( بعد ساعاتٍ من تسمية الكاظمي، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي إن الكاظمي “أثبت في وظائفه السابقة أنّه وطني وشخص كفؤ”، معرباً عن أمله في حكومة “قوية ومستقلّة” )
وكانت وظائفه السابقة العمل مع الأمريكيين في مونيتور , ومع البريطانيين في مؤسسة الذاكرة , ومع الأكراد في الصحافة , وحضن ابن سلمان في المخابرات .
ان العراق كان ولا زال محكوماً من قبل العلمانيين منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م , وعلى أيديهم شهد أكبر عدد من عمليات الاغتيال الرسمي وغير الرسمي , واكبر ظاهرة تخريب ثقافي , وأسوأ حملات تزوير التاريخ , واكبر عمليات سرقة للأرض والثروة لأسباب طائفية .
لكن لماذا تترك حكومة مؤقتة وظيفتها التهيئة للانتخابات فقط العمل على مشاريع اصلاح حقيقية وتذهب لسن قانون يضاف لسلسلة من قوانين تفكيك الاسرة العراقية , وهي اخر دعائم المواجهة ضد الفساد , تحت عنوان ( قانون مناهضة العنف الاسري ) , بما يشبه بصورة مريبة سرعة سن قانون ( الإصلاح الزراعي ) بعد انقلاب عبد الكريم قاسم بشهرين فقط , رغم كونه مثّل الية لسرقة اكبر مساحة خصبة مملوكة من الأرض ونقلها بالخديعة لأيدي الوافدين , بل نقلها تعديل عام 1965 الى ايدي غير العراقيين .
ان هذه الحكومات المريبة نسخة معدلة – بما يناسب الشيعة – عن ظاهرة السيسي في مصر , حيث الانتقال من الدكتاتورية الاشتراكية الى الدكتاتورية الرأسمالية . وهذا ما يجري الاعداد له في العراق .
ان الدعم الإعلامي الكردي والبعثي والخليجي والامريكي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لا يعفيه من كونه كان جزءاً من منظومة الفساد الإدارية والسياسية التي خرج ضدها الشعب العراقي , عزز هذه الحقيقة بتجديده لعقود شركات الاتصالات الفاسدة بطريقة افسد من طرق سابقيه .
لكن من جانب اخر لماذا يطبّل له الاعلام لزيارته دولة كانت حليفة لصدام منذ محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم , حسب تصريح احد القتلة الاقتصاديين الامريكان , وزودته بكل التسهيلات الدولية للوصول للسلطة وقتل رفاقه من البعثيين , ثم قمع الشعب العراقي , وحربه ضد ايران وانهار الدم التي سالت فيها بالنيابة عن واشنطن بعد فشل عملية تحرير رهائن سفارتها في طهران وسقوط طائراتها في صحراء طبس , اذ خرج العراق – بحسب تقرير للقيادة البعثية في مؤتمر 1989م – مديون لبريطانيا وحدها بما يعادل الخزينة العراقية التي كانت خاوية حينها . والتي دمرت كل معلم حضاري وصناعي وزراعي مدني في العراق خلال ثلاثين يوماً في عام 1991م دون ان تمس رأس صدام , ثم حاصرت الشعب العراقي اقتصادياً بما يندى له جبين الحيوان لا الانسان فقط , وتركت صدام وعشيرته الإرهابية يتنعمون بخيرات العراق ثلاثة عشر سنة أخرى , لتجيء بعد ذلك بكل من هب ودب وتسلطه على العراقيين في 2003م , وتعزز مراكزهم من خلال التمويل الفاسد والقوانين التي سنت تحت اشرافها ورضا حلفائها , ثم أظهرت ابشع مظاهر الطائفية من خلال اجراءاتها السياسية والإدارية كمقدمة لمشروع ( بايدن ) لتقسيم العراق والذي طرحته هي ذاتها , لتسلب بعدها ثروة العراق من خلال جولات التراخيص النفطية التي لم يشهد العالم مثل فساد توقيعها , ودسها لمشاريع الخصخصة لامتصاص ما بقي من مال بأيدي العراقيين , واحتلالها العسكري الذي يفتخر احد جنوده انهم قتل اكثر من خمسة الاف امرأة وطفل في العراق بسلاحه وحده , وجعل قواعدها مركزاً تدور حوله قواعد داعش , بعد ان كانت سجونها في العراق مراكز لصناعة قادة الإرهاب جميعا .
