشكلات آنية يأن منها المجتمع , تعالج آثار حكم مبارك وفساده , وعندما تسلمت السلطة , لم تضع برنامجا ينتقل بالبلاد الى وحدة الأهداف ..بل وجد من يرفع ألآذان في جلسة البرلمان , وهذا امر لايحظ عليه الله , فالآذان في المساجد والاجراس القارعة في الكنائس ..وكان ان اتجه الرئيس (مرسي) الى هيكلة قاعدة قانونية تبررله مايستضمر من افعال وذلك باقالة رئيس المحكمة العليا ..بالضبط كما فعل السيد نوري المالكي , في اعتماد مدحت المحمود ثعلبا قضائيا , اتهم بالمناورة والتبرير وإيجاد الذرائع, لتمييع النصوص الجامدة وتحويلها الى اجراءات تنسجم مع رغبة الحاكم وشهيته !
(البرادعي) استوى على نار هادئة
كما أن أعداء (الإخوان المسلمون) صعّدوا من ملاحقاتهم لسياسات (مرسي) منذ يومه الأول, في رئاسة لم تدم الا عاما واحدا , بعدما انتظرها واخوانه 80 عاما , في وقت كان البرادعي يتقلى على نار هادئة بانتظار مصير (مرسي) ..الغريب ان حركة (تمرد) المعلنة منذ ثلاثة أشهر قد بزّت الحركات المعروفة الأخرى , وكانت هي التي قدمت (خارطة الطريق) للقوات المسلحة , لإزاحة (الإخوان) من الرئاسة , وليس القيادات المصرية المعارضة المعروفة , الّا انها سوف تستفيد من (انقلاب الشرعية الثورية على الشرعية القانونية ) , وهذه حالة فريدة من الحالات التي تحدث في مصر !
لو كان ماحدث من (انقلاب) على (الشرعية القانونية ) كما جرى في مصر , في مكان آخر , لقامت دنيا الغرب(المدافع عن الحرية والتجارب البرلمانية ) ,لا أن تتناهى الأصوات الخفيضة من المناطق الباردة , لرش الماء البارد في منطقة ملتهبة مثل مصر, تفور انفاس شعبها مع درجات الحرارة العظمى !
التطورات المتلاحقة في (مصر) , لم تكن بعيدة عن اليد الطولى ورجل (القراقوز) المحرك لكل مايجر في العالم العربي, ب(هلاهل) اسرائلية تطرب للتناقضات الحاصلة من حولها .
(مرسي غادر الكرسي) وماذا بعد ؟
ومن ينزه الجيش المصري عن لعبة (القراقوز) , ينبغي ان يراجع قناعاته , فقيادة الجيش على تنسيق كامل مع عرّاب اللعبة الخطيرة في العالم العربي ..فقد رأت قيادة اليمين الأمريكي , ومن وراءها الغرب الأمبريالي , ان لاحل لأمر(القاعدة ) سوى احتواءها , وبما أن قائدها (الراديكالي) ومنظرها (بن لادن ) قد راحت جثته طعما لأسماك البحر(وهذه ايضا رواية مشكوك بصدقيتها) , وقد تخلصوا منه , فلابد من عودة (القاعدة) الى الحضن الرؤوم الذي انتج فريتهم في التكفير, وصياغة جهاد جديد على الارض الاسلامية في (الشرق الأوسط) ينهض به يتامى (القاعدة) ,وهم الفئات اللآبسة لبوس الإسلام على شتى تسمياتها , فصارت مهمة (القاعدة )الجديدة (اسقاط) النظم في هذا العالم القلق , والضرب على الوتر الحساس المتمثل بالطائفية المذهبية كما أجج في مصر. المعبر عنه بقتل الشيخ شحادة وعدد من المصريين على خلفية تشيعهم.. والأجهزة الداعمة للقاعدة في هذا , كانت تلعب لعبة اتقنتها , حيث اعتمدت ذيول (القاعدة) وخلطاتها الغريبة للدفع بها الى السلطة في البلاد العربية فيفشلوا , لتقول للناس في النهاية (هؤلاء هم الأسلاميون الذين تريدون لهم الحكم) ! بعد ذلك ستصبح هذه الأمة مثل خراف تساق الى الحظيرة ..(قلت هذا في اكثر من مقالة نشرت على مدونات عديدة ), وكذلك قلتها لباحث الدكتوراه المصري عماد في (هولندا) ,عندما سألني قبل اربعة أشهر ..ماهو مصير مرسي ؟ قلت.. يغادر الكرسي ؟
نخب تؤسس !
