18 ديسمبر، 2024 9:44 م

سيف يمزق غمده 17

سيف يمزق غمده 17

موازاة النجاح الذي حققته سلسلة مقالاتي “دماء لن تجف” التي ما زلت اواصل نشرها، على الصحف والمواقع الالكترونية، وسأصدرها في “موسوعة” من أجزاء عدة، عن الشهداء الأبرار.. ضحايا الطاغية المقبور صدام حسين وحزبه “البعث” المنحل، أنشر سلسلة مقالات أخرى، بعنوان “سيف يمزق غمده” عن ضحاياه، الذين إختصمهم بعد ان دالت له الدنيا، خلال السنوات التالية على إنقلاب 1968؛ إذ تنكر صدام لرفاقه، متنصلا من مواثيق الرجولة؛ فنكل بمن لا يستجيب لتطلعاته نحو التفرد.. أزاحهم عن طريقه، ومحى ذكرهم، مهووسا بشهوة السلطة، التي جرّت على العراقيين.. إعتقالاتٍ وحروباً وحصاراً وإرهاباً وجوعاً وكوارثَ ومآسيَ وتخلفاً ودماراً وتبديداً للثرواتِ والكرامةِ.(17)
طارق حمد العبدالله
في واحدة من أسرار السلطة، همس طارق حمد العبدالله، لأحد أصدقائه المؤتمنين، وجوب الحفاظ على أصالة إبن العشيرة، مهما تقدم في المنصب، مرتقيا على مدرج الوظائف، ناسيا (او متحديا) أن العمل مع الطاغية المقبور صدام حسين، تحت هذا الفهم، مهلك!
وهو ما حصل للعبد الله فعلا… سواء أصدق البيان الحكومي، الذي أعلن موته منتحراً، العام ١٩٨٦؛ لكونه يعاني من كآبة، أم كذب وقد إغتيل عنوة؛ للتخلص من إلتزامه الاخلاقي، الذي يذكر المفسدين بـ “كابوس” النزاهة! ويجادل أشرعة الريح المصفحة، تتحاشي لطمة من موجة تمزقها..
سيرة هذا العسكري المعتد بذاته، متحدرا من رفعة “المحامدة” في الفلوجة، التي ولد بين دواوين عشائرها الاصيلة، مطلع الثلاثينات، تخرج في الكلية العسكرية ضابطا، وعمل مرافقا للرئيس الاسبق أحمد حسن البكر؛ وكان مقتله في ذلك؛ إذ إبتزه صدام حسين، يضغط عليه، مهددا؛ كي يشي بنقاط ضعف البكر، التي يأتمنه عليها.
توفي وهو برتبة عميد ركن، بعد ان تولى مناصب متوالية، هي: مدير عام ديوان رئاسة الجمهورية ووزير الصناعات الخفيفة.
عاش زاهدا بمغريات الحكم، فلم يجدوا فيه مطعنا؛ لذا بادروا الى قتله بوقاحة معلنة “أشكرى” لأنه لم يطعهم في الصغائر التي انتدبوه لها، والدليل أن ساعة موته، وقبل ان يعلم أحد بها، توجه علي حسن المجيد.. مدير الأمن العام، الى دار العبدالله، مهددا العائلة: “زوجك انتحر لأسباب نفسية تخصه، وأي حديث غير هذا سنعتبره شائعة مغرضة؛ نعاقب عليها بشدة” مؤكدا: “ورغم أن الحادث أنتحار، فأن السيد الرئيس (يقصد صداما) أمر باعتباره شهيداً، وستمنحون مرتب الشهيد ومخصصاته، وكل نفقات المأتم مدفوعة”.
قضي الامر الذي فيه تستفتيان، إذ سارت الدولة، بهذا الذعر سارت الدولة، مثل فرس جامحة، السوط فوقها يلوح بيد راكب طائش، تهاوى بها الى الدرك الذي غرقنا فيه.