وبحسب الموظفات السابقات في الحكومة الامريكية ( سوزان لينداور ) و ( كاثي اوبراين ) ان جهاز المخابرات الأمريكي كان يدير أكبر خطوط الاتجار بالمخدرات في العالم , لذلك فالحكومة العراقية بعلاقتها المفتوحة مع أمريكا تتعامل مع زعماء عصابة كبيرة . لذلك لم نستغرب تصريحات الألمان ان السفير الأمريكي كان وراء الغاء عقد شركة سيمنز الكهربائية في العراق .
في المقابل ان تصوير الأحزاب الفاسدة التي كانت اقرب للسفارة الامريكية منها للعراقيين على انها تمثل الإسلام والثقافة الشعبية الملتزمة لتحميل الدين والقيم العراقية مسؤولية الفساد محض افتراء . فليس في الدولة العراقية منذ كانت في العام 1921م حتى الان قانون إسلامي واحد , ولم تعمل هذه الأحزاب على سن مثل تلك القوانين , بل كانت تغازل الامريكان في رفض وعرقلة ما يتم اقتراحه منها .
رغم ان دولة إيران التي تطبق النظام الإسلامي ، وبسبب تطبيقه تم فرض حصار اقتصادي وسياسي خانق عليها من قبل أكبر قوى العالم المادية منذ أربعين سنة , هي اليوم ضمن أقل دول العالم في نسبة معدلات الجريمة ومعدلات الطلاق ، ونسبة البطالة فيها أقل من نسبة البطالة في دولة مثل السعودية ، ومن أقل دول العالم في استحصال الضرائب . وثامن دولة في العالم في معدل إصدار الكتب ، والسادسة عشر في مجال إصدار الكتب في العلوم التطبيقية ، والثامنة عشر في مجال إصدار الكتب في الفنون ، والثالثة عشر في مجال إصدار الكتب في علم النفس والفلسفة ، والثانية في مجال إصدار الكتب في الدين ، والثالثة في مجال إصدار الكتب في علم اللغة المقارن ، والسابعة في مجال إصدار الكتب في العلوم البحتة ، والثلاثين في مجال إصدار الكتب في العلوم الاجتماعية . والثالثة عشر في مؤشر الانتاج الزراعي وإنتاج الحبوب ، والثانية والعشرين في عدد الآلات الزراعية . والرابعة عشر في انتاج الكهرباء . والحادية عشر في عدد مستخدمي الإنترنت ، والعاشرة في نسبة الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات . والسابعة والأربعين من حيث عدد المحصلين للقراءة والكتابة وقد انتقلت نسبة التحصيل من 52% قبل النظام الإسلامي إلى 97% بعد تطبيقه . وضمن أعلى التقييمات في أكبر الجامعات من حيث عدد الملتحقين بها ، وتوجد فيها أكثر من 707 جامعة ضمن قائمة التصنيف العالمي للجامعات ، والثانية والعشرين في مجال الالتحاق بالدراسات العليا . وفي قمة ترتيب النمو العلمي وإنتاج المقالات العلمية في العالم حيث نما بمعدل احد عشر ضعفا خلال النظام الإسلامي ، وفي المرتبة السابعة والعشرين في مجال الإنفاق على البحث العلمي ، وفي المرتبة الرابعة في تقنية النانو ، ومن الدول التي تمتلك وكالة فضاء مستقلة . وفي المرتبة الخامسة والستين من حيث التمدن ، ومن أقل الدول هجرة ، وضمن افضل مائة دولة في مؤشر الابتكار العالمي ، وفي المركز الرابع عشر لأقوى جيوش العالم لعام 2020م .
بينما الدول الغربية التي تريد الأحزاب والجماعات والافراد العاملين تحت إدارة السفارة الامريكية في العراق نقل تجربتهم الاجتماعية الى العراق – دون التقنية بالتأكيد وحسب التجربة – فهي في احط دركات العالم الأخلاقية والتربوية فعلا , وبغض النظر عن ارتفاع معدلات الانتحار والجريمة فيها فهناك قبائح كثيرة تجعلنا نطالب بالا تكون مثالاً لبلادنا .
