23 ديسمبر، 2024 11:50 ص

سيف يمزق غمده – ٨

سيف يمزق غمده – ٨

بموازاة النجاح الذي حققته سلسلة مقالاتي “دماء لن تجف” التي ما زلت اواصل نشرها، على الصحف والمواقع الالكترونية، وسأصدرها في “موسوعة” من أجزاء عدة، عن الشهداء الأبرار.. ضحايا الطاغية المقبور صدام حسين وحزبه “البعث” المنحل، أنشر سلسلة مقالات أخرى، بعنوان “سيف يمزق غمده” عن ضحاياه، الذين إختصمهم بعد ان دالت له الدنيا، خلال السنوات التالية على إنقلاب 1968. تنكر صدام لرفاقه، متنصلا من مواثيق الرجولة؛ فنكل بمن لا يستجيب لتطلعاته نحو التفرد.. أزاحهم عن طريقه، ومحى ذكرهم، مهووسا بشهوة السلطة، التي جرت على العراقيين.. إعتقالاتٍ وحروباً وحصاراً وإرهاباً وجوعاً وكوارثَ ومآسيَ وتخلفاً ودماراً وتبديداً للثرواتِ والكرامةِ.
(8)د. رياض حسين
بدموع التماسيح، بكى صدام حسين، على وزير الصحة.. الشهيد د. رياض الحاج حسين، الذي أعدمه العام 1982، بيده، في أداء مفتعل، أسمته ريا إبنته: “ليس رئيسا، إنما ممثل” إذ لفق الطاغية سببا مفاده انه استورد دواء يقتل جرحى القوات المسلحة، أثناء الحرب ضد ايران.
ووزير الصحة د. الحاج حسين، عضو شعبة في حزب البعث وعضو مكتب مركزي، كتب على مطالعة الدواء القاتل: “اطلعت” أعفي على أثر ذلك، من منصبه، عائدا الى فتح عيادته، التي أعتقل منها في اليوم الاول 25 آب وأعدم يوم 10 تشرين الثاني 1982، بعد تعذيب ظلت آثاره عالقة على الجثة الى القبر.
تداول الشارع مقترحه بتنحي صدام عن الرئاسة، كي تتوقف حرب ايران، وانا شاهدت خلال شهر رمضان.. أثناء الافطار، يتحدث مع صدام حسين، على شاشة التلفزيون: “وجودك يعيق أداءنا في الدولة، لا نستطيع الاقدام على اية خطوة عملية، نبقى نتردد لإحتمال ان صدام حسين قد لايوافق، وريثما نستحصل موافقتك، بعد إجراءات عصيبة، يكون الموقف عبر والمرحلة تخطت القرار”.
في حين قال لصديق عمره الفنان د. علاء بشير: “لم أقترح على صدام التنحي” ثم استدرك قائلا: “السبب الوحيد الذي اعتقده وراء إعفائي، هو ان الرئاسة طلبت مني ذات مرة ان أرسل طبيبا بيطريا باعتباره طبيبا بشريا مختصا بأمراض الباطنية، الى اميركا لدراسة معالجة السموم، ورفضت ذلك، وقلت لهم ان هذا من شأنه ان يخلق لنا مشكلة اذا اكتشفت الجهات المختصة في أميركا اننا زورنا وثائق طبيب بيطري وجعلناه طبيبا بشريا، ثم ألحوا علي مرة اخرى لتنفيذ هذا الموضوع وكررت رفضي، وأعتقد ان هذا هو السبب الوحيد لانني شعرت ان الرئيس (صدام) غضب واستاء كثيرا من رفضي”.
بعد ذلك دبروا له قضية ملفقة، مفادها ان احد الاطباء اعطى جرعة مميتة من عقار بوتاسيوم كلوريد، وهذا العقار يعطى في حالات علاجية معينة وبنسبة مخففة، لكنه يميت.. موقفا القلب؛ اذا اعطي مركزا بكمية كبيرة، والمريض الذي مات بسبب هذا العقار من أهالي تكريت.. يعاني إصابة في رأسه، ميؤوس منها؛ فألقى صدام المسؤولية على الدكتور رياض واعتبره مقصرا، والحقيقة ان العقار لم يكن قاتلا بل هو مسؤولية الطبيب الذي لم يخفف التركيز.
وإن إفترضنا الوزير داخلا في تلافيف الاجراءات اليومية، داخل المستشفيات العامة، لا يوجد نص قانوني، في أي من دساتير العالم، يسمح بإعدام طبيب يخطئ.
برأته لجنتان شكلتا للتحقيق معه، الاولى برئاسة فاضل البراك.. مدير الامن، الذي أعدم ايضا، في مابعد، والثانية برئاسة سمير الشيخلي، مقرتان بخلو ساحته من الاتهامات الموجهة اليه.