23 ديسمبر، 2024 6:46 ص

سيناريو حرب الخليج القادمة وآثاره على العراق

سيناريو حرب الخليج القادمة وآثاره على العراق

يخطط السياسي صاحب القرار لآي أزمة محتملة يمكن أن تتعرض لها بلاده، ويستند في خططه إلى معطيات ، وأدوات يمكن أن يواجه بها هذه الأزمة.
التشنج الذي كان سائدا”ولا يزال في منطقتنا العربية ، وتحوله إلى عنف مسلح ، أفضى إلى تهديد خطير للسلم والأمن الدوليين ، الحرب على الإرهاب في العراق، والصراع الدموي والدولي في سوريا، والحرب في اليمن والتدخل الإقليمي فيها، فضلا” عن آخر أزمة بين إيران والسعودية ، وقطع العلاقات بينهما يوم 3/1/2016،وما يتبعه الآن من إجراءات مماثلة لبعض دول الخليج العربي على خلفية حرق السفارة والقنصلية السعوديتان في طهران ومشهد،والتي حدثت بعد إعدام المعارض السعودي نمر النمر، و46 شخص آخرين متهمين بألارهاب ، كل هذا يمكن يتحول سريعا” إلى صراع مسلح( حرب ) ، وهذا أمر وارد في المنظور السياسي الراهن .

توصيف الأسباب والتداعيات لهذه الأزمة ، ربما يبدو واضحا للكثير من المحللين وصناع القرار ،وهو ما لايتسع شرحه في هذه المقالة، وربما في مقالات لاحقة. مايهمنا اليوم هي الآثار السلبية المترتبة على هذه الأزمة وانعكاساتها على العراق.

ينبغي أن يحسم العراق موقفه وينظر إلى مصالحه أولا” وبعيدا”عن أي طرف من الإطراف المتصارعة، وان يكون ايجابيا في علاقاته مع الطرفين.استمرار تدفق النفط العراقي إلى الأسواق العالمية ، هي أولوية في بناء إستراتيجيته للازمة المحتملة، ولتأمين قوت الشعب العراقي .

إن قيام حرب في الخليج العربي بين إيران والسعودية ، سينعكس سلبا” على تدفق النفط عبر الخليج العربي(مضيق هرمز ) وهو مايشكل 40%من سوق النفط العالمية اليومي. العراق الآن يعتمد بنسبة 75% على موانئه الجنوبية في تصدير نفطه، والنسبة المتبقية تمر عبر أنبوب كركوك –جيهان التركي ، على البحر الأبيض المتوسط. سيطرة (داعش )على الموصل، وإنشاء خط أنابيب خاص بإقليم كردستان، وتحويل نفط كركوك على هذا الأخير ، افقد العراق وارداته من تصدير نفطه عبر هذا الخط للأشهر الثلاث الماضية ، دون أن يسلم أقيام هذا النفط إلى الحكومة الاتحادية .

معادلة الحرب المحتملة ستفقد العراق جميع منافذه التصديرية للنفط، ويكون إقليم كردستان الرابح الأوحد في المنطقة ، بعد إن تقفز أسعار النفط إلى أرقام قياسية غير مسبوقة ، ربما تتجاوز 150 دولار للبرميل.

إزاء هذه المشكلة المحتمل حدوثها والتي يواجهها العراق ، فأنه مطالب بإعادة رسم علاقاته الدولية مع جيرانه ، لاسيما المملكة العربية السعودية ( والتي دشنت عهد جديد من العلاقات الدبلوماسية مع العراق في 30/12/2015 بفتح سفارتها في بغداد) ، وتركيا.

العراق أنشأ خطا”لتصدير النفط عبر الأراضي السعودية ، والى ميناء ينبع السعودي ، بعد منتصف ثمانينيات القرن الماضي ، وذلك للتعويض عن توقف تصدير النفط عبر ميناء البكر والذي دمر في الحرب العراقية الايرانية1980-1988، وتوقف الخط التركي ، إذ تم افتتاح هذا الأنبوب والذي كلف العراق مايقارب 1،2 مليار دولار، وطاقته التصديرية 1،6 مليون/ب. ي نهاية عام 1989 ، واستمر لسنتين ، ثم أوقف من قبل السعودية بعد إحداث الكويت عام 1990،وادعت السعودية ومن طرف واحد مصادرته بحجة تعويض الديون المترتبة بذمة العراق ، عن الحرب العراقية الإيرانية.

اليوم نحن بأمس الحاجة لبناء علاقات ايجابية مع المملكة العربية السعودية ، و استعادة هذا الأنبوب الحيوي عبر الحوار البناء وترطيب الأجواء، والعمل بشكل ايجابي لتقريب وجهات نظر المتخاصمين على قاعدة حسن الجوار والإخوة الإسلامية. كذلك نحن بحاجة ماسة لحل الأزمة مع تركيا وتطوير علاقاتنا معها ، وتفهم اهتماماتها بشأن حزب العمال الكردستاني BKK، وإعطاء صفة أخرى غير العدائية لعلاقاتها معنا ، وعلى أساس حسن الجوار والمصالح المشتركة، لاسيما في موضوع تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي ولصالح الحكومة الاتحادية ، وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين بهذا الشأن وغيره . كذلك تسريع انجاز أنبوب النفط المار عبر الأراضي الأردنية والى ميناء العقبة ، والذي تم توقيع تفاهم بشأنه بين الحكومتين ، العراقية والأردنية .وتكليف أشخاص قادرين دبلوماسيا” على إدارة هذه العلاقات ، وأنا أرى تكليف الدكتور أياد علاوي وزيرا” للخارجية ضروري جدا في المرحلة الراهنة ، لما يتمتع به هذا الرجل من إمكانيات في إدارة علاقات بناءة ، وتحقيق مكاسب .

إن العراقيين جميعا” في مركب واحد ، وعلينا أن نتآزر لمواجهة الأخطار والمشاكل المستقبلية ، وان نتنازل لبعضنا البعض في سبيل إنقاذ العراق وشعبه، من مخاطر وشيكة