عندما تتكلم مع الآخرين حول السياسة الخارجية للبلاد (لاي بلد) فإنك سوف تتفاجئ بكون السواد الاعظم منهم مجمعون على أنها (اي السياسة) نسخة معدلة مما يقوم به رب البيت من ادارة لبيته و منها : تحري تفاصيل التفاصيل للافراد او السيطرة (المقنّعة) لادوات الحكم
على تحركات افراده وهذه اسلوب (الإدارة) للبلاد و العباد في بلادنا الشرقية وإلا ستنتشر الفوضى في انحائه.
لو طبقنا من ذكرنا آنفاً على وضع العراق المزري فسنلاحظ ان (ارباب) السياسة اضاعوا الخيط و العصفور معاً.. فمن جهة لا يستطيعون السيطرة إلا على الارض التي تحت اقدامهم و من جهة اخرى سمحوا للسياسات الخارجية في التحكم بقراراتهم الامنية و الاستراتيجية.
لم تمانع احزاب السلطة ان تسمح لقاسم سليماني مسؤول الحرس الثوري الايراني ان يسرح و يمرح كما يشاء ليس فقط في ادارة معارك الجيش العراقي ورديفه الحشد الشعبي لكن حتى في زيارة جرحاه (من الحشد) في مستشفيات بغداد بعينها جهاراً نهاراً و تصويره مع وزراء من حكومة العبادي وهم متلازمي الايادي والاذرع و كأنهم ابناء يعقوب .
تعلل حكومة العبادي هذا الوضع (الحميم) بانه ثمرة جهد (استشاري) لاتفاقية امنية مع الجارة ايران و يعلله الايرانيون بانه قرار بالمساهمة الفعلية (بالمال و السلاح و الافراد و طبعاً الدعاء) لوقف سيطرة (البعبع داعش) على مزيد من الاراضي المتاخمة لهم و تحجيم قوته (الامتناهية حسب قولهم) لكي لا يصل خطرهم ارض فارس.
صحيح لقد اثمر ما ذُكِر عن تحرير العديد من المناطق لكنه في الوقت عينه اوضح بما لا يقبل مجالاً للشك عن سيطرة ايرانية واضحة (مادية و معنوية) على مفاصل الحكم و القوة في حكومة العبادي (بموافقة امريكية مبطنة) و أصبح الجنرال سليماني سيف الله المسلول (على الاقل لجزء من البيت الشيعي) و بوجوده و بحنكته ستستمر الانتصارات على البعبع الداعشي و بعكسه ستصل قوات الدواعش الى الفاو.
ان امريكا تدرك هذا الوضع المعقد و هي (تستمتع) حقيقةً بما يقال في الاعلام عن كونها (مع شيعة العراق و ضد سنة داعش او ضد السنة عموماً) … وطبعاً هي ليست كذلك لكنها بهذه (الاسباب) تستطيع ان تتحرك بحرية اكبر داخل البيت الشيعي (كون السواد منه معارض لها بالفطرة) و تمكنها من تنفيذ مخططها في اضعاف البيتين (الشيعي و السني معاً) من خلال فرض ايدولوجيتها على الاول و حكومته و ترويض الثاني ليكون (عصاها المطيعة) ضد الاول.
كانت سياسة صقور الجمهوريين (المضطرة) بعد (2003 و حتى الانسحاب) هي في تشتيت الضغط على قواته المحاطة بالعراقيين و منع مهاجمة قطعاته من خلال تقوية الطرف الاكثر نفوذاً بين الاطراف (البيت الشيعي) لتقليل الحنق بين افراده على المحتل و اضعاف البقية (البيت السني و غيره) لحساب الاقوى لكن و بعد الانسحاب الامريكي و تأمين قطعاته خارج العراق فان السياسة الامريكية للديمقراطيين بدأت (كما اسلفنا) بأخذ زمام القرار السياسي من حكومة العبادي و انهاكها اقتصادياً و تعبوياً و السيطرة على حركة المجهود العسكري بواسطة (المستشارين العسكريين الامريكان) و بالتوازي مع امكانية لملمة قوى سنية فاعلة و اسنادها عسكرياً لتكون (عصا موسى) لهم وصناعة أمراء حرب فاسدون) و بهذا تتمكن من تحييد بلد (هو ضعيف اصلاً) و إركانه الى معسكر المتحالفين مع اسرائيل مع بقاء سياسييه (الفاسدين حد النخاع) تحت سندان و مطرقة امريكا منعاً لاي تغيير مفاجئ غير محسوب قد تاتي به صناديق الاقتراع و ضغط رجال الدين المتحكمين بالرأي العام.
خلاصة القول ان العراق بات تحت رحمة سياسة امريكية تقول فيها ” داعش من امامكم و امريكا و اسرائيل من ورائكم فختاروا أيُ الشرين أهون !”
فما هو خياركم يا اهل العراق ؟؟