23 ديسمبر، 2024 11:13 ص

سيف يمزق غمده – ٦

سيف يمزق غمده – ٦

بموازاة النجاح الذي حققته سلسلة مقالاتي “دماء لن تجف” التي ما زلت اواصل نشرها، على الصحف والمواقع الالكترونية، وسأصدرها في “موسوعة” من أجزاء عدة، عن الشهداء الأبرار.. ضحايا الطاغية المقبور صدام حسين وحزبه “البعث” المنحل، أنشر سلسلة مقالات أخرى، بعنوان “سيف يمزق غمده” عن ضحايا، ليسوا شهداء؛ إنما شركاؤه، الذين إختصمهم بعد ان دالت له الدنيا، خلال السنوات التالية على إنقلاب 1968. تنكر صدام لرفاقه، متنصلا من مواثيق الرجولة؛ فنكل بمن لا يستجيب لتطلعاته نحو التفرد.. أزاحهم عن طريقه، ومحى ذكرهم، مهووسا بشهوة السلطة، التي جرت على العراقيين.. إعتقالاتٍ وحروباً وحصاراً وإرهاباً وجوعاً وكوارثَ ومآسيَ وتخلفاً ودماراً وتبديداً للثرواتِ والكرامةِ.
(6)
 
صالح مهدي عماش
نفذ صالح مهدي عماش، الى السياسة فعليا، بعد خروجه من المعتقل، بنجاح إنقلاب 8 شباط 1963، حيث تولى فيه المشير عبد السلام محمد عارف، الحكم، مسقطا الزعيم عبد الكريم قاسم.
فعماش الذي ولد في الأعظمية 1914، لأسرة متواضعة، إلتحق بالكلية العسكرية، سنة 1945 متخرجا فيها عام 1948، ضابطاً درس في كلية الأركان ونال شارتها سنة 1952، منتظما في حركة الضباط الأحرار، خلال الخمسينيات ولم يتقلد منصبا في إنقلاب 14 تموز 1958، بل سجن عام 1959، وفي المعتقل إنتمى لحزب البعث، مع أحمد حسن البكر ومجموعة من العسكريين القوميين، مشاركاً في الإعداد لانقلاب 8 شباط 1963، الذي أدى فيه دوراً بارزاً، ليطلق سراحه، ويتولى حقيبة وزارة الدفاع، وبعد نكسة البعث العراقي اختير عضواً في القيادة السرية له، مشتغلا في التهيئة لانقلاب 17 تموز 1968 الذي أعاد البعثيين للسلطة، وأختير وزيرًا للداخلية، فنائبًا لرئيس الوزراء ثم نائبًا لرئيس الجمهورية.. المنصب الذي وضع رئيس الجمعيات الفلاحية صدام حسين التكريتي، عينه عليه؛ لذا وظف أحابيل فائقة الدهاء، في إزاحته، مستبعدا إياه بفنقله.. من نائب رئيس جمهورية، الى سفير للعراق في باريس وموسكو وهلسنكي..  أي بدرجة وكيل وزارة!
عزت عليه نفسه، وهو يتداعى إنهيارا بالمناصب، أمام صدام حسين.. شخص لا يرتقي له علميا ولا نضاليا ولا رتبة؛ لذلك إستدعته وزارة الخارجية للتشاور، فاعتذر وأقيمت ندوة للسفراء العاملين في الغرب، ولم يستجب، وتكررت الاستدعاءات مشفوعة بالاعتذارات؛ لأنه يعلم غدر غريمه ونوايا سلطة البعث وقد قبض صدام على لحى الرفاق.
أخيراً طلبت وزارة الخارجية من كل سفراء العراق التطوع في الحرب العراقية – الايرانية، ولم تنجح الخطة كذلك، وأمر صدام جميع سفراء العراق بالتوجه إلى الجبهة.. معايشة، حاكما على من يرفض بالجبن؛ فلبى الأمر.
صدام.. نهاز فرص، ذو بديهة حاضرة، إستغل وجوده في أحد فيالق المنطقة الوسطى، ليدس له السم في قدح شاي قدمه له قائد الفيلق أثناء حفل ضخم وموائد عليها ما لذ وطاب.
فجر يوم الأربعاء 30 كانون الثاني 1985 وبينما يهم بالتوجه إلى مقر عمله في هلسنكي سقط على الأرض ميتاً متأثراً بالسم الذي دسوه له في الشاي .على هامش حياته العسكرية الخشنة، كان مؤرخًا وشاعرًا دخل السجن مرتين، ونفي إلى القاهرة وعزل من وظيفته مرات عدة، ظل خلالها معتصما بإعتداده وأنفته وكبريائه.. عالي جناب لا تثلم علياءه محن.
من شعره ديوان: “صفحات من كتاب الحياة” الذي صدر عن دار الحرية للطباعة.. بغداد 1977 ومؤلفات في ستراتيجيات السياسة العسكرية، “المضمون العسكري للوحدة العربية” بيروت 1967 و”القيادة الناجحة.. دراسات تاريخية عسكرية عن فتح العراق.. فلسطين.. مصر.. ليبيا” مطبعة الحكومة – بغداد 1970 و”رجال بلا قيادة حول إسرائيل” المؤسسة العامة للصحافة والطباعة – بغداد 1971 ، وبشأن التاريخ له مؤلفات: “من ذي قار إلى القادسية” و”قتيبة بن مسلم الباهلي” و”حركات جيش المشرق الشمالي فيما وراء النهر” وزارة الثقافة والفنون – بغداد 1978.
أنجب أبناءً عدة، أشهرهم عالمة البايلوجية أ. د. هدى صالح مهدي عماش، التي عملت وزيرة في نهايات عهد صدام.. لغاية إنهيار دولته أمام قوات الإئتلاف، بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، يوم 9 نيسان 2003.