المثير في قضية الرئاسة المصرية.. ان رؤساؤها كانوا يأتون الى السلطة من بين النخبة, فبعد سقوط فاروق الملك المورّث جاء محمد نجيب من بين النخبة العسكرية , ليطيح به المقدم جمال عبد الناصر وزملاءه النقباء والرواد , فصاروا هم النخبة العسكرية , واستل عبد الناصرانور السادات (الهاديء الوديع الحبّوب الضاحك) الذي يشعرك متعمدا (بشخصية لاتهش ولاتنش) قبل ان يصبح رئيسا ! وقد كان مدركا ذكيا للعبة البقاء في الظل , وعدم الاصطدام بعبد الناصر الى النهاية , ليغادر الرجل القوي عبد الناصر فتنفرط المسبحة العسكرية , وليعمل السادات بماتخيّل انه سيبقيه ويخلده , حتى افرغ (الإسلامبولي) رصاص رشاشه في صدره في واحدة من اكثر الأحداث فرادة ..ولا اشك كثيرا فيما صدر من تقارير افرج عنها الآرشيف الأمريكي , وتناولها الباحثون , من ان مبارك لم يكن بعيدا عن اغتيال (السادات )..وعلى الجهة الأخرى كانت مجموعة الإسلاميين التكفيرين الذين بدأوا بتغييب (الحاكم الظالم )!
ترى .. ماهي فرصة الرئيس المؤقت عدلي منصور صاحب الحظ الذي نقله من موظف ارتقى نيابة المحكمة العليا وليتولى رئاستها لثلاثة اشهر فحسب للبقاء ؟ قبل ذلك النجاح المشكوك به في مهمته الصعبة ؟ الشارع يغلي.. (اخوانيون ) مستعدون للموت كما قال قادتهم واوضحته شعاراتهم , وأحدها رفعهم لشعار (قدم مرسي على اسم الله), وسلطة مزدوجة من المجلس العسكري بزعامة ( السيسي) , وخبراء قضائيون واداريون ووزراء سوف يلمهم الرئيس المؤقت (عدلي) تحت رئاسة يضطلع بها (البرادعي) مجرم الحرب على العراق , لتصريف الأمور التي لايمكن لمراقب الثقة , من انه سينجح في ترتيب البيت المصري بسبب من التناقضات الحادة , وكون بيانات القوات المسلحة هي بيانات فوقية ليس لها من (الدستورية) مايبررها , وهي بيانات أزمات لاترتقي الى قرارات دستورية , وقد طعن بها (الأخوان) منذ الدقيقة الأولى ولكنها سادت على الجميع حيث التقط العسكر الرئيس (مرسي)..لاحظوا الرئيس في غرفة بسيطة لم تعلق ستائرها كما يجب مع نجليه ,(ربما كان موقعا بديلا) وبعد حوار بسيط مع بعض الضباط وضع في الأقامة الجبرية وهو وصف مخفف ل(الإعتقال) , فيما اغلق السجن على مرشد الأخوان ومساعده الشاطر الذي ثبت عدم شطارته !
