سيماهم في سياراتهم

سيماهم في سياراتهم

الشارع مؤشر خطير على تقلبات المجتمع في التفاوت الطبقي ، والشوارع نقطة دالة على توجهات الناس ومزاجهم وانزلاقاتهم ، وفي غناهم وفقرهم .
الشارع فيه الستوتة ، والتوك تك ،، وفيه التاهو و الجي كلاس والكاديلاك .
لا يوجد في شوارع العالم من مشاهد ، مربكة ومرتبكة مثلما هو موجود في شوارع بغداد ، اختناقات مرورية قاتلة ، وعنتريات وسط تذمر وحالات نفسية ضاغطة ، وعندما ترتفع نبرات الصوت ،، تسحب فجأة مسدسات الموت ..!!

السيارات في شوارع بغداد ، صارت هوية
فأن كنت من حديثي النعمة ، فالتاهو تحت قدميك ، وان كنت من محبي حسين نعمة فالستوتة نصيبك ، وان كنت من ( العبرية) فالكوستر في خدمتك .
كنت أفكر ملياً بالحادثة المؤلمة التي ذهب ضحيتها الصحافي المغدور ليث محمد رضا ، في منطقة العرصات التي سكنتها لأكثر من ثلاثة عقود ، ولماذا ذهب ضحية لتهور سائق الجي كلاس ، وهذا مثال واحد لآلاف المتهورين الضالين من ابناء المسعورين .
شارع العرصات ،، مزحوم أصلاً بالسيارات ، شركة إرث- لنك ، اضافت للشارع اختناقات مرهقة ، المئات من موظفي الشركة يتركون سياراتهم مركونة في الأزقة وعلى الأرصفة .
الشارع اصبح من أهم الشوارع التجارية ، فيه أشهر الماركات من الملابس الرجالية ، معظم الشوارع الداخلية ، متخمة بالشركات الوهمية ، وبمقار خفية للفصائل الشقية .
قسم من البنايات تابعة للاخوة المسيحيين ، بيعت بثمن بخس إلى جهات متنفذة ، مهتمة بشراء العقارات بأساليب مبتكرة .
لم يعد شارع عرصات الهندية ،كما كان يوصف بشارع ” الحمرا البيروتي” أيام زمان ،، أنه يعج اليوم باولاد المسؤولين المتهورين من حديثي النعمة والجاه والسلطان ، هؤلاء يتنافسون ويتنابزون بنوع سياراتهم الذكية ، وهي أحياناً بلا ارقام ولا سنوية ،، وكأن الشوارع أمسى معارضاً شخصية .
وهنا يبدو التساؤل المر .. إلى متى تظل شوارعنا سارحة لاهية ، خاضعة للمتجاوزين من اصحاب الخناس ، وتحت رحمة من يطلق الرصاص لأتفه الاسباب على الناس ..!!
اشعر أحياناً بالغثيان ، فشوارع بغداد تثير الرعب ، وهي مكتظة بالناس والآهات ، وبالمطاعم والمقاهي والسيارات والمولات .
لايمكن التمييز ، بين المواطن والأجنبي ،، ألاف الأجانب يعملون بلا شروط الإقامة ، والبعض من ابناء المحافظات يتصرفون بلا ذوق ولا أستقامة ، والمتسولون يصولون ويجولون ، فما ان يترك واحد حتى يأتيك ثان وثالث وعاشر، وكأنك في سوق هرج ، محاولاً الهروب طالباً الفرج..!! .
والطامة الكبرى تكمن بتصرفات اولاد وحمايات المسؤولين ، من الذين يقودون سياراتهم بجنون ،، بلا ذوق ولا اخلاق ولا هم يحزنون .
سيماهم في سياراتهم ، وهي تلهث بألوانها ، وأرقامها الخاصة ،، برقمين او ثلاثة ، ومثل هكذا ارقام تكون من حصة التاهو والكاديلاك ،، من موديلات گام الداس يا عباس ..!!
معظم السواق بلا هوية ولا اخلاق ، يكفي انهم يحملون الباج وسلطة المزاج ، يهددون رجال المرور بلقب ابن الحاج ، وصاحب التاج .
سياراتهم مضللة ، وعيونهم مسمرة ، الرون سايد عندهم عادي ، والتعالي على شرطة المرور ماشي ، يشعرون ان كل من في الشارع دون مستواهم وغناهم ، بعضهم اهدوا سيارات التاهو لعشيقاتهم ، كل هذا يحدث يومياً في معارض وشوارع الكاكي ، مع وجود وزارة للداخلية بمليون منتسب ، و وزير للداخلية ، هو المحتسب و الحاسب ،، أما مدير عام المرور ، فسلطته وتنمره فقط على الكاسب وأم چاسب ..!!
ختم الكلام …
لا تسألوني لماذا هي مزدهرة سوق السيارات ، فأهل المعارض يعرفون من هم وراء تجارة السيارات من احزاب فاسدة دنيوية ، بيدها الاستيراد ، وتحت سلطتها المنافذ الحدودية ، واقول لكم مثلما ما قال السيد حيدر العبادي عن عقارات منطقة الجادرية .
ختم الكلام …
مزاجنا ،، يظل وسيظل متوتراً في جميع ايامنا العادية ، بعد ان صار اطلاق النار اسهل من اطلاق الصعادات النارية .