12 أبريل، 2024 6:06 م
Search
Close this search box.

سينهض العرب

Facebook
Twitter
LinkedIn

كل الدلالات تشير الى ذلك ، قد يراني الناس أشتّ من الجمع أو أخرّص ، ولكن العرب طال سباتهم كثيرا ، وأصبح زائدا عن الحد ، غير مقبول التصديق ، وهذا اراه اوضح الاشارات ، أوغل العدو باذلالهم وسيد عليهم ارذالهم لمّا تمكن منهم ، بل وتسيّد القسم الاخر من السفلة والجزارين والجهلة والفاسقين دون معونة من عدو ، الا من خور العرب انفسهم وتخاذلهم بل واستخذائهم لحد لايقبله من له شعرة من كبر ، او ذرة من عقل .
وصلوا المرحلة التي لا مرحلة بعدها من الانحطاط فما بقي الا النهوض ، لم يبق لديهم شيء يخسرونه لا في مصر ومن وراءها السودان والشمال ، ولا في العراق ومن دونه كل المشرق ، ولا في الجزائر ومن حولها كل المغرب ، ولا حتى في الجزيرة مهبط الوحي ومبعث النبوة التي صارت مزقا وسخرية وأمعنوا فيها واثخنوا الجراح .
دويلات مصنوعة مسلطة لتؤدي دورا لا حول لشعوبها فيه ولاقوة ، يغرقون مغرريهم بالمال واللهو ومتع الحياة فيخدرونهم عن قضاياهم المصيرية ومستقبل اولادهم والاجيال التي مسخت لصالح المتربصين بالامة من حولها ليهدروا فلسطين والقدس والكرامة ، ثم ولاشك الدور قادم على الحرمين ، فكل الدويلات الخليجية المصطنعة دخلت في النموذج الاماراتي ، ولا ينتظر الامير المراهق في الدولة الحقيقية الكبيرة الا ان يصبح حاكما مطلقا بعد موت من يستحي قليلا من الناس والله ، ليحاول بعدها ان يتحكم ايضا بالبلد الثاني الحقيقي من بلدانها ، الذي يعمل فيه تمزيقا الان بحجة محاربة الذين هم “فعلا” صنيعة ايران ، لتنطلق يده على الجزيرة كلها .
تشرد الشباب العربي في الافاق بهذا الشكل الصارخ المخزي وتقلبهم بين ايدي الناس ليتحكموا بهم كما يشتهون في بلاد الغرب ، فأنت عد الى اهلك وانت ابق بشروط ، وانتِ اتركي زوجك وانت اترك اولادك وانت لارعاية لك ، والاخر يُقتل فيعفى عن قاتله لان الاخير من اهل الدار ، والاخر يبدل دينه ليعيش وغيره يخشى الذهاب للصلاة لئلا يطرد او يقتل غيلة او جهارا تحت انظار (البوليس) .
عشرات الالاف من تلك الحالات مما لا يمكن ان يقبل وان يدوم الى الابد ولا ان يستمر اكثر ، فهو وضع شاذ لاتقبله فطرة النفس ولا جبلة الانسانية ، طرد العربي واستهجانه وتمزيق جوازه والقاءه في الطرقات لانه لا كرامة له ولا سند من دولته ولانظامه الذي يخضع في الاساس للعمالة او للسفالة ، أمر لايمكن ان يدوم للابد ، ولايمكن ان يستمر اكثر ، بل سيكون النهوض من هذا الجيل باذن الله ، نعم هذا الجيل لاتستغربوا أبدا .
لا تيأسوا ،، رغم حجم الاسفاف المبالغ فيه الذي وضعونا فيه ووضعنا انفسنا فيه ، والتركيز على الشباب للهجرة والتشرد في الأصقاع وعلى الجيل الصاعد ليتحول الى “بنات” نفسيا وفيزيائيا ، وكل الاهمال الابوي والتطبيل وراء التطبيع والتبرؤ من الدين والانسلاخ منه ، والضخ باتجاه اهانة وتحقير الفقهاء ونتاجاتهم بحجة تنقية التراث ، والتجرؤ على العلماء العاملين بحجة كل يؤخذ منه ويرد ، والتطاول على رجال الدين بالتعميم المقصود