راهن ألبعض على أن ثورة رجال العشائر والمجالس العسكرية والحركات والاحزاب الوطنية والقومية والاسلامية لايمكن ان تكون ثورة شعبية لكل ابناء العراق وبانها لايمكن ان تصمد وتقاوم الازمات الموضوعية الى تخلقها القوى المعادية والازمات الذاتية التي تنشأ بين الثوار لاسيما وان الصورة لهذه الثورة لازلت ضبابية للمشاهد الذي يراقب مجريات الامور وذلك جراء الحملة الاعلامية الغير مسبوقة التي تتبناها وسائل الاعلام والتي تقف بالضد او مع الثورة ، والبعض من المراقبين قد طال انتظاره لمعرفة القيادة الحقيقية لهذه الثورة فالثوار يفعلون اكثر مما يتحدثون ويسجلون اهداف يومية في مرمى العملية السياسية في العراق والنظام الذي انبثق عنها ومن يقف خلف هذا النظام وهذا الامر يذكر بما حدث في 17 ـ 30/ تموز في العراق ، سيفاجئ الثوار المراقبين اليوم بإرادتهم وعزيمتهم الصلبة في نزع فتيل اي احتراب طائفي او عرقي او اي صراع داخلي مثلما استطاع ثوار تموز من نزع أول فتيل كان مقدرا له أن يفجرثورة 17 ـ 30 تموز 1986 من الداخل وبفترة قياسية وذلك من خلال إقصاء جماعة عبد الرزاق النايف.
إن نوعية الظروف التي توجهها الثورة الشعبية اليوم لاتختلف عن الظروف التي واجهتها ثورة تموز بعد نجاحها والتي الزمت الثوار الى التوجه بالدرجة الأولى إلى تثبيت السلطة الوطنية سبيلا أساسيا للتفرغ باتجاه أهدافها، استطاع ثوار تموز التخلص من خطر تشويه هويتها والالتفاف عليها وحرفها عن الطريق الذي رسمته قيادتها وذلك من خلال القضاء على جماعة عبد الرزاق النايف كما أشرنا أعلاه، واستطاعت الثورة أيضا القضاء على شبكات التجسس العميلة وعلى رأسها الشبكات المرتبطة بالصهاينة التي كانت تصول وتجول في البلاد وذلك من خلال تعيلق الجواسيس في ساحة التحرير بعد محاكمة علنية عبر التلفاز برئاسة الحاكم علي هادي وتوت وكان الهدف الهدف تعليقهم هو الحد من ظاهرة التجسس التي كانت مستشرية قبل وإظهار التحدي العلني لكل ما هو استعماري، إمبريالي، صهيوني.
شرعت الثوار بعد ذلك في معالجة الأمراض الاجتماعية التي وظفتها دوائر خارجية بهدف زعزعة النظام وتم القضاء على المحاولات التي عملت على إسقاط الثورة وبدعم خارجي وهنا لابد من الإشارة إلى المؤامرة التي قادها عبد الغني الراوي بالتعاون من المخابرات الإيرانية والأمريكية ، والمعلومات التي تؤكد الدعم الخارجي لهذه المؤامرة الخارجية هو ما جاء في مذكرات عبد الغني الراوي المشارك فيها و المقيم في الرياض ومن خلال الحديث الذي أدلى به العميل سعد صالح جبر عبر الفضائيات والذي أكد مشاركته ولقائه بشاه إيران لنفس السبب.
كان يوم القضاء على تلك المؤامرة عرسا احتفلت به الجماهير عبر مسيرة امتدت من ساحة الميدان إلى حدائق القصر الجمهوري الذي فتح أبوابه للمتظاهرين وهم يحملون بنادقهم مؤكدين دعمهم للحزب وقيادة الثورة، وبالمقابل خرجت قيادة الثورة لتحي الجماهير من على شرفة، علينا أن نتصور جماهير مسلحه بمواجهة القيادة يحي أحدهم الأخر وبعد أشهر من الثورة يعد تلاحم إذا ما قورن بعملاء يحميهم المحتل الأمريكي يسكنون المنطقة الخضراء لا يستطيعون الخروج إلى شوارع بغداد بعد أكثر من عشرة سنوات ونيف لمواجهة الشعب والاطلاع على معاناته ، نعتقد جازمين ان ماسيحدث الايام القادمة وبعد دخول ثوار العشائرالى بغداد سيكرر نفس ماحدث مع بعض الاضافات والتعديلات ومنها التعامل مع المليشيات واللصوص .
خلال السنوات الأولي لثورة تموز1986 كان الكادر المتقدم يعقد اجتماعات جماهيرية في الساحات العامة والأحياء تحت عنوان (أنت تسأل والحزب يجيب) وكان أنصار وأعضاء الحزب يشاركون الجماهير في بناء العراق عبر حملات العمل الشعبي في أبو منيصير والدواية وجمع القطن في مزارع الصويرة، وكان البعض منهم يوزع معجون الطماطة والبيض والبطاطة في الأسواق الشعبية التي انتشرت في عموم العراق لمعالجة أي خلل بالوضع الاقتصادي وكان العمل تطوعيا.
تمكن ثوار تموز من القضاء على المشكلات التي برزت في السنوات الأولى وبالتوازي مع القضاء على تلك المشاكل وتراجع تأثيرها استطاع الثوار أن يوسعوا قاعدتهم الجماهيرية وتراكمت خبراتهم بمرور الزمن، لم يوزع الثورا دولارات على انصارهم ولم يكونوا مليشيات ترهب الناس بهدف دفعهم للانتماء كما هو حاصل هذه الأيام في ظل حكومة المنطقة الخضراء ، نعتقد ان الثورة الشعبية العراقية التي يقودها ثوار العشائر والمجالس العسكرية سيستفيدون من الدروس المستنبطة التي سجلتها ثورة تموز..
استطاع ثورة تموز خلق جسور الثقة مع الجماهير بفترة قياسية، فالثورة أدركت في السنوات الأولي إنها ورثت أزمة ثقة بين الجماهير والثورة، عاشت مرارتها في ضميرها وقلبها وعقلها، وعقدت العزم على تخطيها بثقة عالية بالنفس والجماهير وسيفعل ثوار العشائرمافعله ثوار تموز بهذا الجانب.