23 ديسمبر، 2024 2:29 م

سيزيف .. بين الاكراد والمالكي

سيزيف .. بين الاكراد والمالكي

الواضح  من متابعة مواقف رئيس الحكومة نوري المالكي ان تطبيق اجندة حزب الدعوة الاسلامية ومن صم  كتلته  البرلمانية  دولة القانون لها الاولوية في عمل الحكومة  العراقية  التي  يتراس  كابيتنها الوزارية للمرة الثانية ويرغب  برئاستها للمرة الثالثة  في  حكومة أغلبية  سياسية .
 ومن دون التطرق الى الكثير من الامثلة فان  ازمة الحكومة العراقية ومن ثم ازمة الدولة في عدم اتمام متطلبات البناء  العمودي لهرم الدولة حيث ما زال المجلس الاتحادي  وقانون المحكمة الاتحادية   في رفوف الخلافات  السياسية  كما ان  النظام الداخلي  لمجلس الوزراء هو ايضا  في سياق هذه الخلافات ، فضلا  عن  كثرة الحديث عن اهمية التوازن  في  توزيع المناصب الحساسة في الدولة لاسيما الامنية ، فضلا  عن الحديث عن تطبيق اتفاقات اربيل  الحادي عشر التي شكلت الكابينة الوزارية الثانية وفقا لها  برئاسة المالكي  من  دون  ان يدفع  لشركائه فيها  ما اتفق عليه ، بل  استطاع ان يطيح  بنائب رئيس الجمهورية  بالضربة القانونية القاضية ، وهو الان يستعد للإطاحة بوزير المالية  رافع العيساوي بذات الطريقة   ، فيما يطرح على  المتظاهرين تعديلا لقانون المسائلة والعدالة ، اتفق عليه في  مجلس الوزراء وكتلته  “دولة القانون ” تعلن صراحة رفضها تمريره  في  مجلس النواب  !!
اذا  كانت السياسة هي فن ادارة الدولة ، فان قدرات المالكي التي تبدو  خارقة وغير اعتيادية في  نيل المكاسب  لأجندته الحزبية  وبرنامج  دولة القانون  الانتخابي ، في صناعة الرمز العراقي الجديد ، باعتبار  ان حزب الدعوة يقود  ولا يقاد ، كما يكرر  الدعاة هذه المقولة في  كل  مناسبة احتفالية  ، يبدو ان المالكي قد  نجح  كليا في  تحقيق ما يريد  في النيل من الجميع  لصالح حزب الدعوة  ومن ثم  دولة القانون ،  همش من همش ، والغي من استطاع الغاء  وجوده السياسي ، وحجم من  استطاع تحجيمه ، وهكذا اصبح التحالف الوطني  مجرد  وعاء  لتركيب  قانوني ي مجلس النواب  من اجل رئاسة الوزراء ، ولم يمنح اية صلاحيات  في  ادارة الدولة الا حينما تتعرض لازمة  خانقة ، وهو ما تكرر في تصريحات  حلفاءه الاقربون في المجلس  الاعلى  الذي يزور المالكي  مقره  ويلتقي بزعيمه عمار الحكمي فقط في الازمات  الخطيرة التي  تهدد  وجوده على كرسي رئاسة الوزراء  كما حصل في ازمة سحب الثقة اتي اثارها ضده زعيم التيار الصدري  مقتدى الصدر باشتراكه في اجتماعات اربيل الثانية  .
اليوم يواجه المالكي ازمة من نوع جديد، تتمثل في التعاطي  مع موقف كردي  صارخ في رفضه للوعود المريرة التي  دحرج فيها المالكي  الجميع  وحملهم اثقالها ،  كما حمل  سيزيف ، في القصة الاغريقية المعروفة  تلك الصخرة عقابا  من الالهة  لدحرجتها نحو اعلى سفح الجبل  .
مشكلة الاكراد انهم ورثوا القرار 688  الصادر عن الامم المتحدة والذي  منحهم انموذج للحكم الكونفدرالي  ، مقابل رفض تقسيم العراق  واعلان استقلالهم  لأسباب  دولية واقليمية  واضحة  ، لكن تقنين  هذا النموذج    وما يلحقه من ضم لما يعرف بالمناطق المستقطعة  من حدود اقليم كردستان ، وشعوهم باستثمار الوقع العراقي الجديد  لمد هذه الحدود الى اخر  نقطة يتواجد فيها اي كردي في  مناطق مثل زرباطية  على الحدود العراقية الايرانية في  محافظة واسط ، ناهيك عن  مطالب  بالشراكة في المال  والقرار  مع  حكومة بغداد  ، جعل  المالكي  يكرر  وعوده بالحل  من دون  ان يأتي  بثماره  على ارض الواقع  .
  ولان الاكراد  معروفين  بعنادهم  ، فانهم  اليوم  امام مفترق طرق ، اما  شراكة كاملة  متكاملة او  فرق  وطلاق  على الارض  بإعلان الاستقلال  ، والسؤال  من سيحمل صخرة  سيزيف  .. المالكي ام برزاني  ؟؟
الجواب بتمثل في تصريحات برهم صالح في اسطنبول عن علاقات  مصيرية  مع تركيا ، وانفصام  مرجح  مع العرب وهي نبرة  تمثل  مفهوم  حق تقرير المصير الذي تكرر في تصريحات عائلة  البرزاني  بعد 2003 .