مصر وقاهرة المعز ,هل ستهدأ ؟ بلاجاتها هذا الصيف هل ستغص بالسابحين والسياح بأجسادهم المتراصة من كل لون لون وحجم وقياس ؟..بورصة مصر هل ستحقن فيها امصال العافية فيغرد الجنيه المقموع بدولار لكل سبعة منه ؟ علاقات مصر مع شقيقاتها العدوّة والصديقة هل ستصبح (صافي يالبن حليب ياقشطة) ؟..راقصات مصر وفناناتها والهام شاهين ..هل ستستقر نفوسهم حيث ينتجون لنا بدائعهم ؟
العاملون تحت الأرض من المتشددين الإسلاميين هل سيخففون لحاهم و(يطيلون دشاديشهم ) من اجل السلامة على الأقل ؟ شباب الجامعات المنقسمون مابين اخوانيون وعلمانيون, هل سيعودون الى الدراسة تحت سقف واحد ؟ من طلقت زوجها بسبب الإختلاف, هل تعود له ام ان الساطور سيحسم الأمر؟
كل تلك اسئلة تدور في أذهان المحبين لمصر وشعبها العزيز, الذي يبدو ان له صراعات جديدة قادمة بدأت منذ الآن وأخطرها صراع السلاح ..هل يحلها (السيسي) الذي تدغدغ احلامه الرئاسة , ام ( البرادعي) فأل الله ولافأله , الذي جلب على العراق الويلات بضمير وقلب بارد .والذي استلم رئاسة الوزراء مساء أمس ,لاأظن ان لدى (البرادعي) عصا سحرية تلجم المتشددين الاسلامويون , وهو ايضا لم يحصر نشاطه ومؤيديه بالنشاط الليبرالي الذي يعتمد الإنتخابات , بل نزل أنصاره المسلحون الى شوارع مصر أبان الإنتخابات الرئاسية التي حملة (مرسي الى الكرسي) واتسم أداءهم بعدم استقامته مع النظام الديموقراطي..
اليوم نصب (الإخوان), مدافع (الهاون ) على اسطح البنايات, وباشروا عمليات القتل في الشوارع, والقاء معارضيهم ومن بينهم اطفال من أعالي ألأسطح, فيما إنتشر القناصة في كثير من المواقع ..اذن تحول الإخوان الى القتل المباشر ..وهذا تطور خطير في مجرى الصراع , ولا أظن ان في الأفق بارقة أمل في اعمام الهدوء بين الشعب المصري في وقت قريب .
ورغم مايبرره البعض, ويمكن ان تبرره الاوضاع الداخلية في مصر لهذا (الانقلاب) , فان الأمر لايستقيم مع ممارسات النظام البرلماني , وهو لايمكن له ان يخلص نفسه من الوصف القانوني له ,ك(انقلاب) حتى لو جرى ناعما نعومة امرأة جميلة ولكنها قاتلة !
وفي نظرة الشعب العراقي الى مجرم الحرب (البرادعي) لنا رأي آخر, سنطرحه في وقت لاحق !
ورود الكلام
أنا و(ميرو)
من اجمل الظواهر الأوربية طيورهذه المناطق..فمامن طير موصوف الا ّوجدته في هذه القطع من الجنّة ..حتى ا(لكناري) الرقيقة الصاخبة المحبوسة في بلداننا , (تتمرجح) على أجمة (الجوري) في حديقتي , وهي بحجم (نبكة عراقية )..الا ان صنفان من هذه الطيور إعتدت على شجيراتي , الأول صنف (خاطف لاكف) ,ما ان تحّمر بضع (كرزات حتى يبلعها) فارّا, بينما تلاحقه نظراتي اليائسة حتى الإحتفاء !..وفي هذا الموسم والموسم الماضي لم اتذوق الآلاف من كرزاتي الّا مرة واحدة , فمن يدلني على وسيلة لتغيلف (كرزتي) بارتفاع اربعة امتار !
المرة الثانية عندما تصور (ميرو) المغرد الذي يطربني كل صباح , وفي نهاراتي المشمسة ولا بلبل الإذاعة , اذ اتلفت العاصفة عشه الرقيق على أجمة (الجوري) الأصفر , فعمدت الى اصلاحه وترتيب البيضة الوحيدة المتبقية فيه ووضعه في مكانه , الا أنه تصور اني اتلفت عشه..فماذا عمل ؟ في اليوم التالي استيقظت لأفاجأ ب( مجزرة ) ورد ارتكبها (ميرو) , فقد قطع عامدا عشرات الزهرات المتفتحة والمكممة من اجمتين رائعتين من الورد الجوري الاحمر, وكان القطع بقياس واحد, وقد بقيت أجمتا الورد عقيمتان من انتاجه لسنتين ..ولم يستطع أحدا افهام (ميرو) اني كنت مصلحا لا معتديا !ولو كانت لي لغة سليمان الحكيم لإعتذرت له وافهمته الحقيقة حتى لايبقى حاقدا , فأحصد شرا بعد أن فعلت خيرا !
هل هي الغريزة ؟ أم هو الحقد !
هكذا تنشأ الأحقاد ..فيدمر العباد