بموازاة النجاح الذي حققته سلسلة مقالاتي “دماء لن تجف” التي ما زلت اواصل نشرها، على الصحف والمواقع الالكترونية، وسأصدرها في “موسوعة” من أجزاء عدة، عن الشهداء الأبرار.. ضحايا الطاغية المقبور صدام حسين وحزبه “البعث” المنحل، أنشر سلسلة مقالات أخرى، بعنوان “سيف يمزق غمده” عن ضحايا، ليسوا شهداء؛ إنما شركاؤه، الذين إختصمهم بعد ان دالت له الدنيا، خلال السنوات التالية على إنقلاب 1968.
تنكر صدام لرفاقه، متنصلا من مواثيق الرجولة؛ منكلا بمن لا يستجيب لتطلعاته نحو التفرد.. أزاحهم عن طريقه، ومحى ذكرهم، مهووسا بشهوة السلطة، التي جرت على العراقيين.. إعتقالاتٍ وحروباً وحصاراً وإرهاباً وجوعاً وكوارثَ ومآسيَ وتخلفاً ودماراً وتبديداً للثرواتِ والكرامةِ.
(1)
حسين كامل
جاء حسين كامل، من أقصى تكريت “شمالي بغداد” يسعى الى الإلتحاق بإبن عمه.. صدام حسين.. رئيس الجمهورية، وكل ما يحمله من مؤهلات، رتبة “شرطي أول” مُبَلِغ.. ليس إلا.. “لا فوكها ولا تحتها”.. السماء والطارق، والنجم الذي ثقب فضاءات الدولة، برجل، صد الطائرات الايرانية، عن صدام حسين، على الجبهة أثناء حرب الخليج الاولى؛ فقربه منه، مسلما مقاليد الدولة إليه، بدءا بالتصنيع العسكري، ومرورا بكل تفاصيل البلاد.. مطلق الصلاحيات، بعد الله وصدام حسين، الذي لا رادع له.. يميت لكنه لا يستطيع ان يحيي.
تفانى في خدمته، مستزورا للتصنيع العسكري والدفاع و شؤون أخرى لا يعرفها أقرب أتباع صدام، مسهما بإعادة كربلاء التي عصت على الجيش، خلال إنتفاضة آذار 1991، فكانت تلك هي المعجزة التي لمّعت نجمه سياسيا.. داخل وخارج العراق.
في لحظة طيش، صفع وزير الري؛ فجرده صدام من كل مناصبه، حتى الحب والأثرة دونا عن باقي المسؤولين في الدولة؛ الامر الذي إنتهزته دوائر عالمية، إبان حصار التسعينيات، تحثه على مغادرة العراق؛ لإعداده رئيسا بديلا عن الطاغية الذي إستنفد أهميته منذ نهاية حرب أيران العام 1988.
تخلى عنه من دعوه الى الاردن، بضغط من المعارضة العراقية، ومحكمة العدل الدولية، التي أحرجت العاهل الاردني.. الملك حسين بن طلال؛ تطالب بتسليمه..
بجلال عظمته، وجد الحسين بن طلال، حلا، بإستحصال ميثاق رجولة، من صدام، بألا يعاقب كامل، عندما يعود؛ فلم يحنث بالعهد، لكنه إلتف عليه، كعادته في شؤون حياته كافة؛ ظهر من شاشة التلفزيون، يعطي الإذن بقتل حسين، قائلا، ما نصه: “الحكومة أعطته عفوا، لكن إذا عشيرته تجده عارا عليها، وتريد ان تستأصله، فنحن لن نقف بوجه إرادتها التواقة لنصاعة الشرف الذي شابه حسين كامل بخيانته”.
فلم يتوانَ نهاز الفرص.. علي حسن المجيد.. إبن عمهم الثالث، عن إقتناص السانحة، جامعا أبناء عشيرة “البوناصر” من أطراف قبيلة “البيجات” ومعهم عدي وقصي، بصفتهما رجلين في العشيرة، وليس ولدي صدام الذي تعهد للملك بعدم المساس بحسين!
قتل وسحل كامل في الشارع، دأبا على عادة العراقيين، فأثبت الطاغية المقبور صدام حسين، ألا عهد له، وأنه يلتف على الحقيقة بدهاء جبروته، الذي إنفرط بالتالي؛ محيقا به!