ان اكثر الدول مشاهدة للأفلام الإباحية هي على التوالي عام 2016م البرازيل ، إيطاليا ، أستراليا ، ألمانيا ، فرنسا ، اليابان ، الهند ، كندا ، المملكة المتحدة ، الولايات المتحدة . وفي عام 2017م تكشف البيانات أن حوالي 60 ٪ من المواقع الإباحية في العالم تأتي من الولايات المتحدة الامريكية ، حوالي 428 مليون صفحة فردية . في المركز الثاني هولندا ، بنسبة 27٪ (187 مليون صفحة) . والمملكة المتحدة في المركز الثالث ، بنسبة 7٪ (52 مليون) من الإباحية في العالم مواقع. وفي كوريا الجنوبية تلتقط الكاميرات الخفية النساء، وأحيانًا الرجال في غرف تغيير الملابس أو حتى في دورات المياه، ثم يتم تحميل مقاطع الفيديو على مواقع إباحية دون علم الضحايا. وباتت المراحيض العامة في العاصمة الكورية الجنوبية مشكلة خطيرة تؤرق المواطنين والسلطات هناك على حد سواء. حيث تعاني كوريا الجنوبية من مشكلة خطيرة تتمثل في انتشار ظاهرة وضع كاميرات تجسس سرية بالمراحيض العامة وغرف خلع الملابس، تستخدم لأغراض “إباحية” . وتنتشر متاحف الجنس في كل من الولايات المتحدة وأوروبا ، متضمنة عدداً كثيفاً من اللوحات والتماثيل والأدوات الجنسية المعروضة للجمهور . اما أعلى معدلات الاغتصاب لعام 2020م فكانت كالآتي ، جنوب أفريقيا ، بوتسوانا ، ليسوتو ، سوازيلاند ، برمودا ، السويد ، سورينام ، كوستاريكا ، نيكاراغوا ، غرينادا ، سانت كيتس ونيفيس ، أستراليا ، بلجيكا ، الولايات المتحدة ، بوليفيا ، نيوزيلندا ، سانت فنسنت وغرينادين ، زيمبابوي ، بربادوس ، ايسلندا ، جامايكا ، بيرو ، الباهاما ، النرويج ، ترينيداد وتوباجو ، إسرائيل ، فرنسا .
وبالتالي فليس المراد من سن قوانين تفكيك الاسرة وتجنيد حكومة فاسدة مثل حكومة مصطفى الكاظمي ودعمها بمد اعلامي واسع وخداع الشباب وعموم العراقيين بمشاهد سينمائية لها – مثل تحرير المنافذ الحدودية رغم ان مدير عام المنافذ اكد انه ممنوع من دخول أي منفذ اتحادي في كردستان وهذا تسبب في خسارة العراق لمليارات الدولارات الأوروبية من خلال مشروع الترانزيت الى الخليج – كل ذلك لا يراد منه سوى نقل العراق الى الدكتاتورية من جديد بذات السيناريو المصري المخادع ليتم لاحقاً بيع وسن القوانين بأبخس الاثمان . وان الصراع الحقيقي اليوم ليس بين الشعب والحكومة , بل هو بين هويتين , تريد أمريكا تثبيت إحداهما من خلال استغلال غباء وفساد الأحزاب التي رفعت عنواناً اسلامياً دون تطبيقه او أي اثر له , ومن خلال استغلال التظاهرات الشعبية عبر مجموعة ضخمة على الأرض وعلى مواقع التواصل للسيطرة على مفاصل الدولة العراقية علمانياً عن طريق أشخاص يصرحون علناً ببراءتهم من الدين والثقافة العراقية ويطالبون بالتطبع مع إسرائيل . وهوية أخرى هي هوية الشعب العراقي الدينية والقبلية الأخلاقية التي أصبحت ضحية لغباء وفساد وخمول مؤسسات كان واجبها حماية هذه الهوية ووعي ان المشروع الأمريكي الثقافي أخطر من مشروعها العسكري .