والموجه على انهم سبب التخلف وان العلمانية والتطور اوله نبذ الدين ، “القانون المضلل” الذي جعلوا شباب بل ورجال العرب الناضجين بل والمثقفين يسيرون وراءه بعمى ، وسوّقوه للعرب فقط ، وصدقه العرب فقط ، فلم يصدقه الباكستانيون الذين صاروا دولة نووية بالاسلام ، ولا الماليزيون الذين اصبحوا دولة الكترونية بالاسلام ، ولا الاتراك الذين عادوا دولة صناعية على يد الاسلام بعد ان حطمها العسكر والعلمانية وسحقوها لقرن وجعلوها مسخا وتابعا واضحوكة . العرب سينتبهون بل وانتبهوا باذن الله ولن يثبطهم نموذج المطبلين المغرر بهم هنا وهناك والذين نراهم بيننا يحاولون النيل منا كل حين ، فهذا يروج لهذه الدويلة المنخرطة في الذل وذاك لتلك التي تتاجر بالدماء والاراضي ، والاخر لقائد مسخ والرابع لزعيم ذليل في ركب اسياده . يطبلون بجهل او بغفوة او بتمويل مدفوع ، ومحاولة التفريق بين العربي من هذه الديانة او تلك ، كلهم لن يوقفوا نهضة العرب القادمة ، العرب بكل طوائفهم ومشاربهم .
من هذا الجيل نعم سياتي النهوض ولا تعجبوا ، الجيل الذي تظنون فيه الاسفاف والتخنث والرقص واللعب ، فيهم ملايين ليسوا كذلك ، فيهم ملايين يعدهم الانترنت والاطلاع على حرية العالم وتحرره وتقدمه اعدادا عكس مانخافه وننقم منه ، حتى من تخنثوا ومن تسكعوا ستنتهي ملذاتهم ويصحون ويساهمون ويلتحقون بالركب وينهضون باذن الله . لقد نهض العرب فكريا وادبيا نهضة كبيرة في منتصف القرن الماضي شعّت على ارجاء بلدانهم والعالم ، بعد انحدار كبير في هذا الجانب وإيغال المستعمرين فيهم ، وتدارك المتربصون ذلك وبداوا بالالتفاف عليها سياسيا برجال تغلغلوا وحكموا وحطموها رويدا رويدا ، ليصلوا بالعرب الى عصر الاسفاف الفني والادبي بعد العصر الاصيل من الابداع في الجانبين .
هذه المرة عرف العر ب اللعبة ، وسينهضون سياسيا بالقضاء على الماجورين وتملك زمام امورهم في السياسة أولا ، وما الادب والفن عن مبدعيهم ببعيد ولن ينضب معين عقل العربي ووجدانه .
ولقد حاول العرب النهوض فعلا في ثورات متفرقة آتت اكلها الى حين في بداية هذا القرن ، ولكنهم التفوا عليها مجددا بعد ان صدمتهم واختل توازنهم لسنوات ، التفوا بحج كثيرة وعادوا بالعسكر او الدكتاتوريين او انظمة مسخة ، وسلطوا ادواتهم من دويلات الخليج بالاموال وكل سبيل للقضاء عليها فنجحوا للاسف ، نعم في مصر والسودان وليبيا ، وانقذوا صاحبهم في سوريا وخدعوا العراقيين والجزائريين بانظمة ترقيعية لامتصاص الهيجان ، ويوازنون الامر في اليمن ولبنان ، وهكذا عندما تهدا الصومال تشتعل موريتانيا وعندما تهدا هذه يشعلون تلك . ولكن هذا ليس دليل القضاء على العرب نهائيا بل هو بداية نهضتهم باذن الله ، فما بعد الهدم الشامل الا اعادة البناء حيث لا شيء بقي للهدم . وسيعيد العرب الكرة ، كرة نزع المأجورين التابعين المتسلطين عليهم جبرا لا اختيارا لأغراض باتت واضحة لا تحتاج الى تنوير ، بل اننا في نهاية عصر التنوير وبداية عصر النهوض باذن الله ،وليس ذلك عن همة العربي ببعيد “وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب