الكثير من الشعب العراقي للأسف والأسف الشديد يتعامل مع قضية الإعتصام على أنها مسرحية ونهايتها ضحكة طويلة ، ذلك لأنهم لايميّزون ويفرّقون بين ( زعامة الصدر ) وبعض الزعماء الذين يقفون على خشبة المسرح السياسي ويقدّمون أحدث العروض السينمائية والمسرحية التي لم تعد خافية على المتلقّي بما تحمله من استهلاك إعلامي لا نرى له أي ترجمة في الواقع .
فإن زعامة الصدر تختلف كثيراً عن جميع زعامات شيعة العالم فضلاً عن شيعة العراق من حيث الإستقلالية المطلقة التي يتمتّع بها سماحة السيد مقتدى ومن حيثيات كثيرة ،فالكثير من الشعب العراقي يعتبر التيار الصدري رافداً من روافد إيران السياسية في المنطقة مع حفظ الألقاب ، فالتيار الصدري إجمالاً قيادتاً وجماهير يكن الإحترام للجمهورية الإسلامية ويعتبرها دولة مجاورة ومهمّة للعراق ويلتقي معها من حيث الإنتماء الديني والعقائدي لكن لايلتقي معها سياسياً كما هو معروف اصطلاحاً ( بولاية الفقيه ) وهذا ما أكّده سماحة السيد مقتدى الصدر (أعزه الله ) للسيد علي خامنئي ( دام ظله ) في احدى مواسم حج بيت الله الحرام ، حيث تحدّث الصدر في هذا الجانب عبر لقاء سابق في قناة الجزيرة وقال مامضمونه : أنا تحدّثت مع السيد الخامنئي وأخبرته بالإمتداد الديني والرابط العقائدي الذي يجمعنا لكن لا التقي معكم في ولاية الفقيه .
وحتى نثبت للقاريء الكريم حقيقة ومصداقية كلام السيد الصدر للسيد الخامنئي نعطي أمثلة من أرض الواقع :
أولاً: موقف الصدر من حكومة المالكي ومعارضته الشديدة للإنحراف السياسي لوحده دون غيره من زعماء التيارات والأحزاب (الشيعية) الأخرى خصوصاً موقفه من سحب الثقة من رئيس الوزراء السابق ،ومايعرف بإجتماع أربيل شاهد على ذلك وهذا يدل على استقلالية الصدر في أي مشروع يقدم عليه.
ثانياً: موقف الصدر من الصراع الدائر في سورية وعدم زج انصاره في هذا الصراع كما هو حاصل عند باقي الفصائل العراقية ( الشيعية المسلّحة ) التي تقوم بتجنيد بعض الشباب وترسلهم الى جبهات القتال في سورية تحت صيحات ( الدفاع عن مرقد السيدة زينب “ع” )، فالصدر يرى هذا الصراع شأن داخلي لاناقة للعراق به ولا جمل وهذا أيضاً يدل على استقلالية الصدر في إتخاذ القرار .
ثالثاً: وهو أصل الموضوع .. مشروع الإصلاح الذي طرحه الصدر والتظاهرة العصرية التي قادها ومن ثم أردفها بإعتصام وطني ومن ثم عزّز هذا الإعتصام بنصب خيمته المباركة ، كل ذلك يعطينا مثالاً واضحاً وموقفاً صادقاً من عزيمة الصدر واصراره على انقاذ العراق من مستنقع الأحزاب من خلال ( المشروع الإنقاذي ) الذي طرحه ، وهذا موقف آخر يدل على استقلالية الصدر اضافة الى حرصه على البلاد والعباد .
اكتفي بهذه المواقف الثلاث ولا أريد ذكر المزيد وأختم كلامي للذين يعتبرون هذا الإعتصام ( مسرحية ) فأقول :
هذا الإعتصام سوف نجني ثماره الوطنية في القريب العاجل وسوف تنتصر إرادة الصدر على أهل الشقاق والنفاق سواء كانوا من أهل الحكومة أو من بعض الشعب، سوف تنتصر إرادة الصدر وإرادة كل المنادين معه في مشروعه الإصلاحي ( المبارك ) وستعرفون حينها إذا أقدم الصدر على أي مشروع سوف تكون العاقبة للمتّقين وليس للمنافقين ، هكذا أخبرنا الله ” تبارك وتعالى ” عبر كتابه